خاص- " وباء الإنتهاكات " يضرب بيروت قبل ان يُصيب البحرين- بقلم جان الفغالي
شارك هذا الخبر
Friday, December 17, 2021
ما هو حُكم توفير العلاج إلى المريض ، ولكن بتأخير اسبوعٍ عن الموعِد المحدَّد ؟
يموت المريض ، او في أحسن الاحوال يدخل في غيبوبة بين الحياة والموت.
هذا ما حصل بالنسبة إلى قضية " جمعية الوفاق البحرينية " ونشاطها المريب في بيروت ، وتسبّبِها بأزمة بين لبنان والبحرين ، في وقتٍ لم يكن لبنان قد خرج بعد من " النقاهة الديبلوماسية" إثر الوعكة التي المَّت به مع السعودية والتي تسبب بها وزير الإعلام جورج قرداحي.
" الفضيحة البحرينية " في لبنان هي فضيحة
"عجز" السلطة اللبنانية عن معرفة ماذا يدور في " قلبِ بيتها" .
جمعيةٌ بحرينية محظورة منذ خمسة اعوام ونصف عام ( تموز 2016 ) ، والقاصي والداني يعرف بذلك ، تحضر إلى بيروت، وتعقد مؤتمرًا تحت عنوان " وباء الإنتهاكات " ، تتحدث فيه عن "انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين من ٢٠١٩ حتى منتصف ٢٠٢١"..
كان ذلك يوم الخميس الفائت في الثامن من هذا الشهر ، لم يحدث ذلك في السر بل في العلن . انعقد المؤتمر في فندق "لانكاستر" في الحازمية،ونقلت وقائعه مباشرة " قناة العالم" الإيرانية ، وغطَّت وقائعه قناة تلفزيونية محلية وعدد من وسائل الإعلام والصحف والمواقع الالكترونية المحلية .
وحدَها الدولة لم تعرف بالمؤتمر! على رغم انعقاده في منطقة تبعد كيلومترًا عن القصر الجمهوري في بعبدا ، وتعج بالسفارات والقنصليات والمنظمات العربية والدولية ، وأعين المخابرات وسائر الاجهزة الامنية ترصدها اربعًا وعشرين ساعة على اربع وعشرين ، ومع ذلك لم تعرف الدولة بالمؤتمر ، لكن التوصيف الحقيقي لِما جرى ، هو ان الدولة "طنَّشت" لأنه لا يُعقَل الا تكون قد عرفت به ، لكنها لا تريد ان تفتعل مشكلةً مع حزب الله الذي يرعى المؤتمر ويغطيه، وكذلك مع إيران التي نقلت إحدى قنواتها التلفزيونية المؤتمر مباشرة.
المضحك المبكي في الموضوع ، ان الدولة لم تتحرك إلا بعدما غضبت مملكة البحرين .
فبعد اربعة ايام على انعقاد المؤتمر ، وخلال هذه الايام لم تحرِّك السلطات اللبنانية ساكنًا حيال الإساءة التي لحقت بالبحرين ، قدمت الخارجية البحرينية، احتجاجا شديد اللهجة إلى الحكومة اللبنانية، بشأن استضافة المؤتمر، وعبرت عن بالغ أسفها واستنكارها من استضافة العاصمة اللبنانية مؤتمرًا لعناصر معادية ومصنفة بدعم ورعاية الإرهاب، لغرضِ بث وترويج مزاعم وادعاءات مسيئة ومغرضة ضد مملكة البحرين".
حيال هذا البيان الشديد اللهجة، " استفاقت " السلطة اللبنانية على أمرٍ جلل ، كان من شأنه ان يتسبب بازمة ديبلوماسية . هذه الاستفاقة جاءت بعد اربعة ايام على انعقاد المؤتمر وإذاعة بيان
" وباء الانتهاكات " : الرئيس ميقاتي شجب التطاول على مملكة البحرين، قيادة وشعبا، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية، والإساءة إليها باي شكل من الاشكال ، كما أكد رفض استخدام لبنان منطلقاً للإساءة إلى مملكة البحرين والتطاول عليها، مثلما يرفض الإساءة إلى الدول العربية الشقيقة، ولا سيما منها دول مجلس التعاون الخليجي"..
لكن هذه " الاستفاقة " هي كتوفير العلاج ولكن بعد دخول المريض في غيبوبة، والاسئلة تزدحم : لماذا لم يُمنع المؤتمر قبل انعقاده ؟ هل اراد الرئيس ميقاتي ان يُمسِك العصا من الوسط ؟
" يُطنِّش " عن انعقاد المؤتمر ، ثم يدين انعقاده ، لكن هل سياسة إمساك العصا من " الوسط " هي ترجمة لسياسة "الوسطية" التي يتخذها الرئيس ميقاتي نهجًا ؟
الضرر وقع ، وكل الإجراءات اللاحقة لم تعد تُجدي نفعًا ، لأن المطلوب "إجراءات مسبقة" وهذا ما لم يحصل ، ولن يحصل في المستقبل.
وما يدعو إلى الدهشة أن وزير الداخلية القاضي بسام مولوي وجَّه كتابا إلى المديرية العامة للأمن العام طالبا ب"اتخاذ كل الاجراءات والتدابير الآيلة إلى ترحيل أعضاء جمعية الوفاق البحرينية من غير اللبنانيين إلى خارج لبنان ".
ما هذه الجدية والسرعة !
يصل الوفد البحريني قبل عشرة أيام .
يعقد مؤتمره قبل اسبوع .
تتنبه الدولة قبل ايام .
يتخذ وزير الداخية قرارًا بالترحيل، لكن بعدما وقع الضرر .
إذا كانت كل معالجات السلطة للإشكالات ، كمثل معالجتها للإشكال مع البحرين ، فإن لبنان يهروِل نحو العزلة بسرعةٍ قياسية ، على رغم كل النيات الحسنة للرئيس ميقاتي. فالطريق الى العزلة معبَّدة بالنيات الحسنة.