خاص- كتاب مفتوح الى التيار الوطني الحرّ... بقلم سيروج ابيكيان

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, April 14, 2021

توجّه مؤسس ومدير MEC-affairs للدراسات سيروج ابيكيان بكتاب مفتوح الى التيار الوطني الحرّ جاء فيه:

رغم ان أغلبية من شارك في السلطة عليهم شبهات فساد، ولكن لا أنكر أنكم لا تنتمون الى تلك الفئة، كما هناك غيركم أيضاً لا ينتمون الى تلك الفئة، ولكن أجزم أن الجميع مسؤول، بما فيهم أنتم على الأداء الاداري والسياسي الغير منتج، من جرّاء النظام السياسي القائم على أساس الغالب والمغلوب والذي يمنع أي نوع من الإنتاج في الدولة على الصعيد الرسمي بوجه الخصوص إلّا بعد تنفيعات وتقاسم، وكما بسبب ارتهان البعض والعمالة والارتباط و.... ولكن أعود وأؤكد أن ليس الكلّ مرتكب، ولا أوافق على مقولة "كلّن يعني كلّن" لأعود وأجزم أن الكل مسؤول، من هم في السلطة أو من هم خارجها اليوم لأن هذه المجموعة كمجموعة هي الموكلة بإدارة البلاد.

نعم لم تشاركوا الطبقة الفاسدة التي شجّعها وحماها الوجود السوري بعد التسعين بحكم عدم مشاركتكم في السلطة وتقاسم المغانم، أي حقبة الطائف، ولا الى الطبقة التي استفادت من الاحتلال الاسرائيلي للتّمكن من إحكام السيطرة على الكثير من المفاصل الأمنية في البلاد وبالتالي على البلاد.

نعم أنتم من جعل الدفاع عن حقوق المسيحيين كمكوّن خسر كل شيء بعد الطائف ركيزة لعملهم النضالي، حتى مُنع من التعبير عن رأيه، وذلك من منطلق وطني جامع، ولا أشك لو حصل ذلك لأي مكون آخر كان ليكون موقفكم مشابهاً.

نعم، بعد أن جعل اتفاق الطائف (وليس الدستور أو نص)، وأعني ما خلفّته روحية الطائف والواقع السياسي الداخلي بعد توقيع وثيقة الوفاق الوطني، رئيس الجمهورية شبيه لصوره المعلّقة على جدار المكاتب، لا يستمد شرعيته وقوّته من النص الدستوري ولكن من المايسترو السوري، لا أنكر، أن فخامة الرئيس ميشال عون يحاول أن يمارس ما تبقّى له من صلاحيات، وهذا ما كان غريباً على من عاش بالنّعيم فترة الاذلال ولم يعتد أن يكون لفخامة الرئيس كلمة. وينسحب هذا الأمر على العلاقات الخارجية، فكيف لرئيس لبنان أن يقول في الامم المتحدة أن شأن النازحين وتحديد مصيرهم في لبنان هو قرار لبناني؟

نعم أنتم أوّل من تكلّم عن الثقل على الكاهل اللبناني في استقباله للنازحين بهذه الأعداد الكبيرة، وأنتم من طالب ترتيب أمورهم وتنظيمها بشكل إنساني لائق، وواضح تجاه الدولة اللبنانية ومؤسساتها وخاصةً الأمنية منها. فحاربكم وانتقدكم من كانوا يريدون استغلال أي موضوع ممكن لربح بعض النقاظ السياسية.

نعم، حاول فخامة الرئيس مراراً وتكراراً لم الشمل اللبناني في الأوضاع الصعبة، وبدا ذلك في عدّة محطات، آخرها الخطاب الأخير، كما دعا الثوار الحقيقيين المطالبين بالحقوق المحقّة بمساندته، ولكن تمّ العبث في داخل الثورة (التي لم تنتهِ) من قبل من أراد انهاءها ومن أراد أن يركب موجتها أو حتّى من حوّرها الى مكانٍ آخر.

نعم، قدّمتم الكثير من المشاريع الإنمائية التي تمّ اسقاطها في الحكومات المتتابعة.

نعم، تطالبون بالتدقيق الجنائي، انطلاقاً من كلام فخامته بأن البلد غير مفلس إنّما منهوب وانطلاقاً لأي مشروع اصلاحي. وهذا ما نتمنّاه أن يحصل، وهذا مطلب كل مواطن (المفروض).

نعم سهرتم على أمن البلاد وحمايتها من التهديدات الداخلية والمستوردة والإرهابية.

والكثير من الأمور المهمة مثل ترسيم الحدود...

ولكن،
ربما غاب عنكم ان الطروحات الوطنية الكبيرة، وعلى أهميتها، والتي يجب أن تكون فوق كل اعتبار فئوي، لا مكان لها في لبنان الّا بالتوافق، وأي طرح وطني شامل غير متوافق عليه يُصدّ بطرح فئوي طائفي، وغالباً ما ينكسر هذا الوطني أمام الطائفي ويجبركم على أن تصبحوا بدوركم طائفيين فئويين. ربما شيء غريب ولكن هذا لبنان.

غاب عنكم أن الأصدق معكم هم خصومكم، الذين وفوا بالمخاصمة ولم يناوروا. أما مجموعة الإئتلاف التي أوصلت العماد عون الى الرئاسة لم تحافظ على اندفاعها في الاستمرار في دعمهم لتطبيق النهج المتفق عليه معكم. فأين اليوم الإئتلاف مع تيار المستقبل، أين اتفاق مار مخايل من محاربة الفساد، أين اتفاق معراب؟....تُركتُم وحيدين في الساحة، ويحاك لكم اتفاق رباعي جديد.

غاب عنكم أن استمرار التحالف بين وطنيين من جهة وعقائديين دينيين أساس فكرهم لا يشبه الوطن من جهة أخرى، لا يستمر في لبنان الّا بتنازل الوطني للفئوي. لا يمكنكم أن تقنعوهم بالتخلّي أو بالتنازل عن بعض الأسس الفكرية لصالح الفكر الوطني، لا بل بعد أكثر من 15 عاماً ربما أصبحنا نرى العكس.

من ناحيةٍ، نحن مشرقيون ولكننا لسنا شرقيين، والبلاد الشرقية لم تقدّم لنا شيئاً على المستوى التربوي والاجتماعي والانمائي والفكري والاقتصادي في التاريخ القريب، فالارساليات التي فتحت المدارس والجامعات ودور الفكر جميعها كانت غربية، عكس ما فعل العثمانيون، امّا البلدان العربية الحالية حديثة المنشأ أصلاً، ولم تأتِ هذه الارساليات لفرض فكر معيّن كوسيلة احتلال. وهذا ارث ثقافي لايمكن حجبه خاصةً عن المكون المسيحي في لبنان. أمّا في السياسة، فلا شرق ولا غرب انّما علينا رسم وتحديد مصلحتنا العليا بشكل أساسي بعيداً عن مشاكل وحروب الآخرين التي أنهكتنا، وأنّي أراه في الحياد وبناء علاقات جيدة مع الجوار والخارج البعيد.

ليس خطأً بناء علاقات اقتصادية مع كافة الدول التي يمكن أن تساعدنا على الإنتاج وصرف الإنتاج في أسواقها، والسوق المشرقي طرح جيد ومهمّ، ولكن ماذا بعد السوق؟ أحلاف؟ هل نعود الى الطروحات والأفكار التي لا تعترف بلبنان ككيان؟ لأن التجربة تقول أننا دائماً عرضة لمثل هذه الأفكار. فالقوى الاقليمية الصاعدة تصدّر لنا انتصاراتها بكافة أشكالها، السياسية منها العسكرية والفكرية.

فالإنفتاح نحو الشرق شيء، والإنغلاق على الغرب شيء آخر، فالأول لا يفرض الثاني.

لم ولن تستطيعوا لبننة ما هو فئوي وطائفي وفكري مستمّد من خارج قوي ومستمر بعلاقة تبعية، ولا أقصد فقط حزب الله ولكن آخرون أيضاً، أو حتى إقناع الآخر بأفضلية الأفكار الوطنية على الفئوية لأننا لسنا متفقون أصلاً على فكرة الوطن خاصةً بعد أن تمّ نسف ما تبقّى منه بعد ال 90.

كما، كيف لكم أن تدعوا الأطراف الى الحرية في والوطن، في حين أنّهم مسجونون في سجنٍ فكري خارجي يعتبرونه عابرا وأكبر من الوطن الذي تدعونهم اليه؟

مقاربتكم وطنية ولكن علاقاتكم لم تعُد متكافئة، فحذار من دخولكم مرحلة الاستنزاف من رصيدكم السياسي والشعبي.

* (من سلسلة كتبي المفتوحة الموجّهة الى أغلبية الجهات الفاعلة في البلاد، كتاب رقم : 1 )


Alkalima Online