خاص- "هجمة عونية" مضادة في كل الاتجاهات... بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Thursday, December 17, 2020

خاص- الكلمة أون لاين

بولا أسطيح

انطلق عمليا في تشرين الاول الماضي العد العكسي لنهاية عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. عهد عول عليه العونيون وقسم كبير من اللبنانيين الآخرين كثيرا، بحيث رجحوا ان يشهد خلاله لبنان العبور الكبير باتجاه الدولة المدنية التي كانت مشروع العماد عون في مشواره السياسي الطويل. عهد اعتقد هؤلاء انه سيشهد اكبر عملية اصلاح في تاريخ البلد تعيد له دوره المنافس في المنطقة بعدما تحول في الاعوام ال٣٠ الماضية لمجرد متلق للمساعدات والهبات التي جعلته مجرد تابع وخاضع لمشيئة وارادة دولة هنا او اخرى هناك. لعل فرحة العونيين خلال جلسة انتخاب زعيمهم رئيسا كانت عارمة لدرجة انهم لم يهتموا ل"المسرحيات" غير المسبوقة التي شهدتها الجلسة. لكن من يعيد تشغيل تسجيلا مصورا لتلك اللحظات يعي ان كل ما فيه يعطي اشارات واضحة ان السنوات ال٦ المقبلين لن يكونوا شهر عسل لعون والعونيين.. لكن آخر ما كان يمكن توقعه ان تتحول هذه السنوات الى جهنم بفعل تضافز وتفاعل عوامل متعددة أدت لانفجار الازمات كافة دفعة واحدة.

ظن العونيون لوهلة انهم وباتفاقهم وتفاهمهم مع رئيس "المستقبل" سعد الحريري وبتوقيعهم اتفاق معراب الذي كان يفترض ان يطوي صفحة سوداء في تاريخ الصراع المسيحي-المسيحي، فرشوا الارض امام عون بالورود ووضعوا له السجاد الاحمر ليدخل الى قصر بعبدا مخلصا على حصانه الابيض احتفلوا به بالآلاف صادحين "يا بعبدا جاييكي العز"... للاسف لم تعرف بعبدا العز ولم يعرفه لبنان.. فاذا كان العامان الاولان من الولاية الرئاسية تحضيريين لباقي الولاية، تمكن خلالهما العونيون من خلال تفاهمهما مع الحريري من تمرير حد ادنى من المشاريع ما حولهما لثنائية تمرر ما تريد ازعجت باقي القوى، شكلت ازمة الحريري في السعودية وانتفاضة اخصام عون وبخاصة بعد انهيار اتفاق معراب، سببين رئيسيين لكباش حاد شهدهما العامان اللذان لحقا، لتصل الامور الى ذروة التصعيد وينطلق بعدها رسميا قطار الانهيار صيف العام ٢٠١٩.

حاول العونيون منذ العام ٢٠١٦ تقديم ما امكنهم من تنازلات لضمان نجاح العهد، اعتمدوا سياسة "عفا الله عما مضى"، سايروا الد اعدائهم، قفزوا فوق الكثير من عناوينهم العريضة التي رفعوها خلال مسيرتهم السياسية، فقط للحؤول دون تفخيخ العهد وافشاله... كل هذا لم ينفعه فأتتهم الضربات على دفعات من الداخل والخارج على حد سواء.. امتصوا ما استطاعوا منها لكن "الاسفنجة البرتقالية" بلغت ذروة امتصاصها ويبدو ان العونيون قرروا تخصيص العامين الاخيرين من العهد ل"الرد الكبير"، بعدما بات واضحا انه وبعد انهيار الهيكل على رؤوس الجميع لم يعد هناك مجالا لتعويض كل خسارات الاعوام السابقة.. فلا انتشال العهد ممكن ولا حتى انتشال البلد بصيغته الحالية.

الهجمة العونية المضادة ستكون بكل الاتجاهات. تبدأ من الحكومة بحيث لا يبدو عون بصدد تقديم اي تنازل يذكر على الاطلاق وبخاصة في مجال تسمية الوزراء المسيحيين. فهو وبحسب مصادر "التيار" "ليس بصدد السماح باعادة عقارب الساعة الى الوراء ويسمح بالتنازل عن حق استعاده المسيحيون حديثا تحت حجج واهية كتشكيل حكومة اخصائيين او غيره".

اما قضائيا، فلم يعد خافيا ان المعركة العونية ستشهد جولات كثيرة في القضاء الذي يعتبره العونيون ملاذهم الاخير ..فهم وان كانوا ينفون نفيا قاطعا وجود غرف تعد ملفات لهذا او ذاك، لا ينفون وجود ملفات فساد معروفة من الجميع باتت تتحرك بدفع منهم، مستغربين لماذا لا تدفع باقي القوى بملفات يعتقدون ان فيها شبهات بالفساد تطال عونيين!
اما الشارع، فيبقى ورقة يلعبها العونيون عند الحاجة. استخدموها لمنع ناشطي ١٧ تشرين من اتخاذ طريق قصر بعبدا مركزا لتظاهراتهم بديلا عن مداخل مجلس النواب.. واجهوا الناشطين بالقوة كانوا احيانا خلف القوى الامنية وبكثير من الاوقات امامها.

بالامس ايضا لجأوا الى الشارع للرد على مقدمة اخبار تلفزيون "الجديد".. سواء اكان تحركا تلقائيا من حزبيين استفزهم ما سمعوه او بهمسة من قيادة التيار، ففي كلتي الحالتين تؤكد المصادر العونية ان "القيادة لم تعد قادرة على ضبط الحزبيين والمناصرين الذين يشعرون باحتقان غير مسبوق نتيجة الاستفزازات المستمرة ومحاولات تحميل العهد وحيدا مسؤولية الانهيار، لا بل ابعد من ذلك تصويره الفاسد الوحيد في الجمهورية، وهو ما تكفل به الاميركيون من خلال عقوبات حصروها بالوزير باسيل، لتبرئة من نهبوا البلد على مر السنوات ال٣٠ الماضية واوصلوه الى ما هو فيه من اهتراء".

بالمحصلة، انه زمن المواجهات على الصعد كافة. فكل فريق سيسعى لتحميل الآخر مسؤولية الانهيار ... والانهيار سيتواصل والمواجهات ستتواصل حتى موعد الانتخابات النيابية.. عندها لكل حادث حديث.