خاص - مُخطط يُهدّد هوية لبنان... الحزب يرسم ملامح الجمهورية الثالثة - علي الأحمد

  • شارك هذا الخبر
Thursday, August 26, 2021

خاص - الكلمة أونلاين
علي الأحمد

هي المعادلة المضحكة التي لا تصح إلا في لبنان، بلد الغرائب والعجائب، بلد الحكم بقوة السلاح، حزب الله الذي يرعى تهريب المحروقات من لبنان إلى سوريا عبر الحدود البرية، يسعى جاهدًا إلى حلّ أزمة شحّ المازوت والبنزين عبر إستيرادها من الجمهورية الإسلامية في إيران، كي لا ينذل الشعب اللبناني عمومًا والشيعي خصوصاً أمام محطات الوقود، فيما يعرف بـ"طوابير الذل".

يقول مرجع سياسي معارض لـ حزب الله، "يعلم الحزب أن دخول النفط الإيراني إلى لبنان إن كان بحرًا عبر الشاطئ اللبناني، أو برًا عبر سوريا "الشقيقة" سيعرض الدولة اللبنانية إلى عقوبات أميركية قاسية، قد تجعله أسوء حالاً من فنزويلا، إلا أن الحزب المعاقب أميركيًا منذ سنوات طويلة لا يمانع أن تنضم الدولة اللبنانية بأكملها إلى لائحة المعاقبين، وذلك كي يتمكن من بسط سيطرته المطلقة على لبنان وقطاعاته، بما فيها القطاع الإقتصادي".

بعد إنهيار القطاع المصرفي وضياع الودائع التي تبلغ مليارات الدولارات تمكن حزب الله من ترسيخ فكرة القطاع المصرفي الموازي عبر مؤسسة القرض الحسن التابعة له والتي تكاد تكون المؤسسة أو الجمعية الوحيدة التي تتعاطى بالدولار الأميركي، وعند إرتفاع سعر السلع الغذائية بادر الحزب أيضًا إلى إدخال المواد الإيرانية إلى السوق اللبناني، وباتت متاحة في متاجره المعروفة بإسم تعاونيات السجاد، كما أنه عمد إلى جلب الدواء الإيراني رغم أنه لا يراعي المواصفات العالمية المحلية، مستغلاً حاجة اللبنانيين إلى الدواء في ظل إنقطاع معظم الأدوية، وأبزرها أدوية السرطان، ها هو الحزب اليوم يبدأ مرحلة إستيراد النفط الإيراني إلى لبنان، ما يؤكد رغبته بتحويل بوصلة لبنان الإقتصادية نحو إيران.

يرى حزب الله أن العقوبات الأميركية على لبنان تساعده في مهمته تحويل البلاد إلى مقاطعة إيرانية، كما تكسر ظهر خصومه السياسيين الذين ينادون بضرورة رفع الإحتلال الإيراني عن لبنان، لكن خطوة الحزب تحظى بغطاء سياسي داخلي يتمثل بحلفائه وفي طليعتهم التيار الوطني الحر ورئيسه "المعاقب" جبران باسيل، الذي يبارك التوجه شرقًا كونه يعلم أنه المرشح الرئاسي الأبرز في خيارات محور الممانعة (إيران سوريا وحزب الله).

وبحسب المرجع، فإن الحزب هو من تسبب بعزل لبنان عن المجتمع الدولي والعربي، وهو من عكر علاقة لبنان مع الدول الداعمة له، عبر تدخلاته العسكرية خارج الحدود، ومواقفه السياسية من أميركا ودول الخليج، وبالتالي إن عزل لبنان عن العالم وإخضاعه لمخططات إيران كان هدفًا واضحًا سعى حزب الله إلى تحقيقه ونجح، وها هو اليوم بدأ يحصد نتائج ما زرعه طوال السنوات الفائتة، متسلحًا بقدرته على ترويض بيئته الشعبية والتحكم به عقائديًا ودينيًا، وتهديد البيئات الأخرى بقوة السلاح.

إذا فرضت العقوبات على لبنان، يصبح جميع اللبنانيين بمعزلٍ عن إنتماءاتهم السياسية والحزبية والطائفية، أمام خيار واحد وهو الرضوخ لحزب الله الذي سيتولى تأمين حاجاتهم من غذاء ودواء وكهرباء ونفط عبر إيران حصرًا، ويكون بذلك قد حوّل البلاد والعباد إلى سوقٍ إستهلاكي ضخم يخدم مصالح إيران ويدعم مشروعها التوسعي في الشرق الأوسط.

سياسيًا، ورغم دعم حزب الله للرئيس المكلف نجيب ميقاتي، إلا أنه لن يثنيه عن الإعتذار في حال عارض إستيراد النفط الإيراني خوفًا من العقوبات الأميركية، وإن إعتكاف ميقاتي حكوميًا سببه إصرار الحزب على تنفيذ مخططه، لذلك قد نشهد تراجعًا في أسهم التأليف، خصوصاً أن نادي رؤساء الحكومة السابقين نصح ميقاتي بعدم الوقوع في الفخّ، وهنا تتقاطع مصالح الحزب مع باسيل الذي يريد من ميقاتي تلبية طلبات رئيس الجمهورية ومنحه الثلث الضامن، وفي حال تمسك برفضه، فإن باسيل لا يمانع إعتذار ميقاتي والعودة في الملف الحكومي إلى نقطة الصفر، طالما أن حزب الله يخلق إقتصادًا موازيًا يخفف من عبء الأزمة على شريحة كبرى من اللبنانيين، ومواقف مسؤولي التيار الوطني الحر كانت دليلاً كافيًا على دعم خطوة الحزب في ترسيخ صورة إيران كـ"منقذ" لـ اللبنانيين الذين يعانون من الحصار الأميركي - العربي.

إذا لبنان أمام خطر كبير يخيم عليه وعلى شعبه المفتح على بلاد الغرب، ولا حل إلا بجبهة وطنية معارضة لمخطط حزب الله المصيري، وهو جعل لبنان خاضع سياسيًا وإقتصاديًا وأمنيًا إلى ولاية الفقيه، ويمكن القول أن حزب الله بدأ رسم ملامح الجمهورية الثالثة، وهي جمهورية لبنان الخاضعة لولاية الفقيه، فهل هذه هي الجمهورية التي يريدوها اللبنانيون؟ وهل هذا ما ترغب به القوى السياسية الحليفة للحزب؟، وأين الأحزاب المعارضة من هذا المخطط الذي يُهدّد هوية بلاد الأرز؟، أسئلة هامة نضعها برسم من يدّعون أنهم وطنيون "فعلاً لا قولاً".