في ذكراها الخامسة عشرة... تفاصيل جديدة ومُثيرة عن عمليّة اعتقال صدام حسين

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 15, 2019

السطور الأولى من الملف الذي نشرته مجلة "Esquire" الأمريكية مؤخراً بمناسبة ذكرى إلقاء القبض على صدام حسين، شدّت انتباهي خلال رحلتي في القطار الذي حملني الى وجهتي في أوكلاند. كما لو كنت أشاهد فيلماً وثائقياً مثيراً، رحت أقرأ المقابلات العديدة التي تضمّنها مع عسكريين وساسة ومترجمين وأطباء كانوا على تماس مع العملية الشهيرة وساهموا في الإعداد لها وتنفيذها بشكل مباشر أو غير مباشر... يتخذ الملف من الظهور الأخير للرئيس السابق في شوارع بغداد في شهر نيسان واختفائه الذي تلا دخول القوات الأمريكية منطلقاً لسرد تفاصيل رحلة البحث الصعبة عنه، والتي استمرت قرابة تسعة شهور حتى كاد الأمل بالعثور على "الهدف الثمين رقم واحد" يتلاشى تماماً.
"العراقيون كانوا يخافونه ويخشون من عودته الى السلطة،" يقول اللواء راي أوديرنو، قائد فرقة المشاة الرابعة، موضحاً "كان قوياً لدرجة جعلته شبيهاً بالشخصيات الأسطورية الخارقة، كما لعب نجاحه في الفرار دوراً في ترسيخ أسطورته في نظر العوام على نحو متزايد".
آلية البحث عن صدام
أدرك الأمريكيون أن تتّبع آثار مسؤولي النظام السابق الذين ظهرت صورهم على أوراق اللعب الشهيرة لن يقودهم الى العثور على صدام حسين، فالأخير كان مرتبطاً بشبكة مختلفة من الأقارب ومعارف الطفولة، الأمر الذي رجح كفة لجوئه الى تكريت والمناطق المحيطة بها حيث وُلد وعاش لسنوات طويلة قبل قدومه الى العاصمة. "لو نظرنا الى اقتفاء آثار زعيم تنظيم (القاعدة) في العراق أبي مصعب الزرقاوي، ولاحقاً أسامة بن لادن، ندرك أن كِلتي العمليتين اعتمدتا على تعقّب الهواتف النقالة التي كانا يستخدمانها ولم يكن باستطاعتهما التحرّك من دونها... مع صدام، كان الأمر مختلفاً تماماً، فلم يكن هناك خط جوال واحد يقودنا إليه، ولذلك تركّزت جهودنا على استجواب المقرّبين منه من السجناء الذين كانوا بحوزتنا"، حسب ما أوضح الرقيب المسؤول عن التحقيق إيريك مادوكس.
نقطة التحوّل
قادت الاستجوابات إلى مزيد من الاعتقالات، ومع التحقيقات المكثّفة مع السجناء الجدد بدأت الشكوك تحوم حول عائلة بعينها هي عائلة المسلط، التي عمل عدد من أفرادها ضمن طاقم حماية صدام. وجاءت نقطة التحول في شهر يونيو، عندما تطوّع اثنان من رجال الأعمال العراقيين بالكشف عن تفاصيل مذهلة عن جهاز الأمن الرئاسي الذي هيمنت عليه نصف دستة من العوائل التي كانت شاهدة على رحلة صعود حسين الى قمة السلطة منذ الخمسينات، كما ارتبطت مع قبيلته بعلاقات قربى ومصاهرة. "الأمر بدا شبيهاً برسم شجرة عائلة لتوني سوبرانو" (الشخصية المحورية في المسلسل الأمريكي الشهير عن رجال المافيا)، والتعليق للمقدم ستيف راسيل الذي كان قائداً للكتيبة الأولى في فرقة المشاة الحادية والعشرين. مع استمرار التحقيقات وتدفق المعلومات برز اسمان بعينهما، كان أولهما "حدّوشي" والآخر هو "محمد ابراهيم المسلط". تمّ شن غارة على مزرعة الأول، الواقعة في ضواحي تكريت، حيث كانت مفاجأة كبيرة بانتظار الجنود الذين اقتحموا الموقع على غفلة من المتواجدين فيه. ظهر الارتباك جلياً على امرأة بدت فظة للغاية وقد جُن جنونها مع اقتراب القوة المداهمة من الحديقة التي حملت آثار حفر حديثة... ما إن أُزيح جزء من التربة، حتى ظهرت قمة حاوية حديدية مدفونة كانت تضم قرابة عشرة ملايين من الدولارات الأمريكية في رزم أحاطت بها أربطة مصرف "تشيس مانهاتن". لكن ذلك لم يكن كل شيء.