خاص- خطة محكمة بين عون وباسيل لترويض الحزب! - بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, December 29, 2021

خاص- الكلمة اونلاين

لم يكن العارفون بشخصية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الحالية وبالتحديد بعد ان انتقل عام ٢٠١٦ الى قصر بعبدا يتوقعون منه كلمة مختلفة بالشكل او بالمضمون عما اتت كلمته مطلع الاسبوع. فكل حديث عن قنبلة سيفجرها، وذهاب البعض لحد الكلام عن طلاق سيعلنه مع حزب الله وحتى عن استقالة سيقدمها قبل اشهر من انتهاء ولايته الرئاسية، لم يعن هؤلاء الذين باتوا يدركون ان العماد المقدام الشجاع من اعتاد الهجوم اللاذع من منبر مقره في الرابية دون ان يرف له جفن، وقبلها من منفاه الباريسي، هو غيره العماد الرئيس اليوم الذي يدقق بكلماته ومواقفه قبل الخروج بها الى العلن حاسبا الف حساب لصداها ان كان على مستوى تأثيرها بالمشهد السياسي العام وما اذا كانت تفاقم الازمات او تشكل منطلقا لحلها، والاهم على مستوى تداعياتها على مستقبل وريثه السياسي رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.

بالامس التزم عون الرئيس بخطة تبدو محكمة لترويض حزب الله. خطة بدأ بتطبيق بنودها باسيل نفسه في مؤتمره الصحافي الاخير بعد "لا قرار" المجلس الدستوري قبل ان يستكملها عون بالامس على ان يكون التاريخ الذي حدده رئيس "التيار" في الثاني من كانون الثاني موعدا نهائيًا لتبيان مصير هذه الخطة وما اذا كانت أدت غرضها او فشلت.
وتقوم هذه الخطة على التصعيد بوجه حزب الله بالشكل والمضمون لحثه على تقديم تنازلات ل"الثنائي" عون- باسيل، وهي خطة اذا لم تنفع مع الحزب، لا شك تخدم "الثنائي" المذكور انتخابيا في وقت يبدو "التيار" بأمس الحاجة لشد عصب جمهوره الذي قارب مرحلة اليأس.

فبعدما هدد باسيل بتبعات سياسية لموقف "الثنائي الشيعي" من خلال الاعضاء المحسوبين عليه في المجلس الدستوري، سارع بعض النواب والقياديين العونيين بتفسيرها على انها توجه لفك التحالف مع حزب الله، اعتمد عون في خطابه الاخير لغة أقل حدة بالشكل ولكن بنفس القساوة في المضمون. فالى جانب الصيغة المحكمة التي اعتمدها لانتقاد تعطيل "الثنائي الشيعي" من دون ان يسميه، عمل الحكومة، وجه عون سهمين لا شك لن يكون الحزب مسرورا كثيرا بآثارهما. الاول مرتبط بانتقاده المباشر لدور حزب الله الخارجي بقوله:"ما هو المبرر لتوتير العلاقات مع هذه الدول العربية والتدخل في شؤون لا تعنينا؟" والثاني والاهم حديثه عن الاستراتيجية الدفاعية التي لم يعد حزب الله ومنذ اعوام يقبل بالعودة للنقاش فيها، ولعل اكبر دليل على ذلك ما ورد مؤخرا على لسان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لجهة قوله انه "لم يعد ممكنًا أن يكون ‏النقاش حول المقاومة كأي نقاش عادي في البلد". اذ يبدو محسوما بحسب مصادر مطلعة على جو حزب الله ان العودة للبحث بموضوع سلاح المقاومة على طاولة في بعبدا او في اي مقر آخر امر لن يقبل به الحزب خاصة في مرحلة يعتبر فيها ان بات لديه من قوة ونفوذ ما يسمح له بتعطيل اي دعوة لحوار تحت هذا العنوان، ولو كان الامر غير ذلك لما تردد عون بالدعوة للبحث بالاستراتيجية الدفاعية مجددا في الاعوام الماضية خاصة بعدما كان قد وعد بذلك قبيل انتخابات ٢٠١٨. وبما ان انتخابات ٢٠٢٢ باتت على الابواب ارتأى عون لعب هذه الورقة مجددا فيدغدغ بها حزب الله وبنفس الوقت يلبي بعد مطالب جمهوره الممتعض من حالة التراخي بطريقة التعاطي مع الحزب الذي يتهمونه بتعطيل وافشال العهد بالتكافل والتضامن مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

ولكن خطة عون- باسيل لا تلحظ نسف كل الجسور مع الحزب، فعملية الترويض تقتضي الكثير من الحنكة، لذلك تجنب عون في خطابه ذكر موضوع القضاء والتحقيقات بانفجار المرفأ وتمسكه بالقاضي البيطار، ما يعني عمليا القول لحزب الله "طريها ونحن مستعدون لملاقاتك بالاطاحة بالبيطار بطريقة او بأخرى ومن البوابة القضائية لا السياسية والحكومية".

بالمحصلة، باتت الكرة اليوم في ملعب حزب الله. فاذا عُقد لقاء قريب بين باسيل وامين عام الحزب حسن نصرالله يمكن القول ان خطة "الثنائي" عون- باسيل نجحت واننا سنكون بصدد حلحلة قريبة للازمة الحكومية، وفي حال العكس فباسيل سيعيد الكرة الى ملعبه ويواصل التصعيد من دون استبعاد اعلانه فك التحالف مع الحزب مطلع العام..سواء كان ذلك منسقا مع الحزب وغاياته انتخابية او انه نتيجة قناعة القيادة العونية بعدم جدوى استمرار التحالف، ففي الحالتين ذلك سيعيد ضح الدم في الشرايين العونية التي شارفت مرحلة اليباس وفي ذلك مصلحة اولا للقيادة العونية وثانيا لحزب الله نفسه الذي ورغم كل الانتكاسات الاخيرة بعلاقته بالتيار، يفضل الف مرة بقاءه ممسكا بالاكثرية المسيحية على تسليمها لعدوه التاريخي رئيس "القوات" سمير جعجع.