شادي هيلانة- حكومة اديب من "طنجرة الى طنجرة"

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, September 16, 2020

رغم تسارع الأحداث والضغوط الدولية والأجواء الإيجابية التي لاحت في الأفق، يبدو من الظاهر ان تذليل العراقيل أمام تشكيل هذه الحكومة ليس بالأمر السهل.
ان تريث رئيس الحكومة المكلف جاء بشكل أساسي بسبب العراقيل التي تواجهها حكومته، خصوصا أن الطبقة السياسية لا تزال تحاول مواجهة الضغوط الدولية.
فبإمكان رئيس الجمهورية عدم التوقيع على هذه التشكيلة، مما يضع رئيس الحكومة المكلف أمام خيارين: إما تقديم تشكيلة ثانية بعد عملية مشاورات أخرى أو تقديم استقالته، يدعو على إثرها رئيس الجمهورية إلى استشارات نيابية جديدة لتسمية رئيس آخر للحكومة.

ارتفعت الأصوات المتهمة لرئيس الجمهورية ميشال عون بخرق الدستور بقيامه بمشاورات مع الكتل النيابية وهي المهمة التي تقع وفق الدستور على عاتق رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب.
وتنص الفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور على أن رئيس الحكومة المكلف هو الذي يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة على أن يوقع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها.
الا ان العقدة الشيعية ما زالت مستحكمة، ولا تؤشر اجواء الثنائي حركة "امل" و"حزب الله"، الى ليونة في موقفهما، ولا سيما ما يتعلق بوزارة المالية، لجهة عدم القبول بالتنازل عنها، او ما يتعلق بما يعتبرانه حقهما في تسمية الوزراء الشيعة في الحكومة.
ولخّصت اجواء الثنائي الموقف من مسار التأليف بقولها: لا حكومة من دون حق الطوائف والكتل النيابية في التمثيل واختيار الأسماء. ولا حكومة من دون إسناد وزارة المال للطائفة الشيعية، مشيرة الى ان ما كان مسموحا به من قبل ضمن هامش التسهيل الى أقصى الحدود لم يعد مقبولا الآن، بعدما اتضح انّ العملية اخذت مسارا مختلفا، وبيّنت نوايا القفز فوق المسلّمات وحشر القوى السياسية، فما ان يقبلوا بما يطلب منهم، وإما عليهم تحمل فشل المبادرة الفرنسية امام اللبنانيين والعالم.

كل تلك العراقيل مفادها طبخ حكومة على شاكلة حكومة حسان دياب، اي انّ كل طرف سياسي يسمّي من يمثّله في هذه الحكومة ولو تحت غطاء اختصاصيين وليس حزبيين، وبمعنى أوضح يصبح لكل طرف سياسي وزيره او وزراؤه في الحكومة يديرهم بالريموت كونترول.

فلا نجاح يلوح في الأُفق مع بنية لنظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية والاثنية، والذي ادى الى استنزاف الموارد والطاقات في عمليات فساد ونهب وقتل غير مسبوقة بتاريخ لبنان والدولة، وحروب داخلية وأهلية قائمة على العبث بمشاعر الانتماء المذهبي والقومي.
دولة "الخفافيش" من طراز خاص في الخفاء، الراغبة في جعل لبنان ساحة للصراع الامريكي ـ الأيراني, وان اختلفت حدته عن الصراع الأمريكي الإيراني على الأرض اللبنانية بسبب اختلاف اجندة الاحتواء وارتهان لبنان لتلك الصراعات بفعل حجم التدخلات, وبأختلاف حجم مشروعيته ودوافعه.


وقد بات للقاصي والداني علم، أن لبنان على مستوى المزاج السيكوسياسي الرسمي والجيوبولتيك مقسم الى عدة اقسام، متناحرة ومتصارعة على الموارد والنفوذ ولا تمت بأي صلة بمفهوم بناء وطن موحد.
تعود أولى أسبابه الى الحاضنات الخطرة للسلاح المنفلت الى جانب سلاح الميليشيات المنفلتة التي تستهدف الاضعاف المتواصل للدولة وتشكل معضلة الدولة العميقة في لبنان.