خاص- عقوبات الخريف.. شتاؤها عاصف - بقلم ديامان رحمة جعجع

  • شارك هذا الخبر
Sunday, November 22, 2020

عَجِز اللبنانيون عن محاسبة مسؤوليهم، في أي من أطر المحاسبة، الشعبية، القضائية او السياسية، عَجْزٌ يكاد يكون ارادياً بفعل غياب ثقافة المحاسبة أصلا، مرورا بفعل إدمان الاصطفاف الطائفي، وصولاً الى واقعية الشلل في اكتساب قدرات التغيير.
الشعب والمسؤولون مذنبون هنا بالقدْر نفسه، صحيح ان التعميم يُفقدُ الموضوعية، الا ان الغَلَبة في التصنيف هنا هي للغالبية.
فكلنا يعني كلنا، تصح هنا، في تعميم الفشل، هم فشلوا في قيادتنا الى الأمان، ونحن فشلنا في سحب مصيرنا من بين اياديهم.
وسط هذا الواقع المأزوم، لم يعد "عنق الزجاجة" تعبيراً وافياً لتحديد موقعنا من تطور الأحداث. كل شيء يدور حولنا وبنا، ولا يدَ لنا في رسم مصيرنا، او المساهمة فيه على مايبدو.

ما عجزنا عنه، شعباً وسلطةً، بدأت بجزء منه الولايات المتحدة، من خلال فرضها العقوبات على بعض الشخصيات السياسية، ومهما قلّل المعنيون من مفاعيلها ، أو هلّل المتفرجون لها شماتةً وانتقاماً، تبقى هذه العقوبات، استثنائية، أُممية، دولية، بمفاعيل سياسية بعيدة المدى، تحطّ من قدر المتعالين، وتحدُّ من أحلام الطامحين، وتُفرمِلُ تذاكي المدّعين.

مصدر مطلع يشير الى ان العقوبات الاميركية، وان لم تكن مبدئياً وبالضرورة
مرتبطة بالواقع السياسي للبلد الذي ينتمي اليه المُستهدَف، فانها في الحالة اللبنانية، سياسية بامتياز، بالتوقيت والمضمون، على ما اعلن مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد شينكر: "يجب ان تكون للبنان من الآن وصاعداً، سياسات مختلفة".
ولتأكيد المؤكد، يضيف المصدر، ان العقوبات على الشخصيات اللبنانية ليست، تدبيراً عرضياً، انما وليدة دراسات قانونية مؤسساتية بناء لحجج موثقة، وبالتنسيق، الكامل مع وزارة الخارجية، تحديدا في الحالة اللبنانية، التنسيق غير المطلوب حكما في قضايا العقوبات كلها.
واذا كان الهدف المعروف هو تطويق حزب الله وحلفائه، فلماذا استهدفت العقوبات البيئة المسيحية لهؤلاء الحلفاء دون غيرهم؟ يجيب المصدر :"ان مصالح حزب الله لم تكن لتتحقق لولا الشراكة التي امنتها له رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر، مواقفاً وفساداً".
ويلمح المصدر عينه الى ان العقوبات التي تتدحرج على شكل كرة الثلج، لن توفّر "كبيرا" او "مرجعاً" الى اي طائفة انتمى، شكّل او يشكّل رافعة سياسة لحزب الله ويؤمن له الحماية والتغطية.
اذاً الساحة السياسية، وفقا لهذه المعطيات، مفتوحة على خضّات كبرى في هذا الملف، لن يكون أبرزها، استهداف الوزير جبران باسيل.

ليست الولايات المتحدة "ملاكنا الحارس" بالتأكيد، الا انها، بقوتها العظمى المؤثرة في الملف الاقليمي، تجاوزت في العقوبات على لبنان هذه المرة، كونها رسالة شديدة اللهجة، لتصل الى حد التعبير السياسي الذي لا يحتمل التأويل عن رفضها للسياسة الرسمية اللبنانية، والى المساهمة في دفع قطار التغيير نحو السكة الصحيحة.
اللبنانيون ،امام هذا الواقع، بغالبيتهم وفي مقدهم أركان السلطة الذين فقدوا اي قدرة على المبادرة، يعيشون إمّا حالة انكار، او تمادٍ وقح في هدم أسس البلاد، وفي الحالتين، يقف هؤلاء في صفوف المترقبين العاجزين المتخاذلين الخانعين.