خاص ــ ملامح أزمة شيعية - مسيحية... هل يرد عون لبري الصاع صاعين؟! بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Monday, September 14, 2020

خاص ــ بولا أسطيح

الكلمة اونلاين

يُدرك المطلعون عن كثب على عملية تشكيل الحكومة أن المطبات التي تعترض مسار التأليف هذه المرة لا تشبه بشيء المطبات التي لطالما اعترضت الرؤساء المكلفين خلال السنوات الـ10 الماضية. فلا التمسك بتوزير شخصية معينة او بالحصول على حقيبة محددة ما يحول دون اعلان مصطفى أديب حكومته، انما ما هو أبعد وأعمق من ذلك بكثير لارتباطه بمصير النظام اللبناني وعلاقة المكونات بعضها ببعض.
فلا يشبه تمسك رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالحصول على وزارة المالية تمسك رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في السنوات الماضية بالحصول على وزارة الطاقة. بري قالها وبوضوح ان الاصرار على "المالية" مرتبط بما ورد في اتفاق "الطائف" باشارة الى التوقيع الشيعي الثالث على المراسيم. توقيع تخلى عنه الشيعة مرار وتكرارا خلال السنوات الـ30 الماضية للسنة والمسيحيين، ما أدى عمليا لسقوط وتلاشي اي اتفاق يتحدث عنه بري تم في "الطائف" ويرفض كثيرون الاقرار به.
موقف بري الذي لم يقترن حتى الساعة بموقف معلن وحاد مماثل لحزب الله الذي لا يزال يحاول تدوير الزوايا، استدعى ردودا مسيحية رافضة تماما لتكريس "المالية" للشيعة لاعتبارها ذلك بوابة للمطالبة بـ"المثالثة" التي ترفضها المرجعيات المسيحية. وسُجل موقفان في هذا الاطار لباسيل والبطريرك الماروني بشارة الراعي، ففيما أعلن الأخير رفضه لـ"حكومة سيكون فيها استملاك لحقائب وزارية لأي فريق أو طائفة باسم الميثاقية"، قال باسيل انه "لو حصلت طائفة على وزارة عدّة مرّات، بما فيها هذه المرّة، فهذا لا يخلق عرفا. العرف يكون بقبول الجميع، والدستور واضح بعدم تكريس وزارة لطائفة! امّا اذا كان الهدف هو تكريس التوقيع الثالث فهذه مثالثة ونحن نرفضها حتما".
ولا يبدو ان "الثنائي الشيعي" تلقف برحابة صدر موقفي الراعي وباسيل، اذ نبهت مصادره من سلوك الامور "منحى خطير"، لافتة في حديث لـ"الكلمة اونلاين" الى ان رئيس مجلس النواب الأسبق حسين الحسيني تحدث وبوضح عن اسناد "الطائف" وزارة المال الى الطائفة الشيعية كمرحلة انتقالية حتى إلغاء الطائفية، ولذلك فان الانقلاب على الاتفاق يحتّم البحث بنظام جديد، ولم يعد خافيا ان المثالثة احد الخيارات المطروحة بقوة.
وتُحمّل مصادر شيعية معارضة الرئيس بري مسؤولية التخلي عن وزارة المال للرئيس الراحل رفيق الحريري، لافتة الى انه اذا كان "الطائف" حقيقة منح "المالية" للشيعة، فان التنازل عنها او تأجيرها او حتى بيعها يتحمل مسؤوليته من وافق على ذلك لأسباب او لأخرى. وتضيف المصادر:"ما الذي تغير كي يُعرقل شرط كحصول "الثنائي الشيعي" على المالية المبادرة الفرنسية طالما "الثنائي" نفسه لم يتمسك بها في مراحل اقل خطورة من المرحلة التي نمر بها؟ لا شك انه فائض القوة الشيعي هو الذي يتحكم بالساحة اللبنانية اليوم. لكن السؤال هل "الثنائي" قادر على مواجهة الفرنسيين ومن خلفهم المجتمع الدولي؟ هل هو قادر على خوض مواجهة مفتوحة بدأت بالعقوبات الاميركية ولا احد يعلم كيف تنتهي؟"
وتكشف مصادر مطلعة ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وخلال اتصاله ببري مساء يوم امس أصر عليه السير بالنصوص الدستورية كما هي على ان يتم البحث بأي تعديل دستوري او بتغيير النظام بعد تشكيل الحكومة.
وللعلم بأن رفض حصول بري على "المالية" لا يقتصر على الفرنسيين الذين يتمسكون بالمداورة وعدم تسمية اي فريق سياسي لمحسوبين عليه او مقربين منه. اذ تؤكد مصادر مطلعة ان رئيس الجمهورية يضع فيتو على حصول "أمل" على المالية، ولذلك كان حديث بري في بيان مكتبه عن ان "المشكلة ليست مع الفرنسيين وانها مشكلة داخلية ومن الداخل". ففي الوقت الذي قرأ البعض بهذه الاشارة تصويبا على رؤساء الحكومات السابقين، شددت المصادر على ان المعني الرئيس عون، لافتة الى وصول الكباش بين "التيار الوطني الحر" وحركة "أمل" مستويات غير مسبوقة منذ وصف باسيل لبري بـ"البلطجي".
وبحسب المعلومات، فان الرئيس عون المستاء من طريقة اعداد التشكيلة الحكومية من دون التشاور معه بالتفاصيل ومع الكتل النيابية، لم يحسم خياره بعد لجهة ما اذا كان سيوقع التشكيلة التي سيتقدم بها مصطفى اديب صباح يوم غد. وترجح مصادر ان يوافق على التشكيلة ليرمي بذلك الكرة في ملعب المجلس النيابي وبري ويضعه بمواجهة الفرنسيين والمجتمع الدولي فلا يكون هو من يخوض هذه المواجهة التي يبدو واضحا ان تكلفتها باهظة جدا.
اذا هي ساعات مفصلية يتحدد خلالها مصير الحكومة الجديدة ومعها مصير البلد الذي لا يزال يشهد سقوطا حرا..ولعل الاخطر هو تزامن ذلك مع فتح باب النقاش بالنظام اللبناني الجديد على مصرعيه، وتوحي المؤشرات الاولية انه سيشهد شد حبال طائفي يهدد التركيبة الحالية بكل تفاصيلها!


Alkalima Online