الاستقلال من"عيد" الى "ذكرى"..إلا اذافعلها عون!

  • شارك هذا الخبر
Saturday, November 21, 2020

المركزية

لم يعرف اللبنانيون كيف يصونون استقلالهم. بعد 77 عاما على انتزاعه من الانتداب، الخشية كبيرة من ان تكون المناسبة تحوّلت من عيد الى "ذكرى". لماذا؟ لأن بعض قياداتهم قرر طوعا من منطلقات عقائدية - استراتيجية، تسليمَ نفسه والساحة اللبنانية الى اللاعبين الاقليميين الكبار.. في حين سكت بعضهم الآخر، لان سكوته هذا ارتدّ عليه ايجابا مناصبَ ومكاسبَ سياسية ومادية. فظهرت نتائج هذه المعادلة "الجهنّمية"، بأفظع حللها اليوم، أزمةً سياسية – مالية – اقتصادية هي الاخطر في تاريخ لبنان، بعد ان أبعدت هذه "التركيبة" كل الاصدقاء والأشقاء عن لبنان الذي "خُطف" من محيطه، الى مكان آخر، لا يشبهه. اما الناس الذين ثاروا على هذا الواقع كلّه، وقالوا لا، فقُمعوا من المنظومة الحاكمة، واضطهدوا وجاعوا. وكل ما نادوا به، مدعومين من الاسرة الدولية والاممية -التي تنظر بدهشة الى كيفية تعاطي المسؤولين المحليين مع بلدهم المنهار- فلم يلق اي صدى لدى المنظومة، بل على العكس. لا النصائح الحبيّة الفرنسية نفعت، ولا العقوبات الاميركية. التدخّلاتُ الخارجية في أوجهها المختلفة في شؤون البلد الصغير -والتي تدل على حجم التنكيل بالاستقلال، والذي شرّعت الطبقة السياسية بأدائها الفاشل الابواب امامه- هذه التدخلات هي ايضا ستصطدم بحائط المناكفات السميك الذي يحول دون تحقيق اي خرق في المأزق السياسي – الحكومي الراهن، لاسباب اقليمية او شخصية لا فرق. فالنتيجة واحدة: مزيد من الانهيار والمصائب. لكن تبديد هذا السواد، واعادة رفع هيكل لبنان – الدولة السيدة الحرة، نصرةً لاستقلال لبنان المنازع، ممكنان، بموقف جريء من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يعلن فيه انطلاق عملية استعادة الشرعية والسيادة من خاطفيها.. فهل ينطق به اليوم؟

رسالة عون: تتجه الانظار الى الرسالة التي يوجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الثامنة مساء اليوم، الى اللبنانيين لمناسبة الذكرى الـ77 للاستقلال، والتي سيتناول فيها التطورات الراهنة في ضوء المستجدات الأخيرة. وترصد الاوساط الشعبية والسياسية في آن، ما اذا كان خطابه سيحمل طرحا جديدا ما، يساعد في حلحلة الازمة الحكومية المستفحلة، ام انه سيكتفي في توصيف الواقع، وسط قلق من ان يطلق مواقف من شأنها صبّ الزيت على نار المأزق القائم. كما ان "الانتينات" المحلية والدولية ترصد ايضا ما سيقوله في شأن العقوبات، وموقع لبنان الاستراتيجي وسياسة النأي بالنفس، اضافة الى ملف ترسيم الحدود، من دون ان ننسى الأهم: الاصلاحات والتدقيق الجنائي، غداة القرار – القنبلة الذي اتخذته شركة "الفاريز اند مارسال" بمغادرة بيروت لعدم اقتناعها بجدية السلطات اللبنانية في انجاز التدقيق المالي.

تعويض التقصير!: وكان موقف الشركة المتقدّم هذا، الذي يشكّل إدانة دولية جديدة لأداء الطبقة السياسية المحلية برمّتها، والذي يقلّص احتمالات الاصلاح الفعلي وحظوظ معرفة اين تبخّرت اموال اللبنانيين، بقي الحاضر الابرز محليا اليوم. ففيما لم يُعقد اجتماع في شأنه في بعبدا، كان يُفترض ان يحصل اليوم، وذلك في انتظار استكمال الاتصالات مع ممثل شركة الفاريز اند مارسال"، لمحاولة معالجة الأسباب التي دفعت الشركة إلى الانسحاب من العقد الموقّع معها، بدا "الحُكم" - المُدرك بأن التدقيق شرط اساسي والزامي للحصول على الدعم الدولي الملحّ- بدا يحاول يائسا استلحاق نفسه، والتعويض عن تقصيره على هذا الصعيد، بعد ان أحجم طوال الفترة السابقة عن سن القوانين اللازمة لتسهيل مهمة الفاريز، خلافا للقوى المعارضة، وأبرزها القوات اللبنانية، التي تقدمت بمشاريع قوانين تتيح تحويل التدقيق، الى واقع.

اقتراح كنعان: وفي هذا الاطار، أعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أنّه سيتقدّم باقتراح قانون للتدقيق الجنائي على كل حسابات الدولة من مصرف لبنان والوزارات والادارات والمؤسسات العامة لإخضاعها للتدقيق. وأوضح في حديث تلفزيوني أنّ الاقتراح الذي سيتقدم به مفتوح ويزيل العوائق أمام السرية المصرفية والسرية المهنية. وقال "التدقيق لم يتمّ لأن لا إرادة سياسية بحصوله لتورط معظم الأطراف وخوفهم من كشف الحقائق، ولسوء ادارة وشعبوية تعامت عن ضرورة مواكبة العقد بقوانين تسهّل حدوثه وتلهّت بمزايدات بغير محلها".

الحزب يصرّ: في المواقف ايضا، سجّل تمسّك وإصرار من حزب الله، على التدقيق. فقد رأى نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم أن المبررات التي سيقت لإفشال التحقيق الجنائي في الواقع المالي لمصرف لبنان غير مقبولة، واستمرار التعمية على واقع المصرف سيؤدي إلى مزيد من التدهور. وقال في تصريح "نحن نصر على ضرورة وأولوية التحقيق الجنائي، ولا يصح أن نسلِّم بالفشل والإفشال، ولا ينفع تقاذف المسؤوليات، فلنعمل على التحقيق الجنائي من خلال مسارات ثلاثة :أولا: دور الحكومة في القرار والمتابعة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق الجنائي عن طريق الاجتماع الاستثنائي للحكومة، فهذا من الأمور الضرورية التي يحتاجها البلد أو المرسوم الاستثنائي بيد الرئيسين.ثانيا: دور القضاء بقول كلمته في ما يمكن إلزام المصرف بالقيام به أو العقوبة. ثالثا: دور المجلس النيابي في إقرار عاجل لما يساعد على تخطي ذرائع عدم تسهيل التحقيق". وأكد قاسم أنه يجب العمل بالمسارات الثلاثة في عرض واحد لإنجاز التحقيق الجنائي، فهو مفتاح المعرفة والحل.

العقد على حالها: من جانبه، غرّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل "الحقيقة وحدها تحررنا، ووحده التحقيق الجنائي يكشف حقيقة صرف اموال اللبنانيين وجنى عمرهم ويفضح المرتكبين. تعطيل التدقيق الجنائي جناية". وفي وقت تبنّت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر هذا الموقف، فإنها تطرقت ايضا الى ملف التشكيل، في كلام يوحي بان المراوحة السلبية والعقد، على حالها. فقد دعت "رئيس الحكومة المكلف إلى "عدم إضاعة المزيد من الوقت، والانصراف الى التعاون الجدي مع رئيس الجمهورية المبني على مبادئ وأسس سليمة وفقا لأحكام الدستور والميثاق لتشكيل حكومة إصلاحية بالفعل تضم أصحاب الخبرة والقدرة والنزاهة، لتتصدى للأزمات المتراكمة وتعالجها". وشددت على أن "تشكيل حكومة القادرين لا يتناقض أبدا مع مبدأ حفظ التوازنات الوطنية. ويجب ألا يرتبط التشكيل أو يتأخر لأي سبب خارجي بدأت تظهر ملامحه للجميع". وأكدت أنها "لن تتأخر عن الإعلان عن موقف صريح مما يدور بشأن تأليف الحكومة بعدما طال انتظارنا لتحديد أسس ومبادئ ومعايير تأليف الحكومة".

دعم ايراني؟: وفي وقت يغرق لبنان في ازمته المالية-الاقتصادية ويبحث عبثا عن داعم او سند على الساحة الدولية، تلقى الرئيس عون برقية تهنئة بالاستقلال من الرئيس الايراني حسن روحاني، جاء فيها "عانى لبنان خلال السنة المنصرمة صعوبات جمة، ولكن صمود هذا البلد العزيز ومقاومته في ظل قيادة حكيمة، حفظ عزة بلدكم، وأثبت للعالم بأسره أن مسيرة العزة والاستقلال والازدهار راسخة في عهدكم الميمون. ولا شك ان هذا النهج سيستمر بالتعاون والتضامن بين القوى السياسية كافة الغيورة على لبنان". أضاف"ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما كانت دائما، تقف اليوم الى جانب لبنان حكومة وشعبا، وهي مستعدة لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات كافة".

ذكرى الجميل: على صعيد آخر، يحيي حزب الكتائب اليوم الذكرى الرابع والثمانين لتأسيس الحزب والذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد الوزير والنائب بيار امين الجميل، في لقاء رقمي عند السادسة مساء، سيتحدث فيه رئيس الحزب النائب المستقيل سامي الجميل ملقيا كلمة وصفت بالمفصلية وعالية السقف.

فرار جماعي: وبعد فرار "الفاريز اند مارسال" امس، ظهر وجه آخر من وجوه الدولة الفاشلة، اليوم، في السجون. فقد استفاق اللبنانيون على عملية فرار جماعية لمساجين من مخفر قصر عدل بعبدا فجرا، حيث أقدم 69 سجينا على الفرار. وتم توقيف 15 منهم، فيما سلم 4 أنفسهم، وفق ما اعلنت قوى الامن الداخلي، التي اوضحت ايضا ان "وقع حادث سير في محلة بولفار كميل شمعون – الحدت - تبين أن عددا من السجناء الفارين كانوا على متن السيارة بعد سلبها من سائقها – ما أدى إلى وفاة خمسة وجرح واحد. واضافت "لا تزال عمليات البحث جارية لإلقاء القبض على باقي السجناء الفارين، وعددهم، حتى ساعة صدور هذا البلاغ، 44 فارا". من جانبه، اطلع رئيس الجمهورية من وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي على تفاصيل فرار عدد من السجناء من سجن بعبدا، وطلب التشدد في البحث عنهم والقبض عليهم والتحقيق في ظروف فرارهم".