أجواء الحزب: المبادرة الخليجية 17 أيّار جديداً!

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 28, 2022

شهد لبنان تطوّرين سياسيّين بارزين في الأيام الماضية، يضعان حزب الله أمام مهمّة ثقيلة وإزاء خيارات ليست سهلة:

الأوّل هو القرار الكبير الذي اتّخذه الرئيس سعد الحريري باعتزال العمل السياسي ووقف نشاط تيار المستقبل.

والثاني هو المبادرة التي حملها وزير الخارجية الكويتي إلى لبنان، والتي تتضمّن مجموعة شروط قاسية ينبغي أن ينفّذها لبنان خلال مهلة محدّدة.

والأهمّ في هذه المبادرة، حسبما ذكر الوزير الكويتي، أنّها تمثّل دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن وأميركا ودولاً أخرى عربية وغربية.


فأيّ قرار سيتّخذه الحزب إزاء هذه التطوّرات؟ وما هي الخيارات المتوقّعة في المرحلة المقبلة؟

اللافت أنّ حزب الله والمسؤولين فيه حرصوا خلال اليومين الماضيين على عدم إصدار أيّ تعليق مباشر أو غير مباشر على القرار الذي اتّخذه الرئيس سعد الحريري. وتفسير ذلك أنّ قيادة الحزب طلبت من المسؤولين فيه عدم التعليق بانتظار صدور موقف معلن إمّا عن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله أو عن أحد القياديّين البارزين. ولم يُصدر الحزب أيّ موقف أو تعليق رسميّ يتّصل بالمبادرة الكويتية، وترك لبعض الهيئات الدينية أو الشخصيات السياسية والإعلامية القريبة منه التعليق على المبادرة وإعلان رفضها واعتبارها استسلاماً لشروط تشبه اتفاق 17 أيار. وقد نشرت الزميلة غادة حلاوي في جريدة "نداء الوطن" بعض الأجواء القريبة من الحزب التي تشير إلى رفض المبادرة.

ad
وعادةً ما يعتمد الحزب الصمت أو تأخير التعليق المباشر عندما يكون الحدث السياسي غير تقليدي ويحتاج إلى قراءة معمّقة ويتطلّب مواقف حاسمة، ويترك المجال لتعليقات غير رسمية، أو يوصل الرسائل عبر الحلفاء والمقرّبين منه إلى الجهات المعنيّة.



ارتدادات سياسية وأمنية

نحن اليوم إزاء تطوّر غير تقليدي على صعيد الواقع السياسي في لبنان، يتمثّل بانسحاب تيّار سياسي كبير كان له دور مهمّ في الحياة السياسية اللبنانية طوال ثلاثين عاماً. ولا يقتصر الأمر على انسحاب الرئيس سعد الحريري شخصيّاً فقط، بل قد يكون لهذا القرار ارتدادات على كلّ الواقع السياسي اللبناني، سواء من خلال انسحاب قوى أو شخصيّات أخرى من العمل السياسي وصولاً إلى احتمال عدم إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، أو من خلال ارتدادات أخرى أمنيّة وسياسية متوقّعة في المرحلة المقبلة. فما حصل هو أشبه بزلزال سياسي وشعبي كبير ستكون له تداعيات كثيرة، ولن يكون من السهل ملء الفراغ الحاصل داخلياً أو خارجياً.

أمّا تزامن قرار الرئيس سعد الحريري بالانسحاب من الحياة السياسية مع وصول الوزير الكويتي وحمله الشروط الكويتية العربية الدولية، فسيكون له أبعاد أخرى. حتّى لو لم يكن بين الحدثين علاقةٌ مباشرة. فهذه المبادرة التي تتضمّن شروطاً تضع لبنان واللبنانيين عامّة، وحزب الله خاصّة، أمام تحدّيات كبيرة. فالاستجابة لبعض الشروط غير ممكنة وغير واقعية، خصوصاً تطبيق القرار 1559 ونزع سلاح حزب الله، وستُدخِل البلاد في أزمة كبيرة. أمّا عدم الاستجابة فستؤدّي إلى مزيد من الضغوط الداخلية والخارجية على حزب الله ولبنان واللبنانيين.


فما هي الخيارات المتوقّعة أمام الحزب ولبنان في المرحلة المقبلة؟ وهل نحن ذاهبون إلى مزيد من التصعيد الداخلي والخارجي؟ وهل تتحمّل بعض الدول العربية والغربية انهيار لبنان وضرب استقراره ودخوله في صراع داخلي كبير أو فوضى أمنيّة وسياسية؟

قد يكون تأخير الجواب اللبناني أو الفصل بين المطالب الممكنة التطبيق والمطالب غير الممكنة التطبيق هو أحد الخيارات التي ستُعتمَد، وذلك لتأجيل الانفجار الكبير أو لأخذ بعض الوقت من أجل الوصول إلى تسويات داخلية أو خارجية تعالج هذه الملفّات الساخنة.

وسيدرس حزب الله بعمق كلّ هذه التطوّرات ولن يتنازل بسهولة. وسيبحث في كيفيّة ملء الفراغ الحاصل على الصعيد السياسي والشعبي بعد انسحاب الحريري وتيار المستقبل من العمل السياسي. وسيكون الحزب أمام مهمّة صعبة وثقيلة في المرحلة المقبلة تشبه، إلى حدٍّ ما، مرحلة ما بعد صدور القرار 1559 والتمديد للرئيس إميل لحود عام 2004 أو لحظة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005.

فأيّ الخيارات سيتّخذها الحزب في الأيام المقبلة؟


قاسم قصير- أساس ميديا