خاص- 3 اسئلة وجودية تحدد مصير لبنان الحالي...- بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Saturday, January 16, 2021

خاص- الكلمة أونلاين
بولا أسطيح

يعي اللبنانيون او أقله القسم الأكبر منهم ان بلدهم اليوم على مفترق طرق سيتحدد مصيره ومستقبله تبعا للمسار الذي سيختاره ويسلكه او حتى يدفع باتجاهه. لا بل ابعد من ذلك، يبدو مصير الكيان اللبناني بحد ذاته في مرحلة اعادة النظر ، وان كان مختلف الفرقاء لا زالوا يعتمدون سياسة النعامة لاعتبارات مختلفة مرتبطة بمصالحهم وأجنداتهم ذات الامتداد الخارجي.
وفي محاولة لتبسيط المشهد الشديد التعقيد، يمكن الحديث عن ٣ أسئلة وجودية تحدد مصير لبنان الحالي:
السؤال الاول ينطلق من الازمة الحكومية ليتوسع باتجاه مصير النظام اللبناني الذي نعرفه. فهل تفتح هذه الازمة الباب واسعا امام عملية اعادة النظر بالنظام والتي وضعها على الطاولة رئيس "التيار الوطني الحر" مؤخرا؟ وهل يتخذ الراغبون بتعديله الازمة السياسية الحالية التي باتت ترتكز على تفسيرات متناقضة للدستور وبالتحديد لماهية صلاحيات ودور الرئاستين الاولى والثالثة، ذريعة للدفع باتجاه مؤتمر تأسيسي كان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اول من دعا اليه عام ٢٠١٢؟
لا شك ان لا جواب شاف على السؤال الاول، وان كانت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لا تستبعد دخول الازمة الحكومية في نفق مظلم طويل يهدد ما تبقى من اسس الهيكل اللبناني، وهو مسعى يقوده بعض الخارج والداخل لزعزعة الكيان واسقاط جدرانه وسقفه على رؤوس الجميع لانطلاق عملية بناء "على نظيف" او بمعنى آخر كما يبتغيها هؤلاء متكئين على ميزان قوى يميل وبشدة لصالحهم.
أما السؤال الثاني فمرتبط بالكارثة الصحية التي تعصف بنا، فهل نشهد على ابادة جماعية نتيجة عدم الالتزام بالإرشادات والاقفال العام بعدما تخطى عدد الوفيات يوميا ال٤٠؟؟ فلم يعد لبناني واحد لا يعرف شخصا او ٢ توفيا بسبب كورونا في الايام الماضية والاخطر، انه بحسب مصادر طبية فعدد الوفيات سيواصل ارتفاعه اقله حتى نهاية الاسبوع المقبل بعد بلوغ المستشفيات سعتها القصوى واضطرار العشرات لتلقي العلاج في منازلهم ما يعرضهم لمضاعفات شتى. وتوضح المصادر ان ارتفاع عدد الوفيات مرتبط ايضا الى حد بعيد بارتفاع عدد المصابين والذي تخطى يوميا ال٥٠٠٠.
وهنا قد يبدو اعطاء جواب اشبه بعملية تنجيم خاصة وان احدا لم يكن يتوقع ان يتحول السيناريو اللبناني للاسوأ عربيا بعدما وضعتنا الارقام المسجلة في الموجة الاولى من كورونا في المراتب الاولى دوليا من حيث القدرة على استيعاب الوباء. وبحسب مصادر طبية فان الاقفال التام المعلن حتى ٢٥ الشهر الجاري سيكون من دون جدوى في حال لم يتم تمديده او اقله في حال لم يكن هناك خطة حازمة للتعامل مع المرحلة التي تلي، خاصة بعدما تبين عدم وجود نية او حتى وعي لدى قسم كبير من اللبنانيين الذين لا يفوتون فرصة للالتفاف على القوانين والقرارات.
ويأخذنا السؤال الثاني تلقائيا الى السؤال الثالث المصيري والمرتبط بالوضعين المالي والاقتصادي، فمن يلجم الانهيار الحاصل في سعر الصرف مع تخطي حاجز ال٩ آلاف ليرة؟ وهل نصل للسيناريو الفانزويلي ماليا او نتخطاه؟؟ اذ يشير التدهور الحاصل على صعيد تشكيل الحكومة المتزامن مع كوارث في القطاع الصحي الى ان الدولار سيواصل تحليقه مقابل الليرة بغياب اي حلول توقف الانهيار وتقلل من خسائر الارتطام المدوي. وينبه احد النواب من ان سعر الصرف قد يلامس ال٥٠ الف ليرة في حال استمر الوضع على ما هو عليه اشهرا اضافية. ويقول:"اذا لم يتم سريعا تدارك الاوضاع فنحن نذهب الى ما هو اكبر من كارثة واخطر من انهيار وانفجار".
وهنا يبدو الجواب على هذا السؤال متاحا، بحيث ان لا مجال لاعادة وضع القطار اللبناني على السكة من دون مساعدة صندوق النقد، مهما كانت الكلفة التي سنتكبدها، وهي كلفة تزداد مع مرور الوقت وتفاقم الازمات... اما طريقنا الى الصندوق فخضوع لارادة دولية تجلت بمبادرة فرنسية قبل فترة وقد تتطور الى مبادرة اخرى اشد حزما في المستقبل القريب.
بالمحصلة، فان الايام والاشهر القليلة المقبلة كفيلة بالاجابة عن كل هذه الاسئلة، لكن ما بات محسوما ان لبنان الذي كنا نعرفه قبل عام ٢٠١٩ انتهى وان ملامح لبنان الجديد بدأت ترتسم، فأي دور لنا كلبنانيين بتجميلها وجعلها تشبه اكثريتنا التي لا تحلم الا بوطن حر مستقل لجميع ابنائه؟!