محافظ بيروت: "أنا مش عوني"

  • شارك هذا الخبر
Friday, September 17, 2021

بعد إندلاع ثورة 17 تشرين، عمدت الأحزاب والقوى السياسية على إختيار شخصيات معروفة بـ"الآدمية" لتولي مناصب وزارية وإدارية هامة، لكن ما غاب عن بال زعماء الطوائف أن النجاح في أي مهمة لا يعتمد فقط على آدمية الشخص رغم أهميتها، بل يحتاج المرء إلى حنكة إدارية ونية حسنة وقوة شخصية ليتمكن من تحقيق إنجاز حقيقي في الحقل العام.

سعى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والمحيطون به إلى إختيار رجل "آدمي" بحسب ما يظنون لتولي منصب محافظ بيروت، ووقع الخيار على القاضي مروان عبود، المعروف أنه فقير وآدمي ومتواضع وغيرها من الصفات التي تتناسب مع شروط الإصلاح الضروري في جميع وزارات وإدارات الدولة، علمًا أنه ليس كما يراه معظم من عاشره.

بعد مرور أكثر من عام على تعيين عبود محافظًا لبيروت، يتضح للمطلعين على الشأن العام أن تعيين عبود يشوبه عدة شوائب لم تكن في حسبان رئيس الجمهورية، ولو عاد الزمن إلى الوراء (أي قبل تعيين عبود) لما كرر عون التجربة، لأن بإختصار، مروان عبود فشل في تبييض صورة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر.

يحظى عبود بحسب مطلعون على أجواء محافظة بيروت بدعمٍ سياسي وإعلامي، وذلك لأنه يتعمد إظهار نفسه "آدمي وفقير"، ومن دون ظهر سياسي، كي لا يُحاسب على فشله في إدارة أزمات العاصمة المستفحلة، وكي يكسب ود الإعلاميين الذين يترددون على المحافظة، والذين يتعاطون مع عبود وفق قاعدة "حرام مش طالع بإيدو يعمل شي".

تؤكد المصادر، أن عبود يملك "دعمًا سياسيًا وازنًا، وهو الذي استطاع الوصول إلى منصب "المحافظ" عبر تأشيرة من فريق ميشال عون متفوقًا على عدة مرشحين كان أبرزهم مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتورة بترا خوري، كما أن عبود وحتى هذه اللحظة محصن من الملاحقة القضائية فيما يتعلق بجريمة تفجير مرفأ بيروت عمومًا وشهداء فوج الإطفاء "العشرة" خصوصاً، لأنه المسؤول المباشر عن إستشهادهم، لا سيما أنه غاب عن السمع وتقاعص عن القيام بواجبه الإداري والإنساني منذ لحظة إندلاع الحريق في العنبر رقم 12 حتى لحظة وقوع الإنفجار وحصول الكارثة.

والجدير ذكره، أن عبود يرفض حتى إجراء تحقيق داخلي لكشف ملابسات إستشهاد عناصر فوج الإطفاء، ويكتفي فقط بإرضاء أهالي الضحايا بالمهرجانات والحفلات والأناشيد والوعود المشبوه كتوظيف أبناءهم في ملاك فوج الإطفاء، وهذا كله بغية إبعاد الشبهات عنه، وكي لا يصبح خصمًا لأهالي الشهداء الذين يبحثون عن الحقيقة دون أن يجدوها.

وحول وصف عبود بـ"الآدمي"، يقول العارفون أن القاضي السابق لا يشبه الصورة المحفورة في أذهان معظم اللبنانيين، بل لديه من الدهاء السياسي ما يخوله تدوير الزوايا وقلب المعادلات لصالحه، وإلا ما نجح في الوصول إلى منصبه الحالي، وما تمكن من إثارة شفقة وسائل الإعلام وبعض السياسيين المقربين من رئيس الجمهورية، لكن مفعول هذه الصورة لن يدوم طويلاً، وقد بدأت فعلاً الصرخات التي تطالب عبود بإجراءات وقرارات جدية تنتشل بيروت وأهلها من قعر الهاوية.

ويقول العارفون، إن الذي يترك بيروت منكوبة وأهلها دون مسكن لا يمكن وصفه بـ"الآدمي"، ومن يتحالف مع رئيس مجلس بلدية بيروت جمال عيتاني المتهم بعدة ملفات فساد لا يمكن وصفه بـ"الآدمي"، ومن يُقدم إغراءات مادية ووظيفية لأهالي شهداء فوج إطفاء بيروت كي لا ينتفضون عليه ويطالبون بمحاسبته ليس بـ"آدمي".

ووجه مطلعون على صلة بمحافظ العاصمة عدة أسئلة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ننقلها كما هي، "هل تعلم يا فخامة الرئيس أن مروان عبود الذي عينته عاجز حتى عن تبييض صورة عهدك؟ وهل تعلم أنه يطرق أبواب السياسيين ورؤساء الأحزاب بحثًا عن حصانة لن تدوم؟ وهل تعلم أنه يتبرأ من الحالة "العونية" في كواليسه الضيقة ويردد دائمًا" أنا مش عوني"؟ وهل تعلم يا فخامة الرئيس أنه "الرجل غير المناسب في المكان المناسب؟