خاص- هكذا اخترق "الحزب" المجتمع السوري... علي الأحمد

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 12, 2021

خاص- الكلمة أون لاين

علي الأحمد


يظن البعض أن إنتهاء الحرب في سوريا والتي دامت لأكثر من 10 أعوام، يعني أن حزب الله سيغادر دمشق إلى غير رجعة، ليبقى حليفًا وسندًا قويًا يدعم الرئيس بشار الأسد من لبنان دون التدخل ميدانيًا في سوريا، عكس ما فعله منذ إندلاع الثورة السورية.

من المؤكد أن أيام الحرب لا تشبه أيام السلم، فحزب الله الذي قدّم آلاف الشهداء والجرحى دعمًا لـ بشار الأسد أيام الحرب الطاحنة لم ولن يخرج من سوريا دون تحقيق مكاسب تخدم مشروعه الديني - العقائدي أيام السلم، بمعنى آخر فإن حزب الله قد يكون انسحب عسكريًا من مناطق سورية عدة، لكن الأكيد أنه لم ينسحب عقائديًا ودينيًا.

ما لا يعرفه الكثيرون أن حزب الله تمكن من خرق المجتمع السوري بقوة عبر وسائل عدة، كان أبرزها عن طريق زواج عدد كبير من مسؤوليه وعناصره من نساء سوريات وإنجاب أطفال "شيعة" يشكلون جزءًا أساسيًا من تكوين المجتمع السوري، وسيصبحون في المستقبل قوة بشرية مجهزة عقائديًا وعسكريًا لخوض معارك عسكرية وسياسية تجعل حزب الله طرفًا أساسيًا في المعادلة السورية.

هذا ويقوم قياديون في الحزب بشراء بيوت وأراضٍ هجرها أصحابها هربًا من الموت في القصير والطفيل والزبداني ومناطق أخرى، وهذا ما يسمى إختراقًا ديموغرافيًا وثقافيًا ودينيًا هدفه زيادة أعداد الشيعة في سوريا.

حزب الله لم يقف عند هذا الحد، فقد شهدت بعد المناطق السورية لا سيما الحدودية منها، بناء مدارس دينية وحسينيات تعطي دروسًا عقائدية شيعية للسكان الفقراء وغير المتعلمين، ويشرف على هذه المدارس والحسينيات رجال دين لبنانيون يتقاضون رواتب مغرية، بهدف نشر الفكر الشيعي والترويج له في خضم المعركة الدينية التي تتزايد زخماً وتوسعاً في العالم العربي والإسلامي.

وتعد سوريا ذات الأغلبية السنية هدفًا أساسيًا للجمهورية الإيرانية وحزب الله، لذلك فإن الأخير لم يتوقف عن ممارسة دوره الثقافي والإعلامي لتشجيع السوريين السنة على التحول إلى الشيعية، مع تقديم منح دراسية وخدمات صحية مجانية، وسلل غذائية، وذلك بهدف الإيحاء للمواطنين السوريين بأن حزب الله خير بديل عن أي سلطة أخرى قد يلجأون إليها نتيجة الإنهيار الاقتصادي التي تعاني منه سوريا منذ الحرب.

وعلى سبيل المثال، فإن حزب الله يدفع رواتب تقدر بـ 200 دولار شهريًا لعناصر كتائب السيدة زينب (بلدة تضم ضريح السيدة زينب على بعد 6 أميال جنوب دمشق)، وتضم هذه الكتيبة أشخاصاً سوريين مجندين في حزب الله وظيفتهم الأساسية حماية الضريح من أي إعتداء، ويقوم الحزب بعرض مضاعفة رواتب عناصر كتيبة السيدة زينب بشرط اعتناق المذهب الشيعي، وقد تصل رواتب السوريين الذين يعتنقون المذهب إلى 400 دولار شهريًا.

أما في حلب، فإن حزب الله إفتتح مكاتب لنشر التشيع متغلغلاً في الأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان، ومستغلاً الحاجة المادية للأهالي لإقناعهم بـ التشيع، كما عمد إلى إفتتاح مكاتب عقارية تُشرف على بيع وشراء العقارات بين المواطنين السُنّة والشيعة، لتنظيم عمليات تمليك الشيعة حصرًا، وقد شهدت هذه المكاتب عمليات بيع واسعة من السنة لبيوتهم، قابلتها زيادة في عمليات التملك من الشيعة الذين بدأوا بترميمها بعد سيطرة النظام عليها.

وتشهد الحدود اللبنانية - السورية حركة يومية لعناصر حزب الله الذين يزورون سوريا بصفة مدنية لا عسكرية، للإطمئنان إلى بيوتهم وزوجاتهم وأطفالهم من جهة والتجارة بالمحروقات والسلع الأساسية المهربة من جهة أخرى، حيث يقومون ببيعها في السوق السورية ويجنون من خلالها أرباحًا طائلة.

تمكن حزب الله من فرض نفسه قوة بارزة على الساحة السورية، واصبح قياديوه وعناصره يتمتعون بصلاحيات واسعة على طول الأراضي السورية، فلا سياسي أو عسكري سوري "يمون" عليهم، بل يعاملون كمواطنين فئة أ، وهم (أي عناصر الحزب) دخلوا مرحلة حصاد ثمن الدم الذي سقط في سبيل بشار الأسد.