إعلان حال الطوارئ... قرار سياسي لضبط الشارع والإعلام!

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, August 12, 2020

مريم سيف الدين - نداء الوطن

لم يستدعِ وجود 2750 طناً من نيترات الأمونيوم المخزنة في مرفأ بيروت أي دعوة من المسؤولين لإعلان حال طوارئ في المرفأ. على الرغم من معرفة رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة المستقيل حسان دياب، وغيرهما من المسؤولين والأجهزة بوجود هذه المادة وبأنها قد تدمّر بيروت إذا انفجرت، وهو ما حصل بعد تجاهلهم لهذه التقارير. وبعد أن دمرت المدينة، وتركت بشبه غياب للإغاثة من قبل أجهزة الدولة لأكثر من أسبوع، يتّجه مجلس النواب غداً لمناقشة المرسوم المتعلق بإعلان حال الطوارئ في بيروت. وإذ يبدو أن لا داعي لإعلان حال الطوارئ المتأخرة أصلاً، بعد كل ما جرى، يرى ناشطون وجمعيات ومحامون بأن اتخاذ القرار سيكون سياسياً يهدف لضبط الشارع، خصوصاً وأن إعلان الطوارئ سيفرض رقابةً على الإعلام الذي يلعب اليوم دوراً في كشف الكثير من الحقائق، وفق ما يشير لـ"نداء الوطن" المحامي كريم نمور من "المفكرة القانونية".

فقد أعلنت الحكومة في اليوم الذي تلا انفجار المرفأ حال الطوارئ في بيروت لمدة أسبوعين، ووافقت على تولي الجيش تسيير مهام العاصمة خلال فترة الطوارئ، والحفاظ على مسرح الجريمة لمنع طمس الأدلة. واستناداً للقانون، على مجلس النواب التصويت على هذا القرار في غضون ثمانية أيام إما للموافقة عليه أو رفضه، وفق ما يشير نمور، ويلفت إلى ان هذه الآلية متبعة تجنباً لحصول انقلاب.

يرى المحامي أن لا حاجة لإعلان حال الطوارئ، إذ تتيح "التعبئة العامة" التي أعلنتها الحكومة لمواجهة كورونا، اتخاذ سلسلة من الإجراءات لمواجهة تداعيات الإنفجار كإزالة الأنقاض، وإلزام موظفي الدولة بالمشاركة بأعمال الإنقاذ. كذلك يمكنها أن تفرض على التجار بيع المواد اللازمة للترميم بأسعار محددة. "فالقانون يسمح بإعلان حال الطوارئ خلال الكوارث، لكنه اليوم خيار سياسي. فالطوارئ تمنح صلاحيات هائلة. بنظري كمحلل قانوني يهدف القرار لضبط الشارع، ما يخوّل السلطة اتخاذ قرارات من دون رقابة، وفرض رقابة على الصحافة، وتحويل أشخاص على المحكمة العسكرية، حيث لا ضمانات لمحاكمة عادلة، تحت ذريعة الإخلال بالأمن وهي كلمة مطاطة"، يقول نمور. ويكرر المحامي تشديده على خطورة القرار على الصحافة التي "لعبت دور الدولة في التحقيق واظهرت حقائق"، ويهددها بالرقابة والقمع.

وفي حين ينص قرار الحكومة على الحفاظ على مسرح الجريمة لمنع طمس الأدلة، يلفت نمور إلى استهتارٍ في هذا الشأن. "كان يجب فرض طوق حول مد العصف ومنع الناس من الدخول والخروج. إلا أنه جرى ترك مسرح الجريمة مفتوحاً أمام الجميع، وهو استهتار بالتحقيق. ففي حال كان التفجير مفتعلاً يمكن للمجرم التجول في المكان وتشويه معالم الجريمة، كما قد يكون العصف قد قذف أداة الجريمة إلى الأماكن التي تركت مفتوحة". ويرى المحامي أنه كان يفترض وبعد وقوع الانفجار توقيف جميع المعنيّين على ذمة التحقيق خلال 24 ساعة.

في حديث لـ"نداء الوطن" يكشف النائب عماد واكيم أنه جرى الاتفاق على منح الغطاء لحال الطوارئ التي أعلنتها الحكومة بعد الإنفجار. ورداّ على طرح المخاوف من إساءة استخدام الصلاحيات التي يمنحها القرار، يجيب واكيم أن "قيادة الجيش أوعى من القيام بذلك". لكن وبعد طرح المزيد من التساؤلات عن الحاجة لإعلان حال الطوارئ بعد مرور أكثر من أسبوع على الكارثة وتقصير الأجهزة المعنية، وسوء تعاملها مع الأزمة، يرجح واكيم أن يتمّ اتخاذ قرار وسطي بحيث يتم التصويت على حال الطوارئ لفترة محدودة تغطي المدة التي انقضت، كي يمنح أي قرار قد اتخذ بناءً على إعلان الطوارئ غطاءً قانونياً.

وتعليقاً على الإهمال الذي حصل بعد الإنفجار، حيث ترك الشارع المنكوب رهن المبادرات بعيداً من تنظيم الأجهزة المعنية، يشير واكيم إلى أن الهيئة العليا للإغاثة ولجان الكشف عن الأضرار قد تعاني ضياعاً نتيجة هول المصيبة.

وفي تأكيد على دور الإهمال في صناعة فاجعة اللبنانيين، يكشف واكيم أنه ومنذ العام 2001 يوم كان أمين سر نقابة المهندسين يطالب بتشكيل هيئة لإدارة الكوارث، يدعو اليوم وبعد الإنفجار للإسراع بتشكيلها. كذلك يلفت النائب إلى افتقار فرق الإطفاء لأية تجهيزات، والتي يعتبرها من مسؤولية محافظ بيروت ورئيس بلديتها. "وفي السابق بقينا نضغط سنتين حتى تمكنا من منح عمال الإطفاء بدل مخاطر".