خاص ــ الحريري وعون: الابن الضال والاب المتسلط!؟ - بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Thursday, December 3, 2020

خاص ــ بولا اسطيح

الكلمة أونلاين

ينقل احد السياسيين الاصدقاء لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون عنه انه ونتيجة التجارب الحكومية السابقة له مع رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري وصل الى قناعة بأنه ليس الشخصية المفضلة لديه ليضع يده بيدها لانجاح العهد والنهوض بالبلد. ينتقد عون استيقاظ الحريري متأخرا بخلافه..فهو يبدأ نهاره باكرا جدا بعكس رئيس "المستقبل" الذي حين يستيقظ يكون عون قد أنهى الكثير من الاعمال وقام بالكثير من اللقاءات والاجتماعات.. وتكون فترة الظهر والساعات الاولى من بعد الظهر فترة استراحة للرئيس في الوقت التي تكون ساعات الذروة بالنسبة لاتصالات ولقاءات الحريري.
لطالما تحدث الرئيسان عن علاقة اب بابنه.. علاقة كانت على ما يرام في الاعوام الاولى من رئاسة عون قبل ان تتحول لما يشبه العلاقة التي تجمع عادة الابن المراهق الطائش بوالده المتسلط القاسي. يتهم "المستقبليون" رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بالتأثير على علاقة عون-الحريري التي وبالرغم من كل شيء ظل يسودها الاحترام المتبادل. يشتكون، كما الكثيرين سواء داخل البيت العوني او خارجه، من التأثير الكبير لباسيل على عون بحيث تخطت العلاقة بينهما بأشواط علاقة الابن بأبيه. يعتبرون ان الرئيس يرى به ليس فقط الابن الذي لم يكن له، انما وريثه السياسي الوحيد الذي لم يخذله يوما والذي تشرب برأيه كل فكره السياسي والوطني الى حد التماهي!
ففي الوقت الذي يجد عون بالحريري "ابنا ضالا" ويجد بباسيل "الابن المثالي"، يرى رئيس "المستقبل" بعون الاب المتسلط ويعيره بتفضيل احد ابنائه على كل الآخرين.
ومنذ انفراط عقد حكومة الحريري في تشرين الاول ٢٠١٩ على وقع صرخات المجموعات المنتفضة، وقرار الاخير الانضواء في صفوف "الثوار"، لا ينفك العونيون يتهمون الزعيم السني الشاب ب"الغدر"... يذكرون بأزمته في السعودية وبمواقف رئيس الجمهورية كما النائب باسيل خلال تلك الفترة مقابل مواقف وآداء "مستقبليين" ما لبثوا ان انقلبوا عليه... حتى يذهب العونيون ابعد من ذلك معتبرين انه لولا عون لكانت ازمة الحريري مستمرة ولو بشكل او بآخر.
بالمقابل، يعتبر "المستقبليون" ان باسيل من طعن الحريري في الظهر حين قرر الانقلاب على كل التفاهمات والاعراف وفرض نفسه حاكما مطلقا، ما اثر على صورة وموقع الحريري سواء في بيئته السنية التي باتت تتعاطى معه كراضخ بالكامل لارادة باسيل او في المجتمع الدولي الذي قرر اعادة النظر بدعم ومساعدة لبنان بعد كل ما اشيع عن ان الحكومة التي يرأسها الحريري، يديرها باسيل ويتحكم بها حزب الله. واتت انتفاضة ١٧ تشرين لتضع حدا نهائيا لعلاقة باسيل- الحريري التي لم تستقر يوما وظلت اسيرة المد والجزر.
واليوم، ومع فرض الحريري نفسه رئيسا مكلفا رغم ارادة الثنائي عون- باسيل، يشعر رئيس الجمهورية مجددا انه مضطر للتعاون مع الحريري وان كان مقتنعا ان هذا التعاون الذي لم يثمر بالسابق لن يثمر اليوم وان عليه ان يخوض وحيدا معارك شتى، على غرار معركة التدقيق الجنائي التي يبدو انه ذاهب فيها الى النهاية". لكن ما رضح له عون بقوة الدستور لجهة تكليف الحريري مجددا تشكيل الحكومة، لن يحصل حين يحين وقت التوقيع على التشكيلة الحكومية. وهو وبحسب مصادره، "لن يسير بأية تشكيلة تحت ضغط الوقت او التحديات والازمات لاقتناعه بأنه امام فرصة اخيرة لانقاذ العهد والبلد على حد سواء. وان ذلك لا يمكن ان يحصل بتوقيعه على تشكيلة حكومية تشبه الحريري وتخضع لاملاءات الخارج". ويسود حاليا جو مفاده ان الرئيس المكلف سيتجه يوم الخميس او الجمعة الى قصر بعبدا لتقديم "تشكيلة امر واقع"، اي تشكيلة تضم اسماء كل الوزراء، ليكون على عون الموافق عليها او النقاش ببعض الاسماء والبحث مع الحريري بامكانية تعديلها او رفضها بالكامل رفضا للآلية التي اعتمدت بالتشكيل اي لجهة عدم الوقوف عند آراء الكتل الكبرى.
وكما يربط عون مصير عهده، بالتشكيلة الحكومية المقبلة، يربط الحريري مستقبله السياسي بهذه التشكيلة لعلمه بأن الخضوع المباشر والعلني لرغبات وطلبات باسيل وحزب الله سيعني اعلان المواجهة المفتوحة مع المجتمع الدولي والتي ستكون اولى تداعياتها عقوبات اميركية على الحريري الذي بات يعلم انه تم اعدادها ووضعت في احد الادراج على ان تخرج منه عندما تستدعي الحاجة.
اذا هي معركة وجود واستمرارية يخوضها الثنائي عون-الحريري، بات من الصعب تفاديها في خضم العواصف المحتدمة اقليميا ودوليا والكباش الذي بلغ اوجه في ملفات الترسيم والنفط والغاز. ولكن اتنفع استمرارية هذا او ذاك على انقاض الهيكل اللبناني؟