هل تمرُّ صفقة شركة التأمين على حساب صحة الموظفين؟- محمد المدني

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, December 14, 2021

كتب محمد مدني في اللواء

ينشغل بعض المعنيين في بلدية بيروت هذه الأيام بتمرير تلزيم ملف طبابة واستشفاء موظفي البلدية وعائلاتهم الى إحدى شركات التأمين. طبعاً حاول هؤلاء في الماضي تمرير الصفقة بوسائل مختلفة دون أن ينجحوا بسبب اعتراض الموظفين والمتقاعدين على تخلّي البلدية عنهم وعن واجباتها في تأمين حقوق الموظفين الذين يمضون عمرهم في خدمة البلدية والمدينة.


دأب الأشخاص الذين يروّجون لفكرة شركة التأمين على التركيز على كلفة الفاتورة الصحية التي تدفعها البلدية سنوياً والتصويب بالتالي على مصلحة الصحة العامة في البلدية وكأنها مصدر الهدر في البلدية متناسين صرفهم الملايين مساهمات لجمعيات من دون جدوى.

تصوير الملف الصحي في البلدية وكأنه الملف الذي ينهك مالية بلدية بيروت منذ سنوات، هو الوسيلة الوحيدة التي تسمح بتمرير صفقة شركة التأمين، إذ يعتبر المروّجون لها ان فاتورة الاستشفاء لموظفي البلدية ومن هم على عاتقهم مرتفعة جداً لا سيما فاتورة الدواء، حيث يستفيد الموظف من ٧٥% من فاتورة الدواء و١٠٠% من فاتورة الاستشفاء، وكأن المطلوب أن يتعالج الموظف على حسابه هذا إذا كان راتبه يكفيه لإطعام عائلته أصلاً.

في العام ٢٠١٧ تم اعتماد استراتيجية اكثر دهاءً فقام المجلس البلدي باتخاذ قرار بقبول هبة غير مشروطة من شركة تأمين تدعى next care وذلك لإدارة الخدمات الاستشفائية في البلدية لمدة سنة واحدة بصورة مجانية. أي أن تبقى البلدية هي الضامنة للموظفين ولكن تقوم شركة التأمين بإدارة الملف لصالح البلدية لتحقيق وفر. وعلى هذا الأساس تدخل الشركة الى البلدية وتضع يدها على الملف الصحي فيها بحجة قيامها بإدارة هذا الملف مجاناً لمدة سنة وتعمل من الداخل على تمكين نفسها.

وافقت الإدارة البلدية آنذاك ولكن بشرط أصرّ عليه المحافظ السابق زياد شبيب للسير بقرار قبول الهبة وهو أنه بنهاية السنة المجانية يصار الى إجراء مناقصة مفتوحة تشارك فيها كل الشركات الأخرى ولا يكون للشركة تلك أية أفضلية على غيرها إلا إذا فازت بالمناقصة بشفافية. خاصة ان دور الشركة لن يتضارب مع صلاحيات الإدارة، لأن الشركة معنية في إدارة الخدمات الطبية فقط، وعلى سبيل المثال إذا احتاج موظف معين الى إجراء عملية جراحية والمكوث في المستشفى ٥ أيام، تقوم الشركة بدرس الملف وتقرر انه يحتاج للمكوث في المستشفى يومين فقط، أو في حال احتاج موظف إجراء فحوصات طبية كان قد أجراها قبل وقت قصير ترفض الشركة طلبه، وفي حالة الدواء أيضاً، تقوم الشركة بالتدقيق في نوعية الأدوية وما إذا كانت مطابقة للحالة الصحية أو إذا كان شراءها يتم بطريقة مثيرة للشكوك في حال تم تقديم الطلب على شرائها أكثر من مرة خلال وقت قصير.

أما صلاحية تحديد الذين يحق لهم الاستفادة من الخدمات الاستشفائية على حساب البلدية، فيبقى خاضعاً للأنظمة التي تضعها البلدية وبحسب هذه الأنظمة، يسمح للموظف بضم أولاده وزوجته في حال لم تكن على عهدة مؤسسة أخرى ضامنة أخرى، كما يمكنه ضم والديه في حال لم يكونوا على عهدة أحد من اخواته، وفي بعض الحالات يمكن للموظف ضم أحد أخواته في حالة الإعاقة مثلاً.

عقدت الدوائر المعنية في البلدية، أي الصحة والتفتيش والقضايا، سلسلة اجتماعات مع الشركة بهدف وضع قرار المجلس البلدي بقبول هبة الشركة موضع التنفيذ، وأدخلت على الاتفاقية عدة تعديلات جوهرية ولكن الشركة توقفت عن المتابعة وغابت نهائياً عن السمع عندما تبيّن انها تريد فرض التعامل مع صيدليات معينة على الموظفين وطالبها المعنيون بصرف النظر عن هذا البند.