"متحدون" ودوره المحوري في الثورة: بوصلة ريادية وتحديد أهداف وتوجيه استراتيجي

  • شارك هذا الخبر
Sunday, November 10, 2019


من يتابع بيانات تحالف متحدون وخطواته منذ 28 أيلول 2019 حين إطلاقه لتحرك "لأجل لبنان فقط" يلاحظ وجود رؤية استراتيجية وخطة عملية كان لهما السبق في إطلاق ثورة عصيان مدني امتدت بزخم حتى اليوم ولا تزال تتمتع بغنى وإصرار لم يسبق للبنان أن شهد مثيلاً لها.

من هي هذه الجهة، لماذا يتم اعتماد أقصى أنواع التعتيم على نشاطاتها، ومن وراء طرحها ودعواتها التي سبقت كل الدعوات والتحضيرات الأخرى للثورة؟ ماذا يمتلك تحالف المحامين هذا ومن يعاونهم من عقول وموارد، ولماذا تخشاه السلطة ومن وراءها إلى هذا الحد؟

كما أن أوساط في الثورة لاحظت مواكبة مستمرة لآلية عمل "متحدون" تبيّن بلا شك بأن مؤسسه المحامي رامي علّيق يتمتع بتاريخ ‘ثوري’ حافل ومميز امتد من سنوات دراسته الابتدائية إلى الجامعية، حيث تمكن من قيادة التحرك الطلابي الأهم في الجامعة الأميركية في تشرين الأول 1994 وتوحيد الطلاب والذي انتهى بتركه للعمل الطلابي ضمن حزب الله لينضم ورفاقه الطلبة إلى إطار وطني أوسع لبنان في صلبه، ما عبّر عنه في كتبه لاسيما ‘ثلاثية طريق النحل’ التي أطلق أولها عام 2008 (طريق النحل) بعد الانقسام الحاد الذي شهده البلد إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري. والملفت أن علّيق استطاع الخروج من الإطار الذي تم حشره فيه كمعارض لحزب الله إلى فضاء الوطن الأوسع الذي حوّل معارضته تلك إلى إصلاح ما فسد أكثر مما هي انتقاد للحزب، من خلال إطلاقه وللمرة الأولى لـ ‘ثورة 10 تشرين الأول’ العابرة للأحزاب والطوائف ثم لتحالف متحدون بعد انتفاضة 2015 بحيث تخطى هذا التحالف مجرد الشخص (علّيق) ليضم عدداً لا بأس به من المحامين من مختلف المناطق والمشارب والذين ظهرت أسماؤهم على عشرات دعاوى الفساد الموثقة بالدلائل والبراهين وأبرزها في ملفات الضمان الاجتماعي والنفايات وفساد المؤسسات العامة والحريات.

إن المهنية التي يتحلى بها محامو متحدون واستعدادهم الدائم لتحمل مسوؤلية الدعاوى القضائية التي يتقدمون بها، ليس بالوكالة فحسب بل أيضاً بالأصالة عن أنفسهم كواطنين بالدرجة الأولى مع ما يستتبعه ذلك من مسؤوليات اتجاه ما يقدمونه من أدلة (في مقابل اكتفاء الآخرين بصيغة ‘الإخبار’)، ترقى بـ "متحدون" إلى مستوى ‘الوكالة’ الوطنية الأهم في مكافحة الفساد والتي يستطيع أي مهتم بالموضوع من قوى سياسية أو مستقلة أو هيئات دولية أو سواها التعاون معها والاستفادة من قدراتها، هذا إن لم نتطرق إلى تأثيرها الملفت في مسار ثورة العصيان الحالية بحيث اكتسبت شعاراتها شعبية في الثورة واحتلت الصدارة فيها (إنجاز ورقة أهداف ومطالب ثورة "لأجل لبنان فقط" بعيداً عن أي تدخل خارجي، إطلاق الشرارة الأولى صباح 17 تشرين الأول بقطع الطريق بالسيارات أمام المصرف المركزي ووزارة الداخلية، "ارحل" و"ارحلوا" ومظاهرة قصر بعبدا، "نعم للعصيان المدني" والتوجه نحو أهداف محددة بدلاً عن الاكتفاء بقطع الطرقات، "حاصر حصارك" ومظاهرة بيت الوسط قبيل استقالة الحريري ثم استهداف مؤسسات الفساد، "خارطة الطريق للتغيير الديمقراطي" ومراحل إنجازات الثورة، محكمة الشعب، إلخ) بعد أن رسم التحالف استراتيجية واضحة منذ البداية وكيّفها مع تطور الأحداث، ليعلن الخطوات واحدة بعد الأخرى فتكون بعد ساعات عنواناً في الساحات.

والملفت أن "متحدون" قد حقق كل ذلك بإمكانات محدودة جداً (٦٨٠٠ دولار بحسب ما فصّله على صفحته على الفايسبوك)، فكيف إذا تلقى دعماً أكبر من اللبنانيين، وهل كان ذلك في حال توفر هذا الدعم سيختصر الجهد والوقت لإجبار السلطة على الرضوخ لإرادة الشعب؟

وماذا في جعبة "متحدون" للمرحلة القادمة بعد قيام محاميه بالخطوة السباقة الأهم: البدء بتطهير القضاء بشكل فعلي، حيث بيت القصيد، من خلال التقدم بشكوى بوجه النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم؟ وهل سيبقى الإعلام حاجباً لنشاطه ونشاط الجديين من أمثاله عن الرأي العام، أم داعماً لآليته الأنجح في مكافحة الفساد واسترداد الأموال المختلسة وإعادة تشكيل السلطة على أسس صحيحة؟