خاص ــ الحزب مصدوم ومستاء من تطيير الحكومة: تقييم للأضرار والخسائر واستعداد للمواجهة المقبلة! بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, August 12, 2020

خاص ــ الكلمة اونلاين

بولا اسطيح

بالرغم من كل الاهتزازات التي تعرض لها الكيان الحكومي خلال الاشهر القليلة الماضية، الا ان حزب الله كان مطمئنا ان حكومة حسان دياب ستواصل عملها ولو بوتيرة لا ترضيه تماما، فغياب البديل والخوف من الفراغ في زمن الانهيار المالي عوامل كانت تجعله واثقا بأن القوى الحليفة الممسكة معه بمصير ومسار هذه الحكومة لن تفرط بها، كيف لا وهي نجحت باقصاء كل الأخصام الذين لطالما اتهموهم بعرقلة المشاريع والملفات عبر حكومات الوحدة الوطنية.

واعتقد الحزب انه ورغم هول الفاجعة التي ضربت البلاد عبر انفجار المرفأ الاسبوع الماضي، الا ان الحكومة ستكون قادرة على الصمود في حال سارعت الى تحقيق موسع وتوقيفات تطال رؤوس كبيرة، فكان توقيف مدير عام الجمارك بدري ضاهر خطوة في مسار استيعاب الغضب الشعبي العارم وبالتالي تجنب تداعي الحكومة.

وجاءت زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والتي تزامنت مع ضغوط هائلة على الوزراء الحاليين لحد تحميلهم مباشرة ووحيدين مسؤولية ما حصل، لتشكل الضربة القاضية.
خرج حسان دياب بمحاولة أخيرة لانقاذ نفسه بطرح انتخابات نيابية مبكرة واعطاء القوى السياسية مهلة شهرين "حتى تصل القوى السياسية إلى اتفاق على المرحلة المقبلة"، من دون ان يدري انه بذلك فقد خشبة الخلاص الأخيرة التي كان يمكن ان تبقيه في السراي الحكومي لمدة اضافية. فطرح الانتخابات المبكرة اعتبره رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي لم يتفق طوال المرحلة الماضية مع دياب، يمسه شخصيا، فسارع لتحديد موعد جلسة مساءلة نيابية للحكومة تمهيدا للاطاحة بها بعد شبه اتفاق مع قوى المعارضة التي لطالما ظل بري أقرب اليه من رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر". وترافقت الدعوة لجلسة المساءلة مع سلسلة استقالات تقدم بها عدد من الوزراء بدت رسالة واضحة لدياب انه قد آن أوان الرحيل، فقرر حفظ ماء وجهه والاستقالة قبل سقوط الحكومة نتيجة استقالات وزارية جديدة او نتيجة الاقالة من قصر الاونيسكو.

وطوال الساعات التي سبقت اعلان دياب استقالته كان حزب الله كما رئيس الجمهورية يسعيان للملمة الوضع، وبخاصة عبر جهود بذلها مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي لم ينجح بمسعاه هذه المرة. ولا تنفي مصادر مطلعة على موقف حزب الله ان سقوط الحكومة شكل مفاجأة للحزب الذي كان قد حصل على ضمانات من الرئيس عون عند طرحه والوزير السابق جبران باسيل اسم حسان دياب لرئاسة الحكومة خلفا لسعد الحريري انه لن يستقيل ايا كانت الضغوط التي ستمارس عليه وسيبقى على رأس الحكومة حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة.

ولا شك ان عون كما الحزب يدركان تماما ان ما حصل شكل صفعة كبيرة لهما، فالحكومة كانت بنهاية المطاف حكومتهما، وكما ارادها رئيس الجمهورية حكومة العهد الاولى. وهي بعد ان فشلت بالعمل بالوتيرة المطلوبة لتفادي الانهيار المالي ودخولها بكباش مع المجلس النيابي على خلفية تحديد الخسائر ما أطاح بمفاوضات صندوق النقد الدولي، ما ادى لاحراج "الثنائي" عون – حزب الله طوال المرحلة الماضية، وجهت لهما صفعة مشتركة بسقوطها المدوي على خلفية انفجار مرفأ بيروت، ما بدا وكأنه اقرار بتحمل المسؤولية الاولى عما حصل، رغم اصرار رئيسها في بيان استقالته على تحميل الطبقة السياسية ككل كامل المسؤوليات عن كل الانهيارات التي يتخبط فيها البلد.

ولعل أكثر ما يُغضب "الثنائي" حزب الله –عون اليوم هو ان تجربة حكومة دياب بينت أمام المجتمع المحلي والدولي فشله بتولي السلطة، وهو ما يجعل أخصامه السياسيين سواء في الداخل او الخارج يحتفلون اليوم بهذا الانجاز..نعم هو انجاز لهم باعتبار ان الضغوط التي مارسوها على كل الصعد نضجت ثمارها أسرع مما توقعوا!

خلال الاجتماع الذي عُقد مساء أمس في عين التينة وحضره الى بري باسيل والخليلين، كان ممثل حزب الله مستمعا، فالقيادة الحزبية، المستاءة لا شك من الضربة القاضية التي وجهها بري لحكومة دياب، قرر اعتماد الصمت السياسي الاستراتيجي. وهي وبحسب المصادر تنصرف بالوقت الراهن لتقييم للأضرار والخسائر والاستعداد للمواجهة المقبلة! وتضيف المصادر:"عون وحزب الله يعيان انهما سيتكبدان الكثير من الخسائر ايا كان شكل الحكومة التي سيتم التوافق عليها بعدما بات محسوما انها ستكون بالمضمون حكومة وحدة وطنية، ايا كان شكلها، اي سواء شاركت فيها الأحزاب بشخصيات سياسية او بأخرى تكنوقراط او حتى مستقلة!"

هو زمن الخسائر لكل الفرقاء، سياسيين ومواطنين، وعلى الاصعدة كافة. خسائر هدّت الكيان اللبناني وباتت تستدعي ما هو ابعد من تشكيل حكومة وحتى اجراء انتخابات نيابية مبكرة...باتت تستدعي اعادة النظر بالنظام ككل. فمهما كانت تكلفة ذلك على بعض الطوائف والأحزاب، فهي لن تكون بحجم خسارة وطن!