فيفيان حداد - مبادرة "بيت ستات البيوت" لمسة حنان في زمن الوباء

  • شارك هذا الخبر
Sunday, February 21, 2021

الشرق الأوسط


لا تزال المبادرات من فردية وجماعية تنشط في لبنان في ظل أزمة اقتصادية قاسية. فهي تترجم مساعدات للمحتاجين من متضرري انفجار بيروت، وكذلك من الذين يعانون البطالة، وقلة المورد في زمن الوباء.

وتأتي مبادرة «بيت ستات البيوت» (La maisonette de Tania) لتنضم إلى لائحة طويلة من الناشطين في هذا المجال. وترتكز على استقبال واستضافة النساء ربات المنازل اللاتي يعانين من عدم تأمين عناصر حياتية أساسية للقيام بواجباتهن تجاه أفراد عائلتهن. فهذا المنزل الصغير الواقع في منطقة أنطلياس على مساحة لا تتجاوز 150 متراً مربعاً، يفتح أبوابه يوميا لهن من دون مقابل. فيقدم لـ«ستات البيوت» اللاتي يفتقدن إلى سقف منزل دافئ كل ما يحتجنه من أدوات كهربائية وإنترنت ومطبخ صحي ومكونات طعام. ويخصص لكل ربة منزل وقتا محددا يخولها القيام بالمهمات التي تحتاجها.

وتشير تانيا الباشا صاحبة المبادرة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها قررت تقديم هذه المساعدات المباشرة لأصحابها بعد أن لمست تراجعا كبيرا حصل في حياة هؤلاء. وتضيف: «منذ فترة أخذت على عاتقي تأمين الأدوية للمرضى، والمواد الغذائية لمن يحتاجها. وجاء ذلك بالتوازي مع بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان. وإثر انفجار بيروت، تضرر منزلي كغيري من أهالي العاصمة، وصرت أرى بأم العين عذابات ربات المنازل، في كيفية القيام بواجباتهن المنزلية تجاه أفراد عائلاتهن. من هنا قررت إطلاق مبادرة «بيت ستات البيوت» لأنه من واجبنا كلبنانيين مساندة بعضنا، في ظل أزمات متراكمة نعيشها».

وتروي تانيا وهي أستاذة جامعية، كيف استطاعت تأمين هذا المنزل ليكون السقف الدافئ للأم وأولادها، بحيث تستطيع أن تتصرف فيه بحرية وكأنه بيتها. «لقد اعتدت وبمساعدة متطوعين من تلاميذي، في فريق الكورال وفي الجامعة، أن نجتهد لتأمين مساعدات مختلفة. فكنا على اتصال بعدة جمعيات معروفة وكذلك بأشخاص من أصحاب الأيادي البيضاء لتسهيل مهمتنا. وصدف أن اتصلت بي إحدى طالباتي التي هاجرت إلى أرمينيا، تعرض علي استخدام منزلها إلى حين ترميم العمارة التي أسكنها في منطقة كرم الزيتون في الأشرفية. فمنزلي أيضا كان قد نال حصته من الانفجار، وصار غير صالح للسكن. وإزاء هذا العرض فكرت في استخدام المنزل كملجأ لكثيرين غيري. فهناك أشخاص كثيرون في محيطي باتوا اليوم يعانون من البطالة في ظل الجائحة. بعضهم تم طردهم من وظائفهم، وبعضهم الآخر لا يسمح لأزواجهم بممارسة أعمالهم الحرة في ظل الإقفال التام. كل ذلك ولد حالات اجتماعية، وأوجد أناس بالكاد يستطيعون تأمين لقمة خبزهم اليومي».

تفتح تانيا أبواب «بيت ستات البيوت» أمام النساء من مختلف المناطق اللبنانية. وتعلق: لم أشأ حصر المساعدات التي أقدمها بأحياء بيروت المتضررة. فهناك جمعيات كثيرة توليهم الاهتمام. لذلك تحولت لمساعدة ربات منازل يعانين الفقر والعوز ويتوزعن على مناطق ضبية والزلقا والأشرفية، كما النبطية والجنوب والشمال وغيرها. ومن خلال رابط إلكتروني «فونداهوب بيت ستات البيوت» رحت أدعو من يرغب في مساعدتنا من ناحية، وكذلك من يحب من ربات المنازل أن نستضيفها تحت سقف منزلنا. ووضعت برنامجا يوميا لزائراتي في البيت يخولهن في فترة 4 ساعات القيام بمهماتهن على أكمل وجه. فهن باستطاعتهن استخدام آلة الغسيل وتجفيف الثياب وفرن الغاز ومكونات الطعام من لحوم وخضار نتلقاها من الخيرين. كما في استطاعتهن اصطحاب أولادهن معهن كي لا يقلقوا عليهم وهن بعيدين عنهم. ولذلك قمنا باشتراكات خاصة تؤمن الكهرباء، بواسطة الموتورات في حال انقطاعها، وكذلك خدمة الإنترنت، كي يستطيع الأولاد أن يمارسوا دروسهم «أون لاين».

ولأن المنزل يتمتع بمدخلين أساسيين، تؤكد تانيا أنه من السهل على ضيفه أن تتنقل بين صالات المطبخ والغسيل من دون أن تتسبب في الإزعاج لضيفة أخرى. وتقول تانيا في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «إن البيت صغير، ولكنه كبير بقلبه وبالمساعدات التي يستطيع تأمينها. حتى أن كل من يحتاج أدوية أو مونة أو ثياب، يمكنه أن يحصل عليها عندنا بعد أن خصصنا البهو الواسع في المنزل لعرضها مجانا. ونؤمن أيضاً فرصة تتيح لكل سيدة ترغب في أن تعتاش من منتوجات تصنع من مونة وأشغال يدوية، بحيث تستطيع عرضها وبيعها في هذا البهو».

تعمل تانيا على تأمين المساعدات أحيانا، من قبل أشخاص أنهوا فترة علاجهم من مرض ما، فيتقدمون لها بما بقي عندهم من أدوية. فيما آخرون يزودون «بيت ستات البيوت» بثياب مستعملة وصناديق مواد غذائية، بعد أن صاروا يعرفون طبيعة المبادرة.

وتختم تانيا لـ«الشرق الأوسط»: «رسم الفرحة والابتسامة على ثغر «ست بيت» لا وسيلة عندها كي تقوم بأعمالها المنزلية، أو تأمين الدواء لزوجها أو لولدها المريض، تنعكس علي وعلى المتطوعين معي سعادة كبيرة. ونأمل أن يتجاوب معنا كل لبناني خير للاستمرار في رسالتنا هذه، لأننا اليوم بأمس الحاجة لبعضنا».



الشرق الأوسط