انطوان سعادة - سبت بكركي

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, March 2, 2021

مما لا شك فيه اننا وصلنا الى حافه الهاوية دون ان يكون لنا ترف الرقص عليها.
قنوات الإتصال بين افرقاء النزاع مغلقة، وطرق المصلحين لا آمنة ولا سالكة. والأزمة بمختلف وجوهها السياسية والإقتصادية والطبية تشتد وتتفاقم يوميا دافعة بالاهتراء السياسي لا بل بالكورونا السياسية إلى الإمتداد كالغرغرينا في جسد الوطن الجريح أصلا.
معلوم أنه لا بد للموجوع أن يصرخ. ولا بد عندها للأم أن تهرع لنجدة مولودها. لذلك لا نستغربن أن تتدخل بكركي "أم الصبي" في محاولة للخروج من المأزق. من هنا قام سيد الصرح بما قام به، وقال ما قاله السبت الماضي المعروف ب "سبت بكركي" عندما تيقن، بعد عدة محاولات لجمع رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، أن الخطب جلل، وأنه ممنوع عليه أن يتوقف عن العمل. ولئن فشلت محاولاته مرحليا، ولم تؤدي الى النتيجة المرجوة اليوم، فالمصلحة اللبنانية العليا التي أؤتمن عليها يوم تولى أعباء الكرسي البطريركي الثقيلة، تملي عليه القيام بما يعتبر بكل المعايير خطوة تاريخية ستتبعها خطوات لا تقل عنها بل توازيها أهمية.
لبنان ذاهب الى الزوال. هذا ما يشعر به اللبنانيون على مختلف مشاربهم سواء قالوا ذلك بالفم الملآن أم أحجموا. لكن من "مجد لبنان أعطي له" لا يملك ترف الإحجام. لذلك طرح البطريرك فكرة المؤتمر الدولي ايمانا منه اننا بحاجة لمن يجمعنا لنتكلم مع بعض.
طبعا تصاعدت الأصوات المشككة بالنوايا. وكالعادة، نقرأ من التهم ما لا يوجد سوى في مخيلة أصحابها. فبطريرك الموارنة هو بطريرك كل لبنان، ويأبى أن تعود الإحتلالات العسكرية وهو ومن سبقه بذلوا الغالي والنفيس للخلاص منها. وقد كان لبكركي دورا طليعيا بالمناداة بحرية لبنان بمعناها الأوسع، فمن غير المجدي إضاعة الوقت في تكتيكات بات المزاج اللبناني يمجها، وباتت مكشوفة ومعروفة لمن عاش الحرب وتعلم منها وجوب عدم العودة إليها.
ولم ُيلام البطريرك على طلبه تدويل الأزمة؟
فقد دوّلها اللبنانيون قبله يوم وقّعوا إتفاق الطائف. ولو أردنا العودة أكثر إلى الوراء لوجدنا العديد من الأمثلة التاريخية، حيث كان إستقرار الوضع اللبناني نتاج عملية تدويل أعطت الإذن للقوى الإقليمية بمعالجة قضيته وتوطيد أسسس الإستمرار "الآمن".
وللمؤتمر مطلب الأساسي وهو الحياد والبطريرك بطلبه هذا لم يطلب الا تنفيذ الدستور اللبناني الذي يتكلم بوضوح عن الحياد .
ما حدث في سبت بكركي هو رد فعل طبيعي من حشود أمت الصرح البطريركي من مختلف المناطق والمذاهب لان الناس تلتجئ لمن تثق به ولان طرح بكركي هو مطلب أساسي لهذه الحشود ولو كانت هذه الحشود تمثل بعض الأحزاب والثوار والمجتمع المدني .
والمطالبة بجيش ودولة قوية وفك هيمنة السلاح عن الدولة لتتحرر وتستطيع العمل على وقف الفساد المستشري ووقف الهدر والذهاب الى دولة عصرية هدفها تحسين نمط عيش المواطن ولا ترغب بدفع أثمان حروب الآخرين على أرضنا، تلك الحروب العبثية التي ما زلنا نكابد نتائجها.
نعم بكركي اصابت بما قالت والأكيد ان صوت بكركي سيكون له صدى كبير في أروقة الأمم المتحدة وكرة التأييد ان كانت الشعبية او الدولية سوف تتدحرج ككرة الثلج.