بسام ضو- كي تستحقّوا لقب " ثــوّار "

  • شارك هذا الخبر
Monday, October 19, 2020


للأسف ومنذ إنطلاقة شرارة الإنتفاضة الثورية في 17 تشرين الأول 2109 ، لا تزال حالات الشك تراود عقول جميع اللبنانيين الشرفاء في مدى قدرة هذا الحَراك على تحقيق الحدّ الأدنى المنشود الذي ثارت من أجله تلك الجموع الثورية المستقلة ضد هذا النظام الذي يُخالف أبسط قواعد الديمقراطية وهو عمليًا كناية عن سلطة متسلّطة على مقدرات الدولة ، وسلطة فاشلة تستقوي بالسلاح اللاشرعي ومهما تكُن هويته . كباحث دُعيتْ إلى حلقة لتقويم حَراك 17 تشرين فلبيّت ولاحظت للأسف أنّ هناك حالات غموض أفرزتها منظومات سياسية غير متجانسة وتصادم للإرادات وتقاطع المصالح بين العديد من مكوّنات هؤلاء الثوّار الذين غطوا كل لبنان . كما لاحظت أمرًا خطيرًا من واجبي المهني والوطني إبرازه وهو غياب الإدراك الواعي بالفروق الجوهرية بين منطق الثورة ومنطق بناء الدولة وبين مهمّة إسقاط تلك الطبقة السياسية ومعجزة الحفاظ على إدارات الدولة من الفاسدين والمُفسدين ، لذا قررت ومجموعة من الأكاديميين والسايسيين الشرفاء العمل على إصلاح تلك الثغرات .
مفهوم الثورة في قاموس السلطة الجائرة لا يزال معلقًا ، فبعضُهم يتصوّر أنّ ما يحدث مؤامرة خارجية والبعض من السياسيين الموصوفين في الرياء يعتبرها بأنها مجرد فورات وإنتفاضات شعبية لا تعنيه ولا تطاله ، فيما يرى آخرون انها مزيج من عوامل داخلية متراكمة جرى توظيفها لخدمة إستراتيجيات بعض الدول الغربية ولا يُخفى على احد كل جهابذة السياسة عندنا نعتوا الثوار بأنهم يتواصلون مع سفارات معينة يسلّفونهم المال والطعام وبلغت وقاحتهم أنْ إحتلّوا شاشاتهم المُستعبدة ليُتحفونا بأنّ الثوار " جماعة بيقبضوا من السفارات..." ولكن كباحثين ومهما كانت النعوت التي أطْلِقَتْ بات من المؤكد أن لبنان يتعرض لحركة تغيير واسعة سيكون لها إرتدادات عميقة على امتداد كل مفاصل الدولة اللبنانية وسوف يؤسِّسْ لمرحلة جديدة ومختلفة سواء على صعيد الدولة وإدراتها داخليًا وخارجيًا وحتى على صعيد المجال الجيوسياسي في كل لبنان والمنطقة .
عمليًا وإستنادًا إلى مبادىء العلم السياسي لا تسمح أي نخبة قادرة على فعل تغيير ما أن تتحرّك عشوائيًا ، وأولى مهمّاتها البحث عن منظومة سياسية تُفسِّرْ وتُبرِّرْ للرأي العام ماهية منظومتها ، والعلم يفرض أن تمتلك هذه المنظومة السياسية الحد الأدنى من المعقولية ، وهي تقوم على الصدق في التعاطي بين مكوّنات هذه النخبة ومع المجتمع الدولي الذي من المفترض أن يسمع لها إنطلاقًا من شرعة حقوق الإنسان وسائر القوانين المرعية الإجراء. إنّ الثورة في مفهومنا كمتخصصين في الشؤون السياسية الإستراتيجية ليست نزهة ولا مجرّد حدث ظرفي يُحْدِثْ تغييرًا مطلوبًا بأسرع فرصة متاحة . إنّ الثوّار الشرفاء والنبلاء يتعاطون مع أفجر وأوقح سلطة تحكم تحت ظل الدكتاتورية المُغلّفة بنظام ديمقراطي زائف وأكبر دليل الإنتخابات النيابية الأخيرة ولا حاجة لنا للتذكير بنسبة ال55% من اللبنانيين الذين قاطعوا الإنتخابات ، ونستطرد في هذا الإطار لنُشير إلى أنّ الأنظمة الديمقراطية الفعلية تسأل عن سبب تلك النسب المرتفعة التي قاطعت الإنتخابات أما في لبنان فعلى عينك يا تاجر كذب ورياء وتصاريح تؤكد على نزاهة تلك الإنتخابات المسخ .... وفق المفهوم العلمي الذي يرتكز على مبادىء العلم السياسي إنّ الثورة ترتكز على مسار طويل يتطلب الكثير من خوض معارك داخلية مع البعثات الدبلوماسية ومع المجتمع الدولي لإظهار كل الحقيقة وليس تجزأتها ... كما على الثوار التعاطي الشريف فيما بينهم وإلتزام الصبر والجهد كي تُثمر ثورتهم مع الوقت . أما بالنسبة لعلم السياسة الثورة تعني تغيير النظام السياسي ورموزه وإستنادًا إلى علم الإجتماع فإنه يستطرد ليشير إلى أنّ الثورة تعني التغيير الجذري والعميق في المجتمع وفي البنى الإجتماعية . إنني أنصح من باب الحرص على الثورة والثوار قراءة كتاب " كيرن برينتن" وعنوانه "تشريح الثورة" ليفهم كل ثائر معنى الثورة وأهدافها النبيلة . أيُّها الثوار إنْ كنتم جادّين في مطالبكم وأعني الشرفاء منكم ولا الإستغلاليين إنّ التغيير الثوري يتمثّل بضروريتين وهما : تغيير القيادات السياسية الفاشلة وتحديث النظام ، ومن هنا إن نجحنا ونجحتم بإمكاننا القول : إنّ الثورة ستُحقِّق أهدافها .
لتعلم تلك السلطة الجائرة ، وليعلم المجتمع الدولي ومع كل محاولات إفشال الثورة وشيطنتها ، لا تزال أهدافها تلقى الدعم الشعبي والتعاطف ، وهذا ما سيُبنى عليه في الأيام القادمة كي نستحق وكل مواطن شريف لقب يحملونه أينما حلّوا " ثوار شرفاء " .