د. روي حرب-الإنتماء أولاً...

  • شارك هذا الخبر
Friday, October 16, 2020


في الذكرى السنويّة الأولى لانطلاق "الثورة اللبنانيّة"، لا بدّ من وقفة محاسبة للذات:

_ تبيّن للجميع بأنّنا لم ولن نكون شعبًا واحدًا، بل نحن مجموعة قبائل منضوية ضمن طوائف، لكلّ منها مرجعيّة خارج حدود الأطر الجغرافيّة لما يُعرف بالبلد، وبالتالي نستورد مشاكل جميع الدول الإقليمية والعالمية الى أرضنا، لأنّنا لا نثق ببعضنا البعض.

_ ثورة ٢٠٠٥ انتكست حين تحوّلت الى كرمس استعراضي من خلال مسيرات "أحب الحياة" وغيرها، وفقدنا حينها الأكثرية النيابية وفرصة تغيير البلد بسبب أنانيّة رجال السياسة ومصالحهم الضيّقة وتحالفاتهم الآنية وغياب الرؤيا.... ولا شكّ أنّ التاريخ يعيد نفسه ففي ٢٠٢٠ امراء الحرب يصفّون حساباتهم على دماء اللبنانيين او من تبقّى منهم.

_ كفانا استعراضات جماليّة وسلاسل بشريّة من الشمال الى الجنوب، وبدلاً من هذا الفلكلور السخيف وحّدوا النفوس على حبّ الوطن.

_ كلّ ثورة لا قائد لها ولا توجّه واضح لها تفشل، وهذا ما حصل، فلا قيادة للثورة ولا رؤيا صريحة الا رفض الواقع، ولا بديل تقدّمه. هذه مشاكل الثورة الفرنسية و بعدها الثورة الروسية حين تخلّصت الشعوب من ظلم حكّامها وأنتجت أنظمة أكثر ظلمًا لأنّها ببساطة لم تكن مستعدّة لتولي زمام الامور.

_ لا تُبنى الأوطان على الأحقاد، ولا على التذاكي... وطبعًا لا تُبنى على تقديس الزعماء وتأليههم، فهم لا يجترحون العجائب... كفى سذاجة...

_ نطالب اليوم بانتخابات نيابية مبكرة، ومتى حصلت سيتذاكى كلّ مواطن بأنّه قبض السعر الأغلى لانتخاب فلان بدلاً من علان، وأنّه انتخب زيدًا لينكي جاره، وأنّ عمرًا لم يقدّم له واجب العزاء بعمّه فكيف ينتخبه اليوم... وهكذا تدور الدوارة وتعود الطبقة الحاكمة الى عرشها بشرعيّة اكبر لأنّنا نحن من أعدنا انتاجها، تمامًا كما فعلنا من قبل. فعذرًا منكم يا قاتلينا لأنّنا نحن من أعطيناكم السيوف وسلّمنا الرقاب.

_ نحن نعيش على هامش الحياة... ففي حين تتبخّر مدخراتنا من المصارف، وفي حين يهاجر الشباب ويفقد لبنان مكوّنه الرئيسي ويتغيّر وجهه التاريخي، وفي حين لا ينقضي يوم من دون انفجار هنا وهناك، تجد أشاوسة مواقع التواصل يتناحرون والسبب مشاركة الفنان عبدو ياغي كهاوٍ في The voice senior.... وهم نفسهم لا يعرفون من هو عبدو ياغي ولا البطولات التي لعبها في مسرح روميو لحود ولا كبار الفنانين الذين تعامل معهم، هم نفسهم من كانوا يستخفون به وبأمثاله لأنّهم من الجيل القديم الذي لا يلائم تطوّرهم المزعوم... كفانا انفصامًا....

_ كفانا مزايدات وكفانا أحقادًا وكفانا حروبًا... نعم، نريد الحياد البنّاء... نعم، لا دخل لنا بحروب الجيران... نعم، نريد الحياة... ولكن قبل كلّ ذلك نريد وطنًا ننتمي إليه، فنحن فقدنا حسّ الانتماء.

#خدوني_ع_قد_عقلاتي
دكتور روي ج. حرب