ميشال جبور- هل أصبحت القضية الفلسطينية قضية تركية

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 27, 2020


وبعد إتفاق أوسلو أُجريت الإنتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية مرتين منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، أُنتخب الراحل الرئيس الشهيد ياسر عرفات الذي بكى لبنان رئيساً للسلطة في ظل ممانعة حركة حماس وعدم مشاركتها في الإنتخابات وكان ذلك في عام ١٩٩٦. بعدها في عام ٢٠٠٥ أُنتخب محمود عباس رئيساً، وجرت الإنتخابات التشريعية في عام ٢٠٠٦ فازت فيها حركة حماس بأغلبية ساحقة ما لبث أن تحول ذلك إلى اشتباكات دامية في قطاع غزة عام ٢٠٠٧ ففرضت حماس سيطرتها العسكرية على القطاع وأصبح الرئيس محمود عباس بحكمٍ يقتصر على الضفة الغربية، وهو الذي أعلن في ٢٥ تموز ٢٠١٩ فك الإرتباط مع الإحتلال الإسرائيلي.ومنذ أكثر من عقد من الزمن لم يعد هنالك لا حوار ولا مصالحة فلسطينية وأمرهم طبعاً شورى بينهم.ما جرى كان محاولة فرض الإخوان المسلمين السيطرة على القضية المركزية وربما هذا ما لم يفهمه الرئيس محمود عباس الذي على ما يبدو وقع في فخ الأتراك هذه المرة بعد استعطافه لكي يطلب المساعدة من إردوغان لإنجاح ودعم جهود مصالحة مستحدثة، وأين العمق العربي في ذلك وهل أصبحت تركيا غيورة أكثر من العرب على بيتنا الداخلي والقضية المركزية التي من أجلها دفع ياسر عرفات المناضل المتواضع ومعه قافلة من الشهداء أغلى الأثمان العسكرية والسياسية لكي يؤسس سلطةً لفلسطين.
فجأة أصبحت تركيا ومن ورائها قطر وإيران غيارى على قضية عربية، فالمصالحة شيء جيد وضرورة حيوية بين أفراد البيت الواحد ولكن بامتداد عربي وليس تركي لا يشبهها بشيء.
فجأة في ٢٠ تموز ٢٠٢٠ أعلنت حركتي فتح وحماس تنظيم مهرجان مشترك في قطاع غزة رفضاً لصفقة القرن ومخططات الضم، وكأن من وضع صفقة القرن ومن يطبقها سيستمعون أو سيكيلون لهم حساب إن افتقدت المصالحة لإحتضان عربي واسع، وكأننا ننسى من نحن، أين الأرضية العربية في ذلك، أين ركيزة العرب في ذلك، أين السعودية والإمارات والكويت ومصر في ذلك. تريدحركة حماس أن توهم محمود عباس بأنها تريد مواجهة التحديات وإنهاء الإنقسام وهي يوماً لم ترتدي عباءة القرار العربي، وإن هي اليوم قد ندمت فلماذا لا تخلع السطوة التركية والقطرية والإيرانية عنها، فلطالما عُرفت حركة فتح وحركة حماس بالثنائي الإنقسامي، واليوم،تأتي تركيا لاستغلال استضعاف الرئيس الفلسطيني كي تضع يدها على قضية ألهبت قلوب الناس في العالم أجمع كي تستعملها ورقة قوية في مشاريعها وأطماعها السابقة والمستجدة، ألم يشعر محمود عباس بأن حركة حماس قد تكون تلعب دور حصان طروادة قبل أن يركض ويرتمي في حضن إردوغان الذي عرف كيف يثير مخاوف عباس من أفرقاء فلسطينيين قياديين مثل محمد دحلان الذي يشكل رقماً صعباً لإردوغان وشوكة في خاصرة أطماعه العثمانية. ألم يرى محمود عباس ذلك قادماً،بل وقع في مصيدة مخاوف زرعتها تركيا وقطر وإيران في نفسه من الإمارات التي تجرأت على إبرام اتفاق سياسي مع إسرائيل دون أن تُجبر أحداً على الإمتثال له بالقوة بل قامت بخطوةٍ إيجابية ستكون أبرز مفاعيلها عدم استغلال القضية الفلسطينية بعد اليوم لغايات توسعية وجيوسياسية عند أحد وهنا نذكر أليس الرئيس ياسر عرفات من ذهب إلى كامب دايفيد بكل جرأة حاملاً غصن الزيتون لكي يضع حجر أساس حل الدولتين، فالإتفاق الذي عقدته الإمارات أوقف مفاعيل الضم وأعاد ما أسسه عرفات إلى الواجهة وبالعنوان العريض، ومهما كان هذا الإتفاق، قالها محمد دحلان، أنه يوم يفكر نتنياهو بقضم جزء أو بالعدوان على الفلسطينيين سيجد أمامه أكثر من خمسة ملايين فلسطيني أبيّ يواجهونه بكل قواهم، فليستيقظ كل من يرى في إخوته أعداء له وليراجع حساباته مرة أخرى قبل أن يحول القضية الفلسطينية إلى ورقة تجاذبات تستغلها تركيا وغيرها في أطماعها الدفينة وأحقادها المتألبة مما سيؤدي إلى تصفية القضية ودفنها.
في المصالحة جرأة طبعاً ولكن الجرأة الحقيقية والنضال الحقيقي يكون بالإنطلاق من العمق العربي والمرؤة الفذة بخطوات سياسية عربية مثلما يفعل ولطالما فعل محمد دحلان الذي هو إبن القضية ويشكل بتيار فتح الإصلاحي مع حركة فتح أم الصبي وأم القضية، فلنبتعد عن من يبيعنا الشعارات والأوهام والعداوة لكي يفرقنا فيسد، لستم أعداء بل تركيا هي العدو بتفكيرها الإخواني البحت ومساعيها الواضحة إلى إستهداف وتطويع القضية لأجل أغراضها وخططها خدمة لإيران وقطر، فهل أصبحت القضية الفلسطينية التي هي أكبر صوت عربي صارخ قضيةً تركية.