المحامي ناضر كسبار- قاضي العجلة في بيروت يلزم مصرفاً بتمكين المدعي من سحب مبلغ بالدولار نقداً وعداً

  • شارك هذا الخبر
Friday, November 20, 2020

المحامي ناضر كسبار
في قرار مدروس وعميق جداً، ويدل على سعة علم قضاة لبنان، اعتبر قاضي الامور المستعجلة في بيروت الرئيسة كارلا شواح، انه يحق للمودع في المصرف ان يطالب بتسليمه مبالغ نقدية بالدولار من حسابه، وانه لا يعود للمصرف اجباره على قبول اي عرض آخر، كالشيك المصرفي، خصوصاً ان هذا الشك لا يشكل وسيلة ابراء غير محدودة كالنقود، اذ يبقى ايضاً للمواطن الحق في الا يكون زبوناً لاي مصرف آخر ولا يريد التعاقد مع مصرف آخر او فتح حساب لديه.
وكان المدعي في الدعوى ضد المصرف تقدم بواسطة وكيله المحامي الاستاذ عمر طرباه بالدعوى طالباً رفع التعدي عن حسابه المصرفي، والزام المصرف بتسليمه مبلغاً نقدياً بالدولار الاميركي تحت طائلة غرامة اكراهية.
وقضيت الرئيسة شواح بإلزام البنك بتمكين المدعي من سحب المبلغ نقداً وعداً تحت طائلة غرامة اكراهية. وردت طلب النفاذ على الاصل.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 18/11/2020
بناء عليه،
حيث يطلب المدعي الزام المدعى عليه، بقرار نافذ على اصله، بدفع مبلغ من المال قدره /200,000/د.ا. نقداً من حسابه الجاري لديه رقم 3452550079001 بهدف تسديد التزامات مترتبة عليه، تجت طائلة غرامة اكراهية عن كل يوم تأخير في التنفيذ، وذلك سنداً لاحكام الفقرة الثانية من المادة 579 من قانون اصول المحاكمات المدنية، والا فسنداً للفقرة الثالثة من المادة المذكورة ومن ثم اعتبار المبلغ المذكور كسلفة وقتية على حساب حقه الثابت والاكيد في ذمة المدعى عليه.
وحيث يطلب المدعى عليه رد الدعوى الراهنة لعدم الاختصاص وانتفاء التعدي. فعلاقته بالمدعي هي علاقة دائن بمدينه ولا يعود لقاضي العجلة الزام المدين بدفع مبلغ من المال خارج اطار السلفة الوقتية المنصوص عنها في الفقرة الثالثة من المادة 579أ.م.م.، في حين ان اسناد الدعوى الى احكام الفقرة الثانية من المادة المذكورة غير واقع في محله القانوني، ولانتفاء وضوح التعدي العاقد لاختصاص قاضي العجلة ووجود منازعة جدية حوله تخرج عن اختصاص هذه المحكمة، وبأنه يحتفظ على سبيل الاستطراد بحقه في ايفاء المبلغ المطلوب بما يعادله بالليرة اللبنانية وبحسب سعر الصرف المحدد رسمياً من قبل مصرف لبنان بموجب شيك مصرفي يودعه في قلم المحكمة او لدى الكاتب العدل.
وحيث ان الفقرة الثانية من المادة 579أ.م.م. التي يسند اليها المدعى دعواه الراهنة تعطي لقاضي الامور المستعجلة سلطة اتخاذ التدابير الايلة الى ازالة التعدي الواضح على الحقوق والاوضاع المشروعة.
وحيث ان التعدي المقصود بحسب مفهوم الفقرة الثانية من المادة 579أ.م.م. هو كل فعل او امتناع عن فعل يصدر عن شخص خارج نطاق حقوقه المشروعة ويلحق ضرراً بالغير سواء في حقوقه او امواله او سلامته وما سواها، وهو الفعل الغاصب او غير المشروع او المخالف لقواعد ذات صلة بالسلوك المهني او الوظيفي، الذي يفترض عدم وجود نزاع جدي بشأن تحققه وبشأن صفة الوضوح العائدة له، وانه بذلك يتعين ان يكون التعدي خارج نطاق اية تفسيرات او تأويلات واقعية او قانونية ولا يقوم حوله اي شك.
وحيث ان الفعل الضار الذي يطلب من قاضي الامور المستعجلة ازالته قد ينجم عن فعل لم يجزه القانون كما وقد ينشأ من جراء احد المتعاقدين عن الالتزامات التعاقدية ومخالفته التعهدات الواضحة والصريحة او الاعراف الثابتة التي جرت عليها العادة او طبيعة التعامل، لكونه يعود لهذا القاضي اتخاذ التدابير التي تمنع التعسف والاعتداء وتصون حقوق الاطراف والفرقاء، فيقتضي معرفة ما اذا كان للمدعي حقاً مشروعاً بسحب مبلغ من المال نقدياً من حسابه لدى المصرف المدعى عليه اولا ثم الوقوف على ما اذا كان امتناع المدعى عليه من اجراء هذا السحب مسنداً الى ما يبرره او انه من قبيل التعدي الواضح على حقوق المدعي.
وحيث لا بد من الاشارة الى ان الفقرة الثانية من المادة 579أ.م.م. لم تشترط لاعمالها توافر شرطي العجلة وعدم المساس بأصل الحق وذلك لانه في الدعوى المسندة اليها فإن التعدي يستوجب حكماً اتخاذ التدبير المستعجل الايل الى رفعه، ولا يمنع على قاضي الامور المستعجلة التصدي للموضوع المتنازع عليه، لا بل يعود له بهدف التثبت من التعدي المدلى به، البحث والتمحيص في اساس الوقائع المطروحة امامه والمستندات المبرزة كافة بغية استخلاص مدى وضوحه.
وحيث ثابت من المعطيات المتوافرة كافة ان للمدعى حساباً جارياً لدى المصارف المدعى عليه برقم /3452550097001/ بلغ رصيده بتاريخ 6/2/2020 ما مقداره /581,728,13/د.ا. وفق ما هو ثابت في كشف الحساب الصادر عن المصرف المدعى عليه والمبرزة صورة عنه بلائحة المدعى الاولى، وانه يدلي بأن هذا الاخير لا يسمح له بسحب اكثر من اربعمائة دولار اميركي نقداً من هذا الحساب شهرياً، في حين انه بحاجة لسحب المبلغ المطلوب بكامله.
وحيث ان المدعي يؤكد ان طبيعة الحساب الجاري تجعل من الوديعة غير مقيدة، وان حق سحب المال يشكل الحق الظاهر الذي يلازم الحساب تحت الطلب، وان امتناع المصرف عن تمكين المودع من السحب النقدي من هذا الحساب يشكل تصرفاً تعسفياً وتعدياً على حقوقه، وان المصارف مؤتمنة على حقوق المودع وتخضع لاوامره بشأن وديعته بما يتوافق مع طبيعتها، وان القيود المصرفية التي وضعتها على العمليات المصرفية تتعارض مع طبيعة النظام الاقتصادي اللبناني الحر وهي بحاجة الى تشريع ولا تلزم الزبون، فإن تلك القيود التي يمارسها المدعى عليه على السحوبات تشكل تعدياً واضحاً لا لبس فيه، كما يؤكد ان مجرد ثبوت حقه في وديعته تتحقق شروط اعمال الفقرة الثانية من المادة 579 أ.م.م. سواء طالب برفع التعدي عن كامل هذه الوديعة ام عن جزء منها.
في حين يدلي المدعى عليه بأن المطالبة بدين المدعي لا يمكن ان تتم امام هذه المحكمة الا ضمن اطار الفقرة الثالثة من المادة 579 المذكورة وبأن المصارف غير ملزمة الا برد الوديعة لاصحابها وهي لا تقبل مفهوم التعدي، وبأن التعدي المدلى به غير واضح ومنازع فيه جدياً اذ يقتضي في الحالة الراهنة التأكد من التقيد بالعقود الموقعة بين المدعي وبينه وتفسير بنودها وشروطها وتحديد الموجبات الناشئة عنها والوقوف على نية الفريقين فيها، الامر الذي ينطوي على تصد واضح لاصل الحق ومنازعة جدية في التعدي المدلى به تجعل الدعوى مردودة لهذه العلة، وبأنه لا مبرر لتسديد التزامات المدعي نقداً او بالدولار.
وحيث ان الخدمات المصرفية لها اسماء يحدد العرف المهني، اضافة الى النصوص اي ما هو متعارف عليه بين المصارف وبين المصارف والزبائن، ما هو مضمونها.
وحيث ان الحساب الجاري هو القائمة التي تقيد بها المعاملات المتبادلة بين العميل والمصرف، ويقوم صاحب المال بفتح هذا الحساب في المصرف لوضع ماله فيه بغرض حفظه وصونه وطلبه عند الحاجة اليه، او لتسهيل التعامل التجاري والمعاملات المصرفية الاخرى التي تقدمها المصارف لعملائها، وقد عرفت وديعة الحساب الجاري بأنها المبالغ التي يودعها اصحابها في البنوك بقصد ان تكون حاضرة للتداول والسحب عليها لحظة الحاجة بحيث ترد بمجرد الطلب ودون توقف على اي اخطا عالق من اي نوع كان.
وحيث يترتب على فتح الحساب الجاري منافع لصالح كلا من الطرفين، ومن تلك المنافع العائدة لصاحب هذا الحساب الحصول على الخدمات التي يقدمها المصرف كدفتر الشيكات وبطاقة السحب الآلي وغيرها، وتمكين صاحب هذا الحساب ان يسحب ما يحتاجه من الاموال منه نقداً في اي مكان واي زمان، فمن مزايا هذا الحساب ان السحب منه غير مقيد بزمن محدد او بقيمة محددة ما دامت في حدود الرصيد الدائن للعميل او في حدود مبلغ الائتمان الذي يقدمه المصرف، وما برحت المصارف تشمل هذا الموجب مع سواء ما تنفذه للعميل صاحب الحساب غير المجمد، وهذه معلومات يعلمها الكافة، وهي عرف مهني ثابت، فالسحب النقدي يعتبر من العمليات المصرفية الاعتيادية واليومية والبديهية الملازمة لفتح الحساب والتي تؤديها المصارف اللبنانية والاجنبية، لا بل هو لصيق بهذا الحساب وملازم له ونتيجة حتمية لطبيعة وديعته وهي غب الطلب، فالمودع عندما يقصد مطلق اي مصرف لفتح حساب جار يكون مدركاً حتما لامكانية سحب اي مبلغ من المال منه في اي وقت يشاء دون اي قيد او شرط ما دام ان حسابه يحتوي على المبلغ المذكور، دون حاجة لذكر هذا الحق في تعاقده مع المصرف المتعاقد معه، وهو ان كان يقوم بفتح مثل هذا الحساب الذي هو من اكثر الحسابات رواجاً، فذلك لحفظ امواله فيه واستفادته من الخدمات التي يقدمها له المصرف في المقابل.
وحيث ان مخالفة العرف المهني واخراج خدمة متعارف على شمولها بمفهوم الحساب غير المجمد ممكن، ولكن يجب ان يثبت من يدعيه انه حصل عند التعاقد.
وحيث ان المصرف لم يدع انه استثنى هذه الخدمة عند التعاقد مع المدعي، ولم يثبت في مطلق الاحوال حصول هذا الامر في العقد الذي يرعى علاقته مع الاخير، علماً انه لا يتصور استثناء السحب من هذا النوع من الحسابات نظراً لكونه ملازم لها على النحو المتقدم بيانه اعلاه، فلا يكون للمصرف من ثم ان يقرر فجأة انه لا يريد تنفيذ هذه الخدمة وتمكين المدعي من الانتفاع بها لان ذلك يعتبر لكونه غير مبرر عن تنفيذ موجباته لا سيما وانه لم يفسخ تعاقده مع هذا الاخير ولم ييثبت ان شروط التعاقد قد تعدلت برضى الطرفين، اما تعديل الشروط من قبل طرف واحد، هو المدين بالموجب، انما يصبح بنداً ارادياً محضاً، وهو باطل، ان وجد، بطلاناً مطلقاً على ما هو مكرس منطقاً (بحسب منطق ومفهوم التعاقد) كما وقانوناً (المادة 84 موجبات وعقود).
وحيث ان العرف التجاري المعمول به لدى المصارف لا يعطي المصرف سلطة استنسابية في تقرير اجراء السحب النقدي المطلوب من عميله او رفضه،علماً ان حساب هذا الاخير، اي المدعي، مليء ورصيده يبلغ اكثر من المبلغ المطلوب تمكينه من سحبه نقداً.
وحيث ازاء ما تقدم يضحى ثابتاً وعلى نحو غير منازع فيه ان للمدعي حقاً مشروعاً بسحب مبلغ من المال من حسابه الجاري نقداً وبعملة هذا الحساب وبالقيمة التي يشاء طالما انها موجودة فيه، وبالزام المدعى عليه بتمكينه من اجراء هذه العملية، وحقه هذا مستمد من الخدمات التي يقدمها له المصرف في اطار عقد فتح الحساب الموقع معه على النحو المبين انفاً.
وحيث ان امتناع المدعى عليه في حالة المنازعة الراهنة عن تمكين المدعي من سحب المبلغ المذكور غير مسند الى ما يبرره لانه لم يستثن هذه الخدمة من اطار تعاقده مع هذا الاخير على النحو المبين آنفاً ولم ينازع بملاءة حسابه او بكونه لا يملك قيمة المبالغ موضوع الطلب.
وحيث ان المصرف برر من جهة اخرى رفضه للسحب المطالب به بالقيود المصرفية التي لجأت اليها المصارف في ظل الازمة المالية والاقتصادية الراهنة وذلك لمنع تهريب الاموال الى الخارج والمحافظة على احتياطاتها من العملة الاجنبية لاجل الحفاظ على ودائع زبائنها وتلبية طلبات مودعيها على قدر الامكان والمساواة.
وحيث ان مقدمة الدستور اللبناني نصت على ان النظام الاقتصادي حر يكفل المبادرة الفردة والملكية الخاصة، وهذا القانون هو الاسمى في الدولة لا يعلون اي قانون آخر، بحيث تلتزم به كل القوانين الادنى مرتبة في الهرم التشريعي كما ان القوانين اللبنانية تضمن حركة رؤوس الاموال من والى لبنان الذي يقوم على التبادل الحر، ولا توجد قيود رسمية على ذلك في اي من القوانين المرعية الاجراء، وهذا يشكل احدى ركائز الاقتصاد اللبناني.
وحيث يبنى على ما تقدم ان اي قيد لحق الفرد بملكيته الخاصة، من شأنه ان يمس مخالفة لقاعدة دستورية وردت في الوثيقة الدستورية، كما اي تقييد في حركة راس المال يشكل مخالفة للقوانين المرعية الاجراء، من هنا، فإن اي تقييد لحق المدعي بتحريك حسابه بحرية مطلقة وبإجراءات السحوبات المالية منه يشكل خرقاً للمبادئ الدستورية والقانونية اعلاه، لا يجوز تبريره بأي ظرف او تعميم مصرفي مخالف، علماً ان اي قانون يشرع هذه القيود والاجراءات لم يصدر لغاية تاريخه، وان جمعية المصارف كتجمع مهني ذات اهداف نقابية لا تملك وتحت طائلة اي ظرف كان الصلاحية في ان تعدل او تلغي او تقيد او تحصر العمليات المصرفية ايا كان شكلها او طبيعتها وهي الخاضعة اصولاً لمجموعة من القوانين ابرزها النقد والتسليف والقانون التجاري وقانون الموجبات والعقود، واي تدبير متخذ في هذا الاطار صراحة او ضمناً يعتبر غير ملزم للمتعاقدين مع المصارف.
وحيث فضلاً عما تقدم فإن الازمة المالية والمصرفية التي يتذرع بها المصرف المدعى عليه لا يمكن ان تجعله بحل من التزاماته تجاه عميله المدعي ذلك ان المبرر الوحيد لعدم الايفاء بالموجب انما يكمن باستحالة التنفيذ المنصوص عليها في المواد 341 وما يليها من قانون الموجبات والعقود، والتي لا تعفي من التنفيذ الا بتحقق القوة القاهرة، وهي غير متوافرة في الاوضاع والازمة المحكى عنها كونها ليست بخارجة عن المصرف المدعى عليه ولا يمكن وصفها بغير المتوقعة وغير القابلة للدفع لاسيما في ضوء التقارير المحلية والعالمية العديدة التي انبأت بحصولها وحذرت منها.
وحيث ان المدعي يطلب سحب مبلغ من المال من حسابه في حين ان المدعى عليه يطلب حفظ حقه بدفع هذا المبلغ بما يعادله بالليرة اللبنانية وبحسب سعر الصرف الرسمي، وذلك بموجب شك مصرفي مسحوب على مصر لبنان، الامر الذي يرفضه المدعي.
وحيث ان الحقوق ان وجدت تحفظ بقوة القانون فيكون طلب المدعى عليه لناحية ما تقدم مردوداً لهذه العلة، علماً انه مردود في مطلق الاحوال لان ايفاء الموجب عيناً هو الاصل، وعرض المصرف الايفاء عوضاً لا يستقيم، فالمدعي اختار العملية المصرفية التي يرغب بإجرائها واعطى المصرف تعليماته بشأنها، وهي السحب النقدي علماً انه يعود له وحده اختيار العملية المصرفية التي يريد ولا يعود للمصرف المدعى عليه اجباره على قبول اي عرض آخر، ولان ما يطلبه الاخير لناحية حفظ حقه بالايفاء بواسطة شيك مصرفي بدلاً من تمكين المدعي من سحب قيمته نقداً لا يبرئ ذمته تجاهه ولا يشكل تنفيذاً عينياً للموجب الملقى على عاتقه تجاهه.
وحيث فضلاً عن ذلك، فإن ما يطلبه المدعى عليه لهذه الناحية هو المستغرب والخارج عن المألوف وليس مطالب المدعي كما يدعي المصرف فالاخير بعرضه سحب شيك على مصرف لبنان ايفاء للمبلغ الذي يطلب المدعي سحبه يكون قد حول نفسه من مسحوب عليه الى ساحب، الامر غير المألوف في التعامل المصرفي، فالشيكات تسحب عادة من زبائن والمصارف على هذه الاخيرة لتسليمها الى الغير وليس العكس، فضلاً عن انه وغير المألوف ان يسحب المصرف شيكاً لعميله على مصرف لبنان على اساس انه تجاهه، اذ ليس ثمة نص في قانون النقد والتسليف يسمح لحامل هذا الشيك الى هذا المصرف المسحوب عليه في هذه الحالة، اي المركزي، لوضع الشيك المذكور في التحصيل وقبض قيمته، لا بل انه يتوجب عليه في هذه الحالة اعادة وضع هذا الشيك في حساب مصرفي لقيد قيمته فيه وسحبها، من هنا فإنه وان كان الشك وسيلة ايفاء لدى الاطلاع ويقوم في كثير من الاحيان مقام النقود، الا ان الشك المصرفي المشطوب الذي يعرض المصرف المدعى عليه الايفاء به لا يعتبر كذلك، لان شروط استيفائه الحالية، والمعلومة من الكافة، عبر اعادة حجزه من قبل مصرف آخر، لا تجعله وسيلة ابراء غير محدودة كالنقود، اذ يبقى ايضا للمواطن الحق في الا يكون زبوناً لاي مصرف، والزامه بقبول الشك المصرفي هو اعتداء على هذا الحق وتقييد للحرية واكراه على التعاقد مع مؤسسة مصرفية، والغاء للحق في الاستغناء عنها وعن غيرها، وانهاء لمبدأ حرية التعاقد الذي لا يمكن ان يقوم الا بحرية المرء اولا في التعاقد، فضلاً عن ان اعادة فتح حساب مصرفي جديد بموجب الشك المذكور من شأنه ان يدخل المدعي في دوامة لا تنتهي من القيود على حقه بحرية تحريك امواله والتصرف بها لاسيما بعد ان لجأت المصارف الى وضع قيود على السحوبات حتى بالعملة اللبنانية، والمصرف المدعى عليه على اتم العلم بالوضع المذكور الذي لم يعد خافياً على احد، بحيث لن يكون يمقدور المدعي سحب قيمة هذا الشيك بكاملها والتي هي في مطلق الاحوال لا تعادل قيمة المبلغ الذي يطلب سحبه سواء وفقاً لسعر الصرف الذي حدده مصرف لبنان بالنسبة للسحوبات بعملة الدولار، اي 3900، ام وفقاً للسعر المتداول به في ما يعرف ب "السوق السوداء".
وحيث يكون المصرف المدعى عليه، وللاسباب المبينة اعلاه، قد خرج عن نطاق حقوقه المشروعة في رفض تمكين المدعي من سحب المبلغ المطلوب من حسابه الجاري لديه نقداً وعداً وبعملة هذا الحساب، لان هذا الرفض ليس بحق مشروع له على النحو المبين آنفاً، وتعدى بالنتيجة بكل وضوح على حقوق المدعي التعاقدية المكرسة الواضحة غير المحتاجة الى تأويل ولا تفسير ولا استنباط علما ان لا يعود للمصرف التقصي عن الحاجة لهذا السحب ومناقشة عميله بهذه المسألة وما اذا كان بمقدوره ايفاء التزاماته بالعملة اللبنانية بدلاً من الدولار الاميركي، مما يوجب الزامه، وتفعيلاً لاحكام الفقرة الثانية من المادة 579أ.م.م. التي باتت مكتملة العناصر، بتمكين المدعي من سحب مبلغ قدره /200,000/د.ا. عداً ونقداً من حسابه الجاري لديه وبعملة هذا الحساب، وذلك فور تبلغه هذا القرار وتحت طائلة غرامة اكراهية قدرها ثلاثة ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير في التنفيذ.
وبعد النتيجة التي آلت اليها المحاكمة تنتفي الحاجة للبحث في مدى توافر شروط الفقرة الثالثة من المادة 579أ.م.م. علماً انه متوافرة في مطلق الاحوال لثبوت المدعي في ذمة المدعى عليه، الامر غير المنازع به اساساً من قبل هذا الاخير، كما يبقى رد طلب المدعي اعطاءالقرار صيغة النفاذ لانتفاء المبرر، ورد سائر الاسباب الزائدة او المخالفة اما لعدم الجدوى، او لكونها لقيت في ما سبق تبيانه الرد الضمني.
لذلك
يقرر:
1- الزام المدعى عليه بنك فرع المصيطبة كركون الدروز بتمكين المدعي السيد ع.ا. بسحب مبلغ قدره /200,000/د.ا. عداً ونقداً من حسابه لديه رقم /001-3452550097/ وذلك فور تبلغه هذا القرار وتحت طائلة غرامة اكراهية قدرها ثلاثة ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير في التنفيذ.
2- رد طلب اصدار القرار بصيغة النافذ على الاصل.
3- رد سائر الاسباب والمطالب الزائدة او المخالفة.
4- تضمين المدعى عليه الرسوم والنفقات القانونية.
قراراً معجل التنفيذ صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 18/11/2020.