قصة نشأة فيروس كورونا تتغير تدريجياً... إليكم آخر نتائج التحقيقات

  • شارك هذا الخبر
Thursday, February 11, 2021

"الفيروس قد يكون قد نشأ خارج الصين"، قد تصبح بكين لديها مزيد من الثقة وهي تروج لهذا الاحتمال بعد انتهاء تحقيقات بعثة منظمة الصحة العالمية، التي ترمي لمعرفة منشأ فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 2.3 مليون شخص في أنحاء العالم.

وانتهى عمل بعثة منظمة الصحة العالمية في الصين، ولم يصدر بعد تقرير رسمي، ولكن ما خرج بشكل أولي عن البعثة من المتوقع أن يثير كثيراً من الجدل السياسي والعلمي على السواء، وتحديداً فيما يتعلق بمسألة منشأ فيروس كورونا.

وتم نشر بعض المعلومات عن نتائج تحقيق منظمة الصحة العالمية عبر الحسابات الشخصية على Twitter لأعضاء بعثة المنظمة إلى الصين أثناء المهمة، ولكن ظهرت المزيد من التفاصيل والآراء أثناء استعدادهم لمغادرة البلاد.

وانتهت البعثة دون العثور على مصدر منشأ فيروس كورونا، ولكن النتائج الأولية حملت تلميحات تبدو مريحة للصين، فيما يتعلق بقضية منشأ فيروس كورونا.

هل تعاونت الصين مع البعثة؟
تحاول بكين تبديد الانتقادات الموجهة إلى تعاملها مع المراحل الفوضوية المبكرة من تفشي المرض، خاصة أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ألقى باللوم على الصين، وكرر نظرية مثيرة للجدل مفادها أن تسرباً من معمل في ووهان قد يكون مصدر الوباء.

وبينما أصر العديد من أعضاء البعثة على أن بكين منحتهم حق الوصول الكامل إلى المواقع والأفراد الذين طلبوا زيارتهم، كشفت عالمة الأوبئة الدنماركية وعضو الفريق ثيا كولسن فيش أنهم لم يتلقوا أي بيانات أولية عن نشأة الجائحة (أي معلومات أصلية في صورة خام)، وبدلاً من ذلك اعتمدوا على تحليلات العلماء الصينيين.

ويتسق موقف العالمة الدنماركية مع المخاوف واسعة النطاق بشأن وصول العلماء إلى البيانات بعد عام من تفشي المرض، ووسط اتهامات بأن بكين قللت من خطورة تفشي المرض.

عضو في البعثة يدخل في جدل مع أمريكا، وينصح بايدن
كان على الخبراء السير على حبل مشدود دبلوماسياً، حيث حثت الولايات المتحدة على إجراء تحقيق "قوي" قبل مغادرتهم، وحذرت الصين من تسييس القضية.

أثناء اختتامهم لمهمتهم غرد عضو فريق البعثة، عالم الحيوان البريطاني والخبير في علم البيئة المرضي وعضو البعثة بيتر داساك، قائلاً إن أعضاء البعثة عملوا "بشكل ثابت وهادئ في ظل أكثر بيئة مشحونة سياسياً".

تم ربط تعليقات داساك بمقال يشير إلى تعليقات وزارة الخارجية الأمريكية التي ألقت بظلال من الشك على شفافية تعاون الصين مع بعثة منظمة الصحة العالمية.

في وقت لاحق أصدر عضو البعثة تغريدة غير عادية تحمل إشارة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وكان لافتاً ما قاله بيتر داساك، في معرض انتقاده للتفسيرات المنسوبة لجهات أمريكية بشأن أن أصل الفيروس جاء من تجربة خاطئة أجريت في معمل في مدينة ووهان.

وقال داساك، في تغريدة على تويتر مخاطباً بايدن "من فضلك لا تعتمد كثيراً على المعلومات الاستخباراتية الأمريكية".

ويرأس داساك منظمة "EcoHealth Alliance" غير الربحية ومقرها الولايات المتحدة، والتي تراقب تفشي الأوبئة وتشارك لأكثر من عقد مع معهد ووهان لعلم الفيروسات في الأبحاث المشتركة لفيروسات كورونا (وهو المعهد الذي اتهم من قبل ترامب وأنصاره بالتسبب في الفيروس، علماً بأن تقارير دبلوماسية أمريكية سابقة على الجائحة شككت في مستوى الأمان في المعمل).

تجدر الإشارة إلى أن داساك كان أحد أكثر المؤيدين صخباً من أصل طبيعي، وفي تعليقات لفرانس برس العام الماضي رفض احتمال حدوث تسرب من مختبر ووهان، باعتباره "نظرية مؤامرة" ذات دوافع سياسية يحفزها ترامب.

وفي العام الماضي، أنهت إدارة ترامب فجأة منحة حكومية أمريكية تدعم البحث المشترك للمجموعة مع منشأة ووهان، وهي خطوة انتقدها المجتمع العلمي باعتبارها سياسية.

أمريكا تشكك والصين تحاول الضغط على منظمة الصحة العالمية
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس إن البيت الأبيض "يدعم هذا التحقيق بوضوح"، لكنه أيد الانتقادات بأن الصين أخفت معلومات.

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الصين قد تعاونت بشكل كامل مع فريق منظمة الصحة العالمية، قال برايس للصحفيين: "أعتقد أن هيئة المحلفين ما زالت خارج الخدمة"، وذلك فيما يبدو أنه اتهام ضمني بأن الصين تمارس تضييقاً على بعثة منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي لا يمكنها من الحكم بشكل دقيق.

في المقابل، كان لافتاً قول بكين اليوم الأربعاء إن التحقيق في الصين هو مجرد "جزء واحد" من التحقيق في أصل الفيروس، في تلميح إلى رغبة بكين إلى توسيع البحث عن أصل الفيروس خارج الصين.

قال وانغ ون بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية: "نأمل أن تتبنى الولايات المتحدة، مثل الصين، موقفاً منفتحاً وشفافاً وتدعو خبراء منظمة الصحة العالمية لإجراء البحوث والدراسات في الولايات المتحدة".

كانت النتيجة الأبرز التي خلص إليها فريق منظمة الصحة العالمية إلى أن نظرية أن خطأً ما في تجربة معملية كان مصدر الفيروس هي نظرية "غير مرجحة للغاية"، حسب تعبير الفريق.

منشأ فيروس كورونا يزداد غموضاً
في الواقع، لم تخبرنا النتائج الأولى والجزئية للغاية التي أشارت إليها تحقيقات منظمة الصحة العالمية بالكثير الذي لم يكن العلماء يعرفونه بالفعل عن أصول جائحة الفيروس التاجي.

فالأسئلة المهمة، لا تزال إلى حد كبير دون إجابة بعد زيارة بعثة منظمة الأمم المتحدة إلى الصين.

وعلى الرغم من الفشل في العثور على منشأ فيروس كورونا بعد عام من بدء الوباء، اتفق فريق الخبراء التابع لمنظمة الصحة العالمية على أنه من المحتمل أنه انتقل من الخفافيش إلى نوع حيواني غير معروف قبل أن ينتقل إلى البشر.

ولكن لا يزال المسار الدقيق لانتقال فيروس كورونا من الحيوانات إلى البشر غير معروف، أو حتى أنواع المضيف الوسيط التي ربطت فيروسات الخفافيش التاجية بالنسخة البشرية من الفيروس.

المنظمة تلمح إلى أنه قد يكون قد نشأ خارج الصين
ولكن اللافت أن الفريق قدم طرقاً جديدة للتحقيق في أصل الوباء، تتماشى مع وجهة نظر الصين التي تقول إن الفيروس قد يكون نشأ في الخارج أو انتشر عن طريق الأطعمة المجمدة.

كما أنه من غير الواضح ما إذا كان المرض قد انتشر في سوق ووهان الرطب الذي نسب له أول تفشّ كبير للفيروس في هذه المدينة ووهان أم يكون الفيروس قد انتقل للسوق ربما من مكان آخر في الصين كما اقترح بعض العلماء.

لا شيء من هذا يثير الدهشة بشكل كبير، فحتى بعد ثماني سنوات من تفشي مرض ميرس (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية التي انتشرت في السعودية)، فإن فهم مسار انتقال فيروس ميرس (الذي ينتمي لنفس عائلة كوفيد 19) من الخفافيش إلى الجمل العربي إلى الإنسان لا يزال مفهوماً جزئياً فقط.

من خارج ووهان، وعليكم التركيز على المجمدات كمصدر لانتقال الفيروس
ومع ذلك، كان اللافت للنظر سواء فيما يتعلق بفريق منظمة الصحة العالمية وزملائهم الصينيين الحديث حول الطبيعة البطيئة والمعقدة للعمل الذي تم الاضطلاع به.

والأهم تركيز عمل بعثة منظمة الصحة العالمية للصين على مسألة تتبع مصدر كل من المنتجات الحية والمجمدة، البرية أو المستأنسة، التي تم بيعها من قبل التجار في سوق ووهان، ومحاولات تقصي احتمال أن الفيروس نشأ خارج سوق ووهان أو الصين بأكملها.

وتشير دراسة بعثة منظمة الصحة العالمية إلى توسيع شبكة التقصي لمعرفة ما إذا كان المرض قد ظهر خارج ووهان وما إذا كان السوق فعالاً في نشره.

ومن المعروف أن تفشي فيروس كورونا في ووهان قد بدأ بسرعة كبيرة في ديسمبر/كانون الأول 2019.

ولكن المثير للاهتمام أيضاً، هو تركيز البعثة على مسألة تفشي المرض في أماكن أخرى ذات صلة بتعبئة الأغذية واللحوم المجمد، هو ما يطرح تساؤلات عن قدرة فيروس كورونا على البقاء على قيد الحياة والانتقال في ظروف البرودة التي تميز سلاسل تخزين في الأطعمة الباردة والمجمدة.

وقال بيتر بن امبارك، أخصائي أمراض الحيوان بمنظمة الصحة العالمية الذي قاد بعثة المنظمة إلى الصين: "نعلم أن الفيروس يمكن أن يعيش في الظروف التي توجد في هذه البيئات الباردة والمجمدة، لكننا لا نفهم حقاً ما إذا كان الفيروس يمكن أن ينتقل إلى البشر في هذه الظروف".

وقال امبارك إنه سيكون من المجدي استكشاف ما إذا كان حيوان بري مجمد كان يباع في السوق يمكن أن يؤدي إلى الانتشار السريع للفيروس.

والمثير هنا أن رئيس البعثة قال إن العمل على التعرف على أصول فيروس كورونا يشير إلى أن مصدرها الخفافيش، لكن من غير المرجح أن يكون في ووهان.

هل تساعد منظمة الصحة العالمية على نشر نظرية الصين عن أصل الفيروس؟
بينما خلص الفريق إلى أن نظرية أصل الفيروس يعود إلى خطأ في تجربة معملية هي نظرية "غير مرجحة للغاية" حسب تعبيرهم، فاللافت أنهم قدموا طرقاً جديدة للتحقيق، تتماشى مع وجهة نظر الصين التي قد تكون نشأت في الخارج أو انتشرت عن طريق الأطعمة المجمدة.

وعمدت بكين مراراً وتكراراً إلى النظرية القائلة إن الفيروس تم إحضاره إلى الصين من خلال ما يسمى بمنتجات السلسلة الباردة المستوردة مثل المأكولات البحرية المجمدة، وربطها بالعديد من الفاشيات المحلية في الأشهر القليلة الماضية.

في حين قال مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايك رايان، في وقت سابق "لا يوجد دليل على مشاركة الغذاء أو السلسلة الغذائية في انتقال العدوى"، يبدو أن أعضاء بعثة منظمة الصحة العالمية الثلاثاء 9 فبراير/شباط أعطوا وزناً لنظرية الصين القائلة بإمكانية حمل العدوى عبر منتجات سلسلة التبريد.

فيروس كورونا نشأ في أوروبا!
وتروج الصين لرواية عبر وسائل الإعلام الحكومية بأن الفيروس كان موجوداً في الخارج قبل اكتشافه أواخر العام الماضي في مدينة ووهان بوسط البلاد، حيث تم تتبعه إلى سوق للمأكولات البحرية.

واستشهدت وسائل الإعلام الحكومية الصينية باكتشافها فيروس كورونا على عبوات الأغذية المجمدة المستوردة من الخارج، وكذلك بعض الأوراق العلمية التي تزعم أن الفيروس التاجي كان ينتشر في أوروبا في وقت أبكر مما كان يعتقد سابقاً، كدليل على أن الصين ربما لم تكن منشأه.

على عكس البلدان الأخرى، تستشهد الصين بتغليف الأطعمة المجمدة كمصدر خطر لانتشار COVID-19، وقد كثفت عمليات التفتيش وأصدرت سلسلة من الإعلانات عن العثور على الفيروس على عبوات أغذية مبردة، ما أدى إلى رفض البضائع وشكاوى من المصدرين الخارجين، على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية تقول إنه لا الطعام ولا التغليف هو طريق انتقال معروف.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قال خبراء، في منشور على فيسبوك نشرته صحيفة People's Daily الرسمية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم: "لم يبدأ # COVID19 في ووهان بوسط الصين، لكنه قد يكون قد جاء من خلال أغذية وعلب مجمدة مستوردة.

وسبق أن قال زينغ كوانغ كبير علماء الأوبئة السابق لمركز مكافحة الأمراض في الصين، متى وأين بدأ الفيروس ينتشر مسألة محيرة، إن تتبع الفيروس لا يمكن أن يجيب عن جميع الأسئلة، ولكن من المرجح جداً أن الفيروس قد تعايش في أماكن متعددة قبل أن يتم اكتشافه في ووهان.

وأضاف أن حقيقة اكتشافه لأول مرة في ووهان كانت شهادة على قوة نظام الوقاية من الأمراض المعدية في الصين، والذي تم تطويره استجابة لتفشي مرض سارس في 2002-2003.

وقال وانغ يي، كبير الدبلوماسيين في الحكومة الصينية، إنه من غير الواضح ما إذا كان الفيروس نشأ في الصين، بينما وبخت الخارجية الصينية الدول التي تشير إلى الصين باعتبارها المصدر، كالولايات المتحدة وأستراليا.

واستشهد المسؤولون الصينيون ووسائل الإعلام الحكومية الصينية بورقة نشرها المعهد الوطني للسرطان في إيطاليا، والتي قالت إن الأجسام المضادة لـ COVID-19 تم العثور عليها في عينات من مرضى السرطان تم أخذها هناك في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

وزعمت ورقة أخرى نُشرت في وقت سابق من هذا العام أنها وجدت آثاراً لفيروس كورونا المستجد في نظام الصرف الصحي في برشلونة في العينات المأخوذة في مارس/آذار 2019.

وتعرضت كلتا الدراستين للنقد في الغرب.

وقال فرانسوا بالو عالم الوراثة في يونيفرسيتي كوليدج لندن، على تويتر: "حتى لو كان الفيروس موجوداً في إيطاليا في سبتمبر/أيلول 2019، فهذا لا يعني بالضرورة أنه نشأ هناك.

"أحد الأدلة القوية التي تدحض نظرية منشأ فيروس كورونا الأوروبي هو أن أقرب فيروس نعرفه إلى فيروس كورونا المستجد ينتشر في الخفافيش في الصين. وهذا يرجح أن منشأ فيروس كورونا في شرق آسيا، وعلى الأرجح الصين.

لكن اللافت أن أن بيتر بن امبارك رئيس بعثة منظمة الصحة العالمية للصين سبق أن فتح الباب أمام احتمالات أخرى لمنشأ الفيروس غير سوق ووهان، عندما قال في نوفمبر/تشرين الثاني "وقال إنه سيكون من المهم التحقيق فيما إذا كان عمال السوق لديهم "بعض الصلات خارج ووهان، في بعض الأرياف أو المقاطعات أو البيئات الزراعية أو بيئات الصيد في جنوب الصين أو ربما حتى خارج الصين؟".

والنتيجة الأولية التي ظهرت من عمل البعثة أنها بينما حسمت تقريباً استبعاد احتمال أن يكون منشأ فيروس كورونا نتيجة خطأ معملي من جانب الصين، فإنها أعطت زخماً ولو محدوداً إلى رواية بكين بأن الفيروس قد نشأ خارجها.


عربي بوست