"نختار الحياة" وثيقة لخيارات متجدّدة لمسيحيي الشرق الأوسط

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, September 28, 2021

أطلقت مجموعة "نختار الحياة" المسكونيّة المؤلفة من لاهوتيات ولاهوتيين من الشرق الأوسط، وخبيرات وخبراء في العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة والجيو-سياسيّة، اليوم، وثيقة مرجعيّة تتناول أوضاع المسيحيّين في المنطقة من الناحية اللاهوتيّة والجيوسياسيّة والفكريّة والمجتمعيّة، في حفل أقيم في كنيسة مار الياس في أنطلياس بحضور السفير البابوي المطران جوزف سبيتيتري، ممثل على شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ فاضل سليم، ممثل السيّد علي فضل الله، الشيخ حسين شحادة، المطران بولس صيّاح،
أمين عام منظمة "ACT ALLIANCE" رودلمار بيونو دو فاريا من جنيف، وحشد من الأكاديميات والأكاديميين ورجل دين مسيحيين ومسلمين ومهتمين، كما شارك عدد من الناشطين عبر منصّة زوم من مصر والعراق والأردن وفلسطين ولبنان.

افتتح الحفل بالنشيد الوطني، ثم عرض فيلم وثائقي بعنوان "لماذا: نختار الحياة؟" اختصر دلالات ورسائل وأهداف الوثيقة، وفي صميمها الإيمان بأنّ طاقة الحياة أقوى وأبقى من ثقافة الموت.
بعد ذلك جرى تقديم مقاربات حول وثيقة "نختار الحياة" لكل من الخبير في السياسات العامة زياد الصائغ حول الخلفية والأهداف، الذي اعتبر أن "قضيّة الإنسانِ في عالَمِنا مهدّدة بالتّقويض. كرامةُ الإنسانِ تتلبَّس تشويهاتٍ أيديولوجيّة، ودولتيّة، وسياسيّة. باتَت البُوْصْلَة الأخلاقيّة براءُ من هذه القضيّة والكرامة على حدٍّ سواء"، وقال: "في زمنِ الخيارات التّاريخيّة نعيشُ، لِذا كانت وثيقة "نختارُ الحياة"، إذ إنّ المسيحيّين في الشرق الأوسط اليَوْم يجِدون أنفُسَهم أمام امتِحان الاختِيار بين البركة واللّعنة، بين الحياة والموت".



وشدد الصائغ على أننا "لسنا أقليّات، ونرفضُ حِلْف الأقليّات، واستِدعاء الحمايات. نحنُ ننتمي إلى أكثريّةٍ عربيّة تتطلّع إلى دَوْلةٍ مدنيّة رُكنها المواطنة الفاعِلة التي تصون التنوّع وتعتني بالتعدُّديّة"، وختم: "من هُنا نحنُ مع كُلِّ أخواتِنا وإخوتِنا من كلّ المشارب الثقافيّة، والانتماءات الدّينيّة، في نِضالٍ مستمرّ لتحقيق
حياة وافرة، كريمة وسلاميّة لإنساننا ومجتمعاتنا بعيداً عن أحقاد سابقة، وتجارب مظلمة، ومنطلقاتٍ انتحاريّة يسعى البعض إلى تعميمها من باب المنتفعاتِ الشخصيّة، أو العصبيّة الضيّقة."

وتحدثت رئيسة شركة الكنائس الإنجيلية المُصلحة في العالم القسيسة نجلا قصّاب حول المضامين والتوجهات، فلفتت إلى أن الوثيقة "لتدعونا للتفكير والتمييز بما يريده الله منا في هذه المنطقة «الآن وهنا» والانخراط في اختيار الحياة انتصارا على الموت والاحباط والدمار والفقر والتهجير"، وقالت: "أن نختار الحياة هو ان ننخرط في حوار معمق تشديدًا على الهموم والتحدّيات والطموحات المشتركة في تدعيم أُسس كرامة الإنسان، والسلام المجتمعيّ، ودولة المواطنة، والحقّ بالاختلاف، والعدالة الاجتماعيّة، والنزاهة الاقتصاديّة، وحسن التدبير الإيكولوجيّ، والتعاضد الإنسانيّ، والشهادة لقيم الحقّ والعدل والحرّيّة وحقوق الإنسان"، مؤكدة أن "الحضور المسيحيّ ليس وجودا فحسب، بل انكبابا على خدمة كلّ إنسان، وعلى المحبّة المتفانية، إتمامًا لتدبير الله: "وأمّا أنا، فقد أتيت لتكون لهم الحياة، وتكون افضل".

واستلّ البروفسور أسعد قطان في كلمته حول الخلاصات والخيارات، من الوثيقة بعض فقراتها المفاتيح، حيث «لم تسفر ثورات الربيع العربيّ حتّى اليوم عن قيام أنظمة سياسيّة ديمقراطيّة». لكنّها «طالبت بإعادة مفهوم المواطنة إلى قلب الممارسة السياسيّة»، و«نحن اليوم أمام إعادة تشكُّل لحاضر هذه المنطقة. فالقديم قاد إلى الانفجار، ولكنّ الجديد لم يتبلور بعد»، مؤكداً أن "مسيحيّي الشرق الأوسط مطالبون مع إخوتهم المسلمين، ومع شركائهم الآخرين، بالذهاب إلى عمق بناء الدولة المدنيّة حيث تطبَّق المواطنة من غير تمييز أو استثناء»، ومطالبة الكنائس «بالعمل على فضح الظلم الذي لحق بالمرأة عبر العصور، والسعي إلى تغيير واقعها بمبادرات جريئة تؤكّد التكامل بين النساء والرجال من دون إعلاء أيٍّ منهما على الآخر».

وتخلل الحفل مداخلات عبر منصّة افتراضية لكل من: البطريرك الكاردينال روفائيل لويس الأول ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية ورئيس العائلة الكاثوليكية في مجلس كنائس الشرق الأوسط (العراق)، البطريرك ميشيل صيّاح، بطريرك القدس للاتين سابقا (القدس)، الدكتورة آن إميل زكي (القاهرة)، عضو مجلس الشيوخ المصري الدكتور حنا جريس (مصر)، الباحثة واللاهوتية فايولا راهب (النمسا / فلسطين)، الراهب الدومينيكاني الأب الدكتور أمير ججي (العراق)، واختتم الحفل بافتتاح مسار التوقيع على الوثيقة ولقاء محبة.

إشارة إلى أن إعداد الوثيقة استغرق بالاستناد إلى منهجيّة دقيقة مدّةً زمنيّةً تتجاوز السنة، وهي تدعو المسيحيّين في الشرق الأوسط إلى اعتماد خيارات متجدّدة في السياسة والفكر والاجتماع، وذلك انطلاقاً من مقاربة نقديّة لأوضاعهم الماضية والراهنة، ولا سيّما منذ انطلاقة ثورات الربيع العربيّ العام ٢٠١٠، كما استِشرافًا للمُقبِل من العقود.