أما وقد انتهت القمة العربية بسلبياتها وإيجابياتها فان الساحة المحلية تنتظر اشتعال معارك سياسية على اكثر من مستوى وأكثر من صعيد، الاصطفاف المقبل قد يقسم الافرقاء بين مؤيد ومقاطع للقمة وبين من عمل على إنجاحها وبين من ساهم أو سبب بإفشالها بمعزل عن الأسباب والدوافع. الأمر الوحيد الذي يتوافق عليه أعضاء كتلتي التنمية والتحرير ولبنان القوي هو ان العلاقة بين رئيس المجلس نبيه بري ورئيس التكتل جبران باسيل قد انقطعت ودخلت مرحلة صعبة جدا ويتوقع الجانبان ان تبدأ معركة شرسة بين الجانبين قد تصيب رئيس الجمهورية وهذا ما بدأ بالفعل من خلال اقتراح قانون تقدم به نواب حركة أمل يتعلق بتعيينات مجلس الخدمة المدنية يتخطى توقيع رئيس الجمهورية .
العلاقة بين الجانبين صعبت على حزب الله مهمة المعالجة أو التطويق ، إذا ما أراد ذلك.
إذا صحت المعلومات فان المواقف الإيجابية التي يطلقها الوزير باسيل باتجاه حزب الله والنظام السوري لاقت صدى إيجابيا لدى الطرفين ،قد تطيح بموقف الرئيس بري الأخير في موضوع دعوة الأسد إلى القمة، من حيث تسجيل النقاط لدى دمشق. باسيل قال " ان سوريا هي الفجوة الأكبر اليوم في مؤتمرنا ونشعر بثقل فراغها بدل ان نشعر بخفة وجودها وسوريا يجب ان تعود إلينا لنوقف الخسارة عن أنفسنا ..." لاشك ان هذا الكلام وغيره توقف عنده المعنيون في دمشق اذ ان أوساطاً في قوى ٨ من آذار تعتبر ان باسيل يقدم دائماً لسوريا ومحور الممانعة كوزير للخارجية اكثر مما قدمه اسلافه يؤمنون بالممانعة . فالرئيس بري استطاع استمالة السوريين من خلال شن معركة لدعوة الأسد إلى القمة وإلا فلتلغى لاسيما ان السوري كان يعمل على الغائها أو إفشالها الا ان باسيل ذهب ابعد من ذلك في مواقفه .
في أي حال هذا التوتر سيزيد الشأن الحكومي تأزماً وتعطيلاً اذ ان كل طرف سيبقى متمترساً خلف مواقفه بل سيزداد تشدداً ، وإذا كان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ألغى زيارته إلى دافوس لتفعيل مشاورات التشكيل الا ان جهوده لن تحرز أي تقدم ، وإذا كان حزب الله يميل إلى تأييد مواقف باسيل الأخيرة الا انه لن يقدم له جائزة ترضية في موضوع الثلث الضامن في الحكومة العتيدة.