أنطوني جعجع- ليس اتفاق الطائف وحده من يشل قدرات الرئاسة الاولى
شارك هذا الخبر
Tuesday, September 22, 2020
ليس صحيحا أن اتفاق الطائف هو الذي يشل وحده قدرات الرئاسة الاولى وقراراتها وصلاحياتها ... لنتفق اولا أن هذا الاتفاق الذي يتسلح به العهد وانصاره لتبرير الفشل في إدارة شؤون البلاد ، جاء نتيجة موازين القوى التي أعقبت حرب التحرير والتي جاءت لمصلحة سوريا وحلفائها في لبنان .. المنتصر هو الذي يضع شروط السلام او الاستسلام لا فرق وهذا ما حدث ... لو أدى العماد ميشال عون المهمة المنوطة به أي تأمين انتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس آمين الجميل لما كان الطائف ومندرجاته المبهمة او لو فتح طريق القصر للرئيس رينيه معوض ربما تمكنا من تعديل بعضٍ من بنود الاتفاق او ربما من تنفيذ بعضها الاخر ، وهو الذي اختير مدعوما من العالمين العربي والغربي ومحتفظا بمسافة لا بأس بها عن النظام الحاكم في دمشق والآخر الحاكم في إيران، وهي المسافة التي أدت إلى اغتياله... لست هنا في وارد النبش في الملفات والثغرات والمكابرات والمغامرات والطموحات ، بل في وارد الاضاءة على أخطاء ارتكبها من تولى أمور المسيحيين بعد مرحلة البشير ومنهم سمير جعجع عندما اختار الفوضى بدلا من مخايل الضاهر مفسحا في المجال أمام فراغ استفاد منه ميشال عون وتسلل منه السوريون نحو الدوائر الأميركية ليتحولا ثنائيا منسجما على قاعدة : اعطونا لبنان وخذوا محورا ممانعا يملك سلاحا لا يستعمله لا ضد إسرائيل ولا ضد المصالح الأميركية... انتقل ميشال عون إلى المنفى ودخل سمير جعجع السجن واعتكف المسيحيون في شكل غير مدروس وغير مسؤول ... فتفردت سوريا بقرارات البلد ومواردها ومساراتها وخياراتها وقياداتها وحولته إلى محمية سورية في مكان ومحافظة سورية في مكان آخر.. كان المسيحيون اكثر اهتماما بعودة عون وتحرير جعجع من اي شيء اخر .وهو أمر لم يتحقق إلا بعد اغتيال رفيق الحريري ... ماذا فعل المسيحيون بعد ثورة الأرز... تحالف عون مع حزب الله وفك عزلته.وتقرب من المحور السوري- الإيراني وتحالف جعجع مع تيار المستقبل وشد عصبه وتقرب من المحور السني - الخليجي، وخرج آمين الجميل من ١٤ آذار واتخذ منحى آخر لا يبايع عون ولا يناصر جعجع .. وعاد الموارنة إلى نقطة الصفر ... فلا عون يستطيع الوصول إلى الرئاسة من دون حزب الله، ولا جعجع يستطيع قيادة المسيحيين مع وجود عون في الحياة السياسية، ولا يستطيع الجميل التحول إلى خيار ثالث مع وجود عون وجعحع معا ... دخل عون القصر الرئاسي محكوما بخيارات حددها حزب الله على المستويات السياسية والإقليمية والاستراتيجية والأمنية، .. لقد كان الامتنان لدى عون اقوى من الإقدام وكانت خطيئة سمير جعجع أقوى من توبته المتأخرة، وكانت إطلالة الجميل أضعف من حيثيات الواقع وكانت صرخة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أضعف من صوت السلاح في معركة غير متكافئة على كل المستويات ...
والسؤال هنا ... ها هم المسيحيون، بعضهم هاجر وبعضهم يريد أن يهاجر وبعضهم لا يستطيع أن يهاجر.. عون طاعن في السن ومدين لحزب الله بلقب الرئاسة ، ويحمل على أكتافه احمالا لا يقوى على حملها بلا دعم من المجتمع المسيحي اولا والمجتمع العربي ثانيا والمجتمع الغربي ثالثا ، وجعجع عالق في الوسط بين فريق مسيحي لا يريده هو التيار الوطني الحر وتيار المردة وحزب الكتائب وبغض المستقلين ، وفريق إسلامي جامع يضم الشيعة والسنة معا ، ويعاني سبحة خيارات و اطلالات لم تنجح في تحويله خيارا أوحد على مستوى الرئاسة ولا خيار ا اول على مستوى الشعبية المسيحية.. . السؤال: لماذا لا يتنحى عون ما دام غير قادر على التغيير والتصويب .. التنحي ليس عيبا ولا عارا ولا عملا فريدا لم يقم به أحد من قبل ؟ ولماذا لا يعترف جعجع بأنه فقد تحالفاته الأساسية لأكثر من سبب، وأن الأمر بات يتطلب رؤيا جديدة ونهجا جديدا يضعانه أمام واحد من خيارين : اما العودة إلى نزعة الثورة ، وهذا غير ممكن حاليا ، وأما العمل لتوفير غطاء مسيحي للرئيس عون وهذا غير وارد مطلقا . فالاول لا يريد أن ينتهي في قصر بعيدا كما انتهى في المرة الأولى اي مهزوما ، والثاني لا يريد أن يدافع عن شيء لا يقبض ثمنه كما أصابه بعد حرب الإلغاء اي مغبوناً... وإزاء هذين الواقعين... يتمادى حزب الله في غيه وتتجاهل أميركا هموم الناس ...الأول يملك فرصة الانقضاض على البلاد، والثانية تدرك أن حربها ضد إيران لا يمكن أن تخاض بالواسطة... فاما تقاتل وحدها واما ترمي المنطقة في حضن إيران.. نعم .. لقد أصاب عون عندما تحدث عن جهنم .. لكنه لم يصب عندما ظن أن الصمود العبثي في معركة خاسرة هو نوع من الانتحار الذي لا يصيب شخصا بمفرده بل يقضي على شعب بكامله ويقتلع وطنا من جذوره... الهزيمة ليست دائما نقطة سوداء في التاريخ .. فهي في بعض المرات نقطة بيضاء ناصعة خصوصا لو جاءت بعد معركة تحمل فيه سيفك لا خوفك ..