خاص- المقاومة الإقتصادية كلّفت الحزب المليارات... وهذا دور وحدة الأمان الإجتماعي! - محمد المدني

  • شارك هذا الخبر
Friday, March 5, 2021

خاص- الكلمة اونلاين

لا يتوقف خصوم حزب الله عن وصفه بـ"الجهاز العسكري" الذي لا يجيد سوى لغة الحروب والإستقواء، ولا يملون من تحميله وزر الحصار المدمر المفروض على لبنان منذ ما يقارب العامين، على قاعدة أن الحزب وتدخله بحروب الآخرين أوصلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم.

هؤلاء الخصوم وحلفاؤهم في الخارج يراهنون على أمرٍ هام طال إنتظاره، وهو انتفاض البيئة الشعبية الشيعية على الحزب، وإجباره على تقليم أظافر سياساته الخارجية والداخلية، منعًا لمزيد من التدهور الإقتصادي الذي يضرب مناطق حزب الله على غرار المناطق الأخرى.

ينقسم اللبنانيون حول توصيف الحزب، فالبعض يرى بأنه جهاز عسكري تابع للجمهورية الإسلامية في إيران وينفذ سياساتها، خالٍ من أي رؤية اقتصادية تنموية تحاكي الواقع الأليم، والبعض الاخر يرى بأن حزب الله ورغم أنه نشأ لغاية تحرير الأرض في الثمانينات، الا أنه يملك كل مقومات العبور نحو الدولة، وخير دليل على ذلك هو صمود مؤسساته ومنظماته رغم شراسة العقوبات ومتانة الحصار.

ومع أهمية المقاومة العسكرية التي يقودها حزب الله داخل لبنان، يشير متابعون إلى ضرورة ترسيخ فكرة المقاومة الإقتصادية التي وفي كثير من الأحيان تكون أهم من تلك العسكرية، خصوصًا في هذا التوقيت بالذات، حيث الحرب اقتصادية والعبرة بـ الصمود.

وتجدر الإشارة إلى أن المقاومة الإقتصادية هي طريقة للتعامل مع العقوبات، ونظرية جديدة طرحها المرشد الإيراني علي خامنئي كحل من الحلول الناجعة للمشاكل الاقتصادية.

أوساط حزب الله تحدّثت لـ"الكلمة أونلاين"، عن مقاومة حزب الله "الإقتصادية" أو ما يسمى بـ"نهج حزب الله الاقتصادي" للهروب من الإنفجار الاجتماعي الكبير، فقالت: "إن غاية حزب الله هو بناء دولة قوية تمتلك قطاعاً عاماً فاعلاً ومؤسّسات منتجة، وكل جهده منصب لتفعيل طاقة المجتمع باتجاه قيام دولة متكاملة الأركان السيادية والإجتماعية والوطنية".

وأشارت إلى أن "مأخذ حزب الله هو أننا كلبنانيين أنشأنا اقتصادًا على أساس الإستعانة بالخارج والإعتماد عليه في تضخيم ثروة وهمية، سرعان ما انكشف مع هذه الأزمة العميقة،
وأننا لم نملك ناصية خطاب عام يحاكي المصالح الوطنية الراسخة. واستعملت شبكات السلطة بكل عناوينها المعلنة والمخفية، لقمع الميول الوطنية والنزعات التحرّرية والإصلاحية. لتكون النتيجة تبديد الثروة الوطنية وسوء توزيع لها وعجز طال أعمدة الاقتصاد بكل مستوياته".

ولفتت الأوساط، إلى أن "المطلوب
بحسب حزب الله تبديل الاتجاه لانّ الأسُس التي قام عليها النظام الاقتصادي قد تقوّضت ولم يعد بوسع الريع والإستدانة أن يرمّما مشروعية الإقتصاد اللبناني المتآكلة"، معتبرة أن "الإقتصاد الريعي صار جزءاً من تاريخ الأفكار الإقتصادية إذ لا يمكن الإستناد إليه كقاعدة لتسيير شعب يعيش أصلاً على فوهة أزمات سياسية وتعقيدات طائفية لا حصر لها".

وأوضحت أن "تجاوز هذا النظام ، لا يكون إلّا من خلال تغيير المقاربة السابقة وتحرير تموضعاته الإقتصادية، ثم إنّ علاقات لبنان يجب أن لا تنحصر بالغرب، فحضور لبنان في الخارج يفترض أن يتيح له أوسع دائرة للشراكة مع الآخرين على أساس تلاقي الأهداف والمبادئ والقيم، أو تقاطع المصالح وتبادل المنافع. وهذا ما يدعو إلى أن تكون علاقاتنا الخارجية محررة من قيود الغرب ما يسمح بنشوء شراكات وتفاهمات خارجية مع الصين وروسيا ودول آسيا الوسطة وأمريكا اللاتينية أوسع نطاقاً ممّا يتيحه لنا الخيار الغربي بشروطه المتشدّدة وتكلفته المرتفعة، كما أنّ تنويع الخيارات يسمح بوصل لبنان من خلال العالم العربي وبالتضامن معه، بالمشاريع الإقتصادية العالمية الكبرى".

وشدّدت الأوساط نفسها، على "ضرورة الإقرار بفشل الخيار الغربي الذي هيمن على لبنان منذ نشأته وما زال بصورة ما، متحكّماً بمصيره. وتعبّر الأزمة المالية والنقدية التي نمرّ بها اليوم عن إخفاق هذا الخيار".

وردًا على سؤال يتعلق بـ بيئة حزب الله وما تعانيه من فقر ٍ وجوعٍ، أوضحت الأوساط أن "الأزمة في لبنان ليست خاصة ولا يمكن حصرها بفئة دون أخرى. كل الشرائح تتعرض اليوم لضائقة معيشية وضنك إقتصادي غير مسبوق. وحزب الله لا يحبذ أن يكون له إقتصاد خاص. أصلاً، إنّ هذه الفكرة غير علمية وغير واقعية".

وقالت: "نعم كل ما يقوم به الحزب ولا تقوم به أحزاب أخرى كما يجب هو مد يد المساعدة إلى أوسع شريحة من الفقراء في بيئته. لذلك هو استنفر كل طاقاته فأنشأ اللجان الاجتماعية في كل قرية تحصي عدد الفقراء وتوزع عليهم الأغذية ومستلزمات العيش التي تحافظ على الحد المعقول من الإحتياجات المطلوبة".

وأعلنت أن "المساعدات المقدمة من قبل الحزب وصلت الى مليارات الليرات بسبب خطة التكافل الشاملة حيث يرفع الشعار من الناس إلى الناس، أي من المتبرعين إلى الفقراء وبأعلى مستوى من السرعة والشفافية وهذا ما وجد صدى ايجابياً وارتياحاً عند الناس".

وكشفت الأوساط، أن "الحزب أنشأ منذ عام وحدة خاصة مختصة بالأمان الاجتماعي ونظم آليات عمل لتأمين المساعدات والدعم للعوائل الفقيرة، كما أنشأ عدة مؤسسات من أجل تأمين المواد الغذائية في حال حصل أي تطور سلبي في البلد، فضلاً عن أن هناك عدة مؤسسات إجتماعية تابعة للحزب تنشط في تقديم المساعدات ومعالجة الأوضاع الصعبة".

وأكدت أنه "ورغم بعض الصرخات المطلبية فإن بيئة حزب الله تثق بنهجه وسياسته، وعندما يقول الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لجمهوره أن بيئتهم منتصرة، يصدقون ويشعرون بهذا الإنتصار على الأرض".

وأشارت إلى أن "جميع الفئات في لبنان ومن ضمنها بيئة حزب الله متضررة من أزمة إرتفاع سعر الدولار وإنهيار الليرة، ولكن من منطلق قراءات سياسية وإحصاءات دقيقة، فإن بيئة حزب الله هي الأقل تضررًا، وذلك لوجود المتعاقدين داخل حزب الله الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار، فهؤلاء يصرفون أموالهم داخل بيئتهم، وأيضًا هناك رجال أعمال مقربين من الحزب يقومون بدعم الأُسر الفقيرة لا سيما تلك التي ليس لديها مدخول يومي أو شهري، وذلك عبر صناديق إجتماعية مخصصة لهذه العائلات".

وجزمت الأوساط، بأن "هذه العوامل هي من تحول دون إنتفاض بيئة حزب الله وليس القمع والترهيب كما يروج البعض، علمًا أن العديد من المناطق الخاضعة لنفوذ الحزب شهدت احتجاجات وتظاهرات محقة، لأن الأزمة حادة ولبنان يمر بأصعب الظروف السياسية والإقتصادية، لكن شعب حزب الله يُدرك أن المشكلة تكمن في السلاح والمطلوب نزعه بكافة الوسائل، لذلك في حال خُيرت هذه البيئة بين السلاح أو الرغيف تختار السلاح، لأنها تعلم جيدًا أن السلاح سيؤمن لها الرغيف في نهاية المطاف".