خاص- هل يكون الحل بانقلاب عسكري؟- بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, August 17, 2021

الكلمة أونلاين
بولا أسطيح

لا شك ان من فاتحوا قائد الجيش العماد جوزيف عون بتنفيذ انقلاب عسكري واستلام الحكم كثر في الداخل والخارج. فرغم الجواب الحاسم لمقربين منه بأن كل زياراته الخارجية محصورة بتأمين المساعدات للمؤسسة العسكرية بعد تلكؤ السلطة السياسية عن اغاثة آخر المؤسسات الصامدة في البلد، ونفيهم نفيا قاطعا اي بحث او مجرد نقاش بموضوع الانقلاب، يبدو هذا الخيار ابرز الخيارات الموضوعة على الطاولة حاليا بعيدا عن الاضواء.. اصلا اي انقلاب عسكري يطرح كخيار معلن يتم التداول به اعلاميا؟! هو ينفذ في ليلة وضحاها فاما ينجح او يفشل علما ان مقومات نجاحه في ظل الظروف الحالية كبيرة في حال كان منسقا ومدروسا بشكل جيد محليا وخارجيا..
على كل حال، اي نقاش بجدوى وفعالية هذا الخيار، تفترض الاجابة على مجموعة من الاسئلة وهي:
١- هل العماد عون مستعد ويقبل بخوض مغامرة بهذا الحجم؟
٢- ما هو موقف حزب الله من خيار مماثل؟ هل سيعتبر الانقلاب موجها ضده ومشروعا اميركيا يأتي ليتوج الحصار المستمر عليه ومن ثم على لبنان ككل منذ نحو عامين، وبالتالي يواجهه بالقوة في الشارع؟
٣- هل سيبقى الجيش متماسكا خلال وبعد الانقلاب ام سينقسم الى مجموعات طائفية تعيد تعويم زعماء الطوائف الذين يفترض ان يطيح انقلاب مماثل بهم؟
٤- من من الدول الاقليمية والغربية سيغطي هكذا مشروع وهل سيؤدي لحرب مفتوحة كبيرة تؤدي لسقوط الحدود بين الدول المحيطة بنا، وهو ما كان قد حذر منه قادة في محور الممانعة؟
٥- هل سيكون انقلابا مماثلا منسقا بشكل او بآخر مع القوى الاساسية في البلد بما يؤمن لهم خروجا آمنا ام سيأتي للاقتصاص منهم؟ وهل سترضخ جماهير الزعماء التقليديين لفكرة انهم سيحاكمون او يقتلون او حتى يتم نفيهم؟
٦- ماذا بعد استيلاء القوى العسكرية على المقار الرسمية وعلى الحكم؟ هل المطلوب حكم عسكري متوسط الامد يضرب بيد من حديد فيحاكم الفاسدين في الادارات ويستعيد الاموال المنهوبة ام ان يؤمن عبورا الى انتخابات نيابية مبكرة قد تعيد بشكل او بآخر انتاج السلطة الحالية وان بخروقات كبيرة؟
تبدو كل هذه الاسئلة مصيرية، وكل منها يجعل اي باحث او داع لاعتماد هكذا خيار يعد للمئة قبل مواصلة الدفع باتجاهه.
مؤيدو هذا الطرح يعتبرون انه لم يعد هناك ما نخشى عليه بعدما تحللت كل المؤسسات وتلاشت وبعدما بات أقصى طموح اللبناني تأمين المقومات الاساسية للحياة من دواء وبنزين ومازوت ومواد غذائية، وبالتالي اي تداعيات لهذا الخيار لن تكون مدمرة طالما الدمار حاصل وحتى الاستقرار الامني لم يعد متوفرا. المروجون لهذا الخيار يرون فيه الخلاص لاعتبارهم ان استقالة رئيس الجمهورية التي يدعو اليها البعض لن تغير شيئا في المشهد القائم انما هي ستزيده تعقيدا، كما ان الانتخابات النيابية المبكرة وفق القانون الحالي لن تؤمن التغيير الكبير المرجو انما ستعيد اعطاء شرعية للقوى التي اوصلت البلد الى ما وصل اليه.
ولا يرى هؤلاء ان الخلاص قد يأتي على يد حكومة نجيب ميقاتي الاي يروج انها ستولد خلال ايام. فلا قوى الانتفاضة تتأمل فيها خيرا ولا الشارع الناقم يؤمن بأنها قادرة على تحقيق اي نجاح يذكر في ظل استمرار الحصار الخارجي على لبنان. وبعدما بات محسوما ان ميقاتي لا يحظى اقله بضوء اخضر سعودي، فالارجح ان مصير هذه الحكومة سيكون شبيها بمصير حكومة حسان دياب، اذا لم يكن وضعها اسوأ باعتبار ان الارتطام حصل وبتنا نتخبط فيه.
ولا يستبعد هؤلاء في حال عادت المشاورات الحكومية للتعثر، ان يلجأ عون لقلب الطاولة خاصة بعدما حوصر من كل الجهات سواء بعد رفض دياب دعوته لعقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء وبت موضوع الدعم او نتيجة الرفض المؤكد لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الدعوة لجلسة للبرلمان تبحث تعديل قانون النقد والتسليف. وفي عملية تدقيق بسيطة بالصلاحيات التي تركها "الطائف" لرئيس الجمهورية، تظهر النتائج انه استنزفها جميعها وان ما قد يلجأ اليه لا يلحظه الدستور ولا يمنعه في آن، الا وهو الاتفاق والتفاهم مع قائد الجيش على الانقلاب العسكري.. اذا هي ساعات حاسمة ليس لمصير عون او العهد او السلطة السياسية القائمة، انما بمصير وطن، فأي لبنان سيولد بعد هذا المخاض؟ وما هي الخلاصات التي يتوجب ان نستخلصها من التجربة الافغانية المريرة؟!