جورج خوري- التدقيق الجنائي يخرج عن المسار المطلوب

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 23, 2020

خرج التدقيق الجنائي عن المسار الذي نادى فيها الشعب وطالبت به ثورة 17 تشرين، فأهل السلطة ونظرا لخبرتهم الطويلة بافشال كل ما يتصل بمراقبة ومحاسبة المتورطين بالحسابات المالية للدولة عمدوا الى تفخيخ العقد الجنائي الذي تم توقيعه مع شركة الفاريز منذ اليوم الاول برعاية وزارة المال المعنية مباشرة عن كل ما يتصل بالانفاق في هه الدولة.
وحده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أيقن ما يدور في الكواليس بعد شرح مستفيض من قبل حاكم مصرف لبنان حول الخبايا التي وضعت في التدقيق الجنائي، فالتزم بموقف حازم يؤكد ضرورة المضي بالتدقيق الجنائي بكل الوزارات والصناديق التابعة للدولة اللبنانية رافضا الاستنسابية.
ورغم النصائح التي قدمها عدد من الخبراء الماليين للحكومة بضرورة تحويل العقد مع شركة الفاريز إلى تدقيق في حسابات وزارة المالية كونها مصدر الإنفاق، ومعرفة ما اذا كان هناك خلل ليتحرك القضاء على هذا الاساس وتكون انطلاقة نحو رفع السرية المصرفية عن كل الوزارات بما في ذلك حسابات المصرف المركزي، الا أن المعنيين رفضوا هذه الفكرة وظل هاجسهم الوحيد مصرف لبنان واسقاطه بالضربة القاضية للاستيلاء على كل القوانين الرادعة والتي تحافظ على مالية الدولة اللبنانية.
لجأ هؤلاء الى مجلس النواب لتحصين وضعهم بقوانين تبعد شركات التدقيق عن حساباتهم، وجدت شركة ألفاريز أنها في بلد يسوده شريعة الغاب أو الذئاب التي تتناتش الصلاحيات، فقررت توضيب حقائبها والرحيل لأن العقد في الاساس كان ملغوما بشروط يعلم الجميع لنها غير واقعية لاسيما وأنها تصب بشكل أو بآخر في اطار اسقاط مصرف لبنان عبر توريطه بمخالفة قانون النقد والتسليف للانقضاض عليه لاحقا، وبوضع الوزارات في الصفوف الخلفية لأي عملية تدقيق جنائي، وبالتالي كان السيناريو واضحا بالهاء الرأي العام بالتدقيق في حسابات المركزي وبث الشائعات والاخبار المغلوطة والشعبوية عبر ماكينة اعلامية ضخمة رصدتها تلك الطبقة لهذه الغاية، والعمل من بعدها على انهاء عمل شركة التدقيق ومنعها من الوصول الى مغارات الدولة وصناديق فسادها.
رمى رياض سلامة الكرة في ملعب الحكومة بعد أن تلقى التسديدة بروية وطلب من الحكومة توجيه كتاب لكل وزارة تطلب فيه التدقيق في حساباتها لأن قانون النقد والتسليف لا يسمح للمصرف المركزي رفع السرية المصرفية عن أي كان من دون طلب رسمي بذلك وعبر الحكومة، وأي تصرف من قبله يعتبر مخالفا للقانون ويدخله في مخالفة. الا أن الحكومة ومن يدعمها من أطراف وأحزاب رفضت الطلب بحجة ان المصرف يمكنه فعل ذلك، رغم أن وزارة المال المعنية عن هذا الملف تدرك أن القانون لصالح الحاكم وبالتالي على الحكومة المبادرة.
فلم تجد الطبقة السياسية منفذا للهروب من مقصلة التدقيق الا بالتضييق على شركة الفاريز ودفعها الى الاعتذار عن اكمال المهمة، لتسقط بخطوتها الاقنعة عن الطبقة السياسية ووزرائها الرافضين منذ اليوم الاول التدقيق الجنائي الذب وان بدأ مساره قد يطيح بها.