د. روي حرب- خروقات بالجملة والمفرق...

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, January 27, 2021


خروقات اسرائيليّة متكرّرة بشكل شبه يومي، ليس على الحدود فحسب، بل في الأجواء اللبنانية المستباحة في ظلّ غياب "ضهر" قوي للدولة.
خروقات سوريّة مستدامة على الحدود بفعل التهريب، لا للبنزين والمازوت والأدوية والطعام فسحب، بل لودائع الناس وجنى عمرهم الذي حوّلوه الى دعم غير مدروس يتبخّر يوماً بعد يوم من خزنة المصارف.
خروقات متكرّرة للدستور في السياسة اليوميّة؛ غموض ومناكفات بين رجُلَين يفترض أن يكونا مسؤولَين عن بلد ينهار، ولكن لا يقومان بأيّ مبادرة، لا لشيء بل لبسط وهرة كلّ منهما على الآخر.
خروقات متكرّرة لهيبة الدولة، فهنا شعب لا يحترم الاقفال العام ويتذاكى بحجّة الموت جوعاً مضحياً بحياة عائلته وأحبابه لأنّ "خلقه قد ضاق" وجيبه أيضاً، وهناك عنصراً من قوى الأمن يعتدي على محامٍ، في حين أنّ عنصراً آخراً يُعتدى عليه في وضح النهار، وهنا تفرض الدولة سيطرتها وتسطّر ضبطاً تلو الآخر، بينما هناك تتمنى الاقفال ولا تجبر.
خروقات أخلاقيّة لا تعد ولا تحصى، ففي كل يوم خيانة، وألفاظ سوقية بين المراهقين، وتلاعب على القانون، و"مرجلة" على المستضعفين، وزفاف في عزّ الاقفال، وعزاء في عزّ الحجر، وسهرات شتوية في المطاعم في عزّ التعبئة العامة...
ولكن، هل تقتصر الخروقات على أبناء البلد؟ طبعاً لا، فهذه الخروقات تبدأ من رأس الهرم، ممن يفترض أن يكونوا مسؤولين عن تدبير شؤون حياتنا اليومية، ممّن أوكلناهم زمام أمور حياتنا، فأيّ وزير التزم بالحجر؟ أو أيّ مرافق وزير التزم بالقانون؟ فالمرافق صار وزيراً على قاعدة "مرافق الريس... ريس"، وأيّ سائق لشخصية عامة التزم بالقانون ولم يهدّد هذا أو ذاك بمسدسه، بسبب أو بدون سبب؟
خروقات للإنسانيّة بدون حسيب ولا رقيب، فهنا تهديد بالقتل، وهناك شتائم متبادلة بين عمالقة في الإعلام لا مبرّر لها سوى من يقف خلفها، وهنالك انحدار أخلاقي وفني وذوقي على الصعد كافة، وكأنّ كرة الانهيار الثلجي لن تقف عند حد قبل تدمير كلّ ما تبقى من مجتمع فقد حتى الساعة جميع مقوّمات البقاء، ماديّة كانت أم معنوية.
فلنهبّ لنجدة الفقير والمريض، ولنتعاضد لنشدّ أواسط المناطق المحرومة بحق، ولنكفّ عن "الحربقة" والتذاكي، ولنغذي الروح ببعض من الإنسانية والثقافة، ولتكن لنا فترة الحجر والاقفال فترة نقاهة من كلّ السخافات، وزوّادة ثقافة في كلّ الميادين، عسانا متى عدنا للحياة الطبيعية ننهض بلبناننا، ولو "باللي بقيو".

#خدوني_ع_قد_عقلاتي
دكتور روي ج. حرب