١٣نيسان او١٣... بقلم العميد المتقاعد طوني مخايل

  • شارك هذا الخبر
Thursday, September 24, 2020

العميد المتقاعد طوني مخايل

الشيطان الأكبر ليست الولايات المتحدة وأهدافها الامبريالية التوسعية.
الشيطان الأكبر ليس العدو الإسرائيلي وعدوانيته وإجرامه.
الشيطان الأكبر ليست الجمهورية الإسلامية الإيرانية وطموحاتها في إسقاط نموذج نظامها على دول المنطقة.
الشيطان الأكبر ليست المملكة السعودية وسياساتها التسلطية المُقنعة.
الشيطان الأكبر ليس صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية ومآربهم الخبيثة.
الشيطان الأكبر في لبنان هي الميثاقية،المداورة، التوافقية الديموقراطية، التعايش الوطني وغيرها من العبارات الكاذبة، هذه الجمرات الخبيثة التي تسري في شرايين الجسم السياسي اللبناني.
ماهذه الميثاقية اللعينة بدايتها كانت مع المناصفة ثم أصبحت الآن مثالثة وبعد فترة ستصبح مرابعة فمخامسة لتصل الى الرقم ثمانية عشرعدد الطوائف اللبنانية.
ما هذا البلد وما هذا الذي يُسمونه الميثاق الوطني، انطلق في العام ١٩٤٣ بتثبيت مراكز سياسية للطوائف لا تتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة لتصل في العام ٢٠٢٠ الى مستوى وظائف الدرجة الرابعة والخامسة وحتى الى الحجاب على مداخل الإدارات الرسمية.
لماذا يدافع اللبناني الماروني عن حاكم مصرف لبنان عجز عن القيام بواجباته بالحفاظ على قيمة النقد الوطني وعلى أموال المودعين والمارونيين منهم.
لماذا الإصرار على وزارة المال من قبل اركان الطائفة الشيعية هل بهذه الوزارة تنعم الطائفة بالأمان وتطمئن على مستقبل اجيالها وخاصة ان المال اختفى من جميع الوزارات ومن وزارة المال.
اين الإنتقاص من حقوق وصلاحيات الطائفة السنية وانتهاك الدستور والأعراف اذا ما قام رئيس الجمهورية بالتشاور مع الأطراف السياسية قبل تأليف الحكومة.
بئس هذه الدولة وهذا الكيان الذي يعتبر تولي وزارة الطاقة ضمانة للمسيحيين ووزارة المالية ركيزة الوجود الشيعي ووزارة الداخلية شريان أساسي لمصير الطائفة السنية ومحافظ بيروت هو علة الوجود الارثوذكسي في لبنان وهكذا دواليك الى آخر طائفة لبنانية.
القصة مش قصة رمانة(حقوق الطائفة) القصة إن القلوب مليانة، مليانة بحب المال والسلطة، قبل الحرب اللبنانية عام ١٩٧٥ كان المسيحيون خائفون على صلاحياتهم ووجودهم (أي سلطتهم ومالهم) وإتَّهموا المسلمين بمساعدة الفلسطينيين على محاولة سلبهم هذه الإمتيازات وجاءت حادثة بوسطة عين الرمانة في ١٣ نيسان كشرارة لحرب طويلة بين الأطراف اللبنانية والإقليمية والدولية، واليوم جاء خوف الطائفة الشيعية من فقدان هذه الصلاحيات والإمتيازات وتتهم في السعي لذلك اطراف لبنانية تساعدهم فرنسا ومن ورائها الولايات المتحدة ولبنان الآن بانتظار تاريخ ١٣ من أي شهر.
إندلعت الحرب اللبنانية بذريعة ان المارونية السياسية تهيمن على مؤسسات الدولة اللبنانية وقراراتها لتنتهي في العام ١٩٩٠بتقاسم الصلاحيات والحقوق(أي السلطة والمال) وبعد ثلاثين سنة من الحكم الإسترضائي والتوافقية الديموقراطية وصل لبنان الى الانهيار المالي والاجتماعي الكامل وهو يقف على حافة الانهيار الأمني الذي سيقود الى ١٣...والنتيجة ان لا هيمنة طائفة واحدة ولا توافق الطوائف جنَّبت لبنان المآسي والأزمات.
إندلعت الحرب اللبنانية وكل طائفة تستعين بدولة اجنبية او إقليمية لتزيدها سلطةً ومالاً على الطوائف الباقية وبعد عشرات السنين إستعادت هذه اللعبة الخطيرة نشاطها لتضع لبنان في حالة انتظار ١٣...
إندلعت الحرب اللبنانية وجميع لاعبيها الداخليين كانوا يُدركون إستحالة السيطرة على كامل الأراضي اللبنانية وكان اقصى طموحهم في معاركهم إضافة شارع في مدينة او قرية في قضاء لتدعيم سلطتهم مما يُزيد من ايراداتهم المالية تحت عناوين حقوق الطائفة ووجودها، وما اشبه الامس باليوم فلا وزارة ستحمي طائفة ولا مركز سياسي سيُقرر مصيرها في لبنان بل جل ما في الامر انها ستزيد من سلطتهم ومالهم.
ستة وسبعون حكومة تشكلت منذ تأسيس لبنان الكبير وبأسماء مختلفة(الوحدة الوطنية، إعادة الاعمار، الآمال الجديدة، الإصلاح والنهوض، الإرادة الوطنية الجامعة، هيا الى العمل...)
وجميع هذه الحكومات لم تتشكل الا بتدخل إقليمي ودولي ومع ذلك لم تمنع وقوع الحرب اللبنانية ولم تُجنب لبنان الإفلاس المالي والاقتصادي والأمني، فماذا ينتظر اللبنانيون من حكومة تحت إسم جديد ورقم إضافي، الانهيار الشامل ليس بسبب التسمية او بعدد الحكومات انما بالذهنيات الحاكمة منذ عقود ومصير لبنان حتماً ١٣...
امراء الحروب في العالم لا يُمكنهم صنع السلام الا عن طريق الغالب والمغلوب، فيستكين المغلوب فترة من الزمن لإستعادة أنفاسه وقوته لتدور عجلة الحرب من جديد، السلام له رجاله كما الحرب وهم إن تشابهوا في المظهر الخارجي ولكنهم يختلفون كثيراً في التفكير والاسلوب والنظرة في حكم وإدارة البلاد.
قبيل أحداث العام ١٩٥٨، قال احد الدبلوماسيين في السفارة الأميركية في لبنان لساندي كامبل رئيس شركة "تابلاين" إن أملنا بعدم تحول الأزمة اللبنانية الى العنف هو كمن يتأمل من الكلاب الكف عن مطاردة الهررة(كتاب لعبة الأمم لمايلز كوبلند).