خاص- محروقات "الحزب" تذهب أولا للعونيين.. بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Saturday, August 21, 2021

خاص- الكلمة أون لاين

بولا أسطيح

تركت الباخرة الايرانية المحملة بالمحروقات التي أعلن عنها أمين عام حزب الله، الموانىء الايرانية بعد ظهر يوم الخميس. ترجح المعلومات ان تستغرق رحلتها الى لبنان ما بين ٦ و١٥ يوما وان ترسو على احد الشواطىء اللبنانية في منطقة محسوبة على حزب الله لا على الشواطىء السورية ليتم تفريغ حمولتها ونقلها برا الى لبنان، فلا شيء يخجل به الحزب او يخيفه كي يقوم بحركة التفافية، بالعكس هو الذي اعتبر الباخرة ارض لبنانية منذ ابحارها من ايران، يعمل على تصويرها كطوق نجاة للبنانيين وكسلاح فتاك يكسر الحصار الاميركي…حتى الساعة هذا ما يخطط له الحزب الا اذا تغيرت حساباته بناء على معطيات جديدة قد تدخل على الخط.

الا ان ما هو محسوم بالنسبة له ان المحروقات الايرانية لن تذهب بأكملها ومباشرة الى بيئته انما اولا الى العونيين، ردا لجميل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي آثر، كما معظم نواب وقياديي "التيار"، اقله حتى الساعة الصمت وعدم التعليق على قرار الحزب شحن المحروقات من دون قرار رسمي من الحكومة اللبنانية. اصلا بات محسوما ان السلطة الحالية المتمثلة بالعهد وحكومة تصريف الاعمال وحتى رئيس الحكومة المكلف، ستتبع سياسة النعامة ومقولة "شاهد ما شافش حاجة"، فلا هي قادرة على الخروج لاعلان فرحتها بالباخرة الايرانية ما يضعها بمواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي وتحت مقصلة العقوبات، من هنا ارتأت تصوير نفسها على ان ما يحصل لا حول ولا قدرة لها عليه، ولا هي قادرة على اعلان رفضها لقرار الحزب ما يضعها بمواجهة مباشرة معه، لا تتمناها ولا تريدها، خاصة وان المسؤولين في هذه السلطة لا يترددون بمجالسهم الخاصة عن التعبير عن فرحتهم بباخرة المحروقات الايرانية التي يعتبرون انها اجبرت الاميركيين على اعادة النظر بسياسة القاء لبنان بالكامل في الحضن الايراني، فبات الكباش بين طهران وواشنطن في لبنان يتمحور حول من يستطيع اغاثة اللبنانيين بالمحروقات بعدما كان يتمحور لسنوات حول كسر فريق لبناني من خلال دعم فريق آخر بوجهه.

اذا الباخرة الاولى من المحروقات الايرانية ستوزع، بحسب المعلومات على المستشفيات والافران وعلى اصحاب المولدات بدءا بالمناطق المسيحية مرورا بالمناطق الشيعية على ان تحصل مناطق سنية ايضا على حصتها، وهو ما ستحاول قيادة الحزب من خلاله القول للمجتمع الدولي الذي يراقب بتأن المستجدات على هذا الصعيد ان "مبادرته وطنية" كما مقاومته، معتقدا انه بذلك قادر ايضا على استعادة بعض من البيئة الحاضنة في الداخل اللبناني التي فقدها على مر السنوات الماضية. اصلا يعتقد الحزب انه وبمجرد اعلان قراره هذا، الذي يدرك مخاطره، حقق اكثر مما كان ينتظره حتى بعد الانتهاء من تنفيذه. اذ تقول مصادر قريبة منه انه "مجرد مسارعة السفيرة الاميركية لاعلان مبادرة واشنطن لتأمين الكهرباء للبنان عبر الاردن وسوريا، يشكل انتصارا للحزب الذي لم يكن يشك ليوم ان الولايات المتحدة كما اسرائيل لا يتوجب التعامل معهما الا بمنطق المنازلة والقوة، اما منطق الرضوخ فيؤدي معهما لمزيد من التكبر والتسلط والغطرسة". ولا يبدو واضحا ما اذا كان الحزب سيواصل تأمين المحروقات عبر ايران، رغم اعلان نصرالله ان السفينة التي اعلنها عنها هي الاولى ولن تكون الاخيرة، خاصة بعدما تبين ان متمولين شيعة لبنانيين هم من يمولون المشروع، ولا شك ان ذلك لا يمكن ان يكون حلا مستداما للازمة التي تفوق قدرات وامكانيات الحزب وايران.

على كل الاحوال، وفي تدقيق سريع بالمشهد الذي تكون في ال٧٢ ساعة الماضية، يمكن استخلاص ان السيادة اللبنانية التي كان يطرح اكثر من علامة استفهام حولها في السنوات الفائتة، بات محسوما انها ومع قرار حزب الله الاخير تلاشت كليا بالتوازي مع تحلل مؤسسات الدولة ما يعني اننا بتنا قاب قوسين او ادنى من اعلان انهيار مفهوم الدولة والكيان اللبناني ككل… وحتى ذلك الوقت سيعود لبنان ملعبا للقوى الدولية وعلى رأسها واشنطن وطهران اللتين ستنتقلان من التفاوض الدبلوماسي المتعثر في فيينا الى الكباش المحتدم برا وبحرا على طول وعرض المنطقة الممتدة من ايران الى لبنان.