خاص - عن خلاف جعجع والحريري والقلوب المليانة والطريق المقطوعة الى بعبدا! - بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, November 18, 2020

يبدو الحليفان السابقان رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مرتاحين للقطيعة بينهما. فرغم بعض المحاولات التي بذلت خلال العام الماضي للم شملهما، لم يظهر اي منهما لهفة للقاء الآخر عند منتصف الطريق.
فلا "الثورة" التي حاولا ركوب موجتها، ولا المتغيرات الداخلية المترافقة مع تحولات اقليمية ودولية متسارعة تخدم مشروعهما الاستراتيجي الذي بدا حتى زمن قريب واحدا، استطاعت ان تدفعهما لردم الهوة التي بلغت حجما قياسيا في الفترة الاخيرة، لا بل أبعد من ذلك، تراهما يصران على توسيع مداها عند كل محطة واستحقاق، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول خلفيات المواقف المتشددة، وما يبدو انها عمليات ثأر متبادلة ينفذها الطرفان كان آخرها قرار "القوات" احراج الحريري برفض تسميته لرئاسة الحكومة ما ادى لحشره في الزاوية مسيحيا خاصة في ظل الخلاف المتمادي مع "التيار الوطني الحر" الذي انسجم مع "القوات" في موقفه المقاطع للحريري.
وبحسب مصادر لطالما كانت ناشطة على خط بيت الوسط-معراب، فانه الى جانب أزمة الحريري في السعودية وطريقة تعاطي جعجع معها لجهة التخلي عن رئيس "المستقبل" عند اول امتحان جدي للعلاقة بينهما، يمكن تعداد الكثير من الاحداث والاستحقاقات التي ساهمت بزيادة التراكمات التي باتت تشكل اليوم أشبه بحائط جليدي بات من الصعب جدا تخطيه.
وتعود المصادر لمرحلة الانتخابات الرئاسية الاخيرة، اذ يحمل كل طرف الآخر مسؤولية وصول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، علما ان الامر تم برضاهما وبتصويت كتلتيهما النيابية لصالح عون.
وفي هذا الاطار تقول مصادر قريبة من الحريري انه "لم يكن ليتبنى ترشيح رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" بوقتها لولا مسارعة جعجع لعقد اتفاق معراب معه ردا على تبنينا ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، الذي لم يكن ليحصل لو كان هناك احتمال ولو ١٪؜ لجهة تغير الوقائع التي كانت قائمة بعد عشرات الجلسات النيابية التي شاركنا فيها للتصويت لجعجع".
وتضيف المصادر: "يا ليت الامور توقفت هنا.. اذ تبين بعد دفعنا من قبل جعجع للتسوية الرئاسية مع عون التي على الارجح ما كانت لتحصل لو تم السير يترشيح فرنجية، انه اتفق مع عون وجبران باسيل على تقاسم الحصص المسيحية بالدولة من دون وضعنا في جو ما تفاهما عليه، ليأتي الانقلاب العوني على التفاهم ليكشف كل المستور، ولسخرية القدر، من قبل القواتيين أنفسهم!"
ويعتبر الحريري انه لم يخن او يطعن جعجع في ظهره في يوم من الايام، فهو وكما تقول المصادر "نجح بدفع المجتمع السني لاحترامه وتنصيبه زعيما وطنيا بعدما كانت الصورة المطبوعة في اذهانه صورة امير حرب لطخت يداه بالكثير من الدماء..
اليوم جعجع محبوب لدى سنة الشمال والبقاع وفي كل لبنان، وفي المقابل، زعيم "القوات" لم يبذل اي جهد يذكر في مجال ترغيب القواعد المسيحية بالحريري، وان كان ذلك حصل، ولو بشكل محدود، بمجهود من رئيس "المستقبل" نفسه".
ولا يمكن لـ"بيت الوسط" ان يتخطى قريبا "الخذلان القواتي" له في مرحلة هي الاكثر حساسية في تاريخهما السياسي. فاعتذار جعجع عن تسميته رئيسا مكلفا بعد استقالة الحكومة على وقع "الثورة" كما اعتذاره مجددا خلال الاستشارات الاخيرة، تجربتان لا يمكن ان يتغاطى عنهما "المستقبليون" اقله في الامد المنظور، ومن هنا كانت مواقف امين عام تيار "المستقبل" احمد الحريري الاخيرة التي ربطت بين ما قاله انها "حملة قواتية" على الحريري وبين "طموحات جعجع الرئاسية".
وهنا تقول المصادر: "لا سعد الحريري ولا وليد جنبلاط او غيرهما في صدد اعطاء اي وعود لجعجع او سواه بموضوع الرئاسة المقبلة، وهو ما ينسحب ايضا على حزب الله الذي لم يعط اي كلمة او اشارة لا لباسيل او فرنجية، علما ان جعجع يعتبر ان المنافسة قد تكون محصورة في العام ٢٠٢٢ بينه وبين رئيس "المردة"، مشددة على ان "ربط زعيم "القوات" اي موقف او خطوة يتخذها بالملف الرئاسي وطموحاته في هذا المجال، سيفاقم الخلافات معه ويزيد التأزم القائم في البلد".
بالمقابل، يفند القواتيون المرحلة الماضية من العام ٢٠١٥ وحتى يومنا هذا، مؤكدين انهم لم يخونوا الحريري يوما، انما هو من سارع للخيانة عند اول مفترق طرق حين قرر للتخلي عن ترشيح جعجع وتبني ترشيح فرنجية، ما ادى تلقائيا لتلاقينا مع عون ما ساهم بتبوئه سدة الرئاسة.
وتقول مصادر قريبة من معراب: "الا ان الامور لم تتوقف عند هذا الحد، اذ وبعد سقوط تفاهم معراب، واصل الحريري سياساته المستفزة، فقرر وضع يده بيد جبران باسيل وسارا في عملية محاصصة مكشوفة تصدينا لها مرارا وتكرارا من خلال مواقعنا الوزارية، علما انها عملية كانت تهيىء الارضية تباعا للثورة التي انفجرت في تشرين الاول ٢٠١٩".
وتعتبر المصادر انه رغم قرار الحريري الجريء بالاستقالة والتخلي عن باسيل، الا انه لم يقتنع بملاقاتنا في منتصف الطريق لاسباب شخصية تعود اليه، علما اننا وجدنا انفسنا جزءا من الشارع الذي بقي يلفظه، وصولا لقراره من جديد العودة لانقاذ هذه المنظومة بموافقته على تشكيل حكومة يبدو محسوما انها ستشبه سابقاتها لتعود وتعوم الطبقة الحاكمة وتسرع الانهيار الكلي وعلى المستويات كافة!"
اذا هما طريقان منفصلان تماما قررت قيادتا "القوات" و"المستقبل" سلوكهما علما ان قاعدتي الحزبين تحنان دائما لبعضهما البعض وتعولان على لحظة تاريخية تؤدي للم الشمل.. فهل يحصل ذلك قريبا بدفع اقليمي- دولي ظل غائبا طوال المرحلة الماضية، ام تبقى الاحقاد الشخصية اكبر من امكانية تخطيها!؟

بولا أسطيح
Alkalima Online