ملاك عقيل- الحريري "يَعود" إلى حزبه!

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, July 15, 2020

ملاك عقيل
"ليبانون ديبايت"

لم تجرِ رياح التطورات السياسية كما تشتهي سفن بيت الوسط. الرئيس سعد الحريري الغارق في أزماته يستعدّ للتعويض عن جزء مما خَسِره في السنوات الماضية عبر إحكام قبضته على تياره السياسي الذي ضَربه الإرتخاء والإحباط و"التسرّب" الحزبي وعصفت به الخلافات الداخلية حتى بين أقرب المقرّبين منه.

هو الحريري نفسه الذي أسهم في تكريس حالة "الانفصام" السياسي داخل "تيار المستقبل" بين التسويات التي أعادته رئيساً لحكومتين في العهد العوني وبين الغالبية العظمى من أعضائه الرافضة لخياراته السياسية وسلسلة التنازلات التي اقدم عليها!

و"الشيخ" الجالس حاليًا على مقاعد التقاعد المبكر عن رئاسة السلطة التنفيذية والمنتظر لتسوية قد تعيده الى قلب القرار السياسي يبدو على أبواب المؤتمر العام الثالث الذي سينعقد في 25 تموز الجاري أمام مرحلة مفصلية لناحية إعادة ترتيب بيته الداخلي في ظل واقعين:

أزمة سياسية مالية ظهّرت أكثر فأكثر مكامن الضعف في بنية "تيار المستقبل" خصوصًا لناحية الصعوبة في دعم جمهوره بمقوّمات "الصمود" اللازمة بسبب إفلاس رئيسه.

والثاني رصد العارفين ببواطن الأمور حالات "تراخي عصب" واضحة في شارع "تيار المستقبل" وصلت الى حدّ عدم حصول ردّ فعل، ولو عفوي، على ما أوحى به بيت الوسط بأنه محاولة استهداف عبر رسالة أمنية للحريري خلال الزيارة التي قام بها الى مفتي البقاع الشيخ خليل الميس في 17 الشهر الماضي.

لا يكتمل هذا المشهد سوى بتأكيد هؤلاء أن الحريري في شبه عزلة سياسية ناتجة عن رفع الغطاء السعودي، وانضمامه الى نادي رؤساء الحكومات السابقين، وتأجّج "صراع المرجعيات" داخل الطائفة السنية، وفقدانه الـ "أنتانات" التي تبقيه على بيّنة من التحوّلات والتطورات الاقليمية والدولية، وفشله في التماهي مع خطاب الثورة، لينحصر المشهد بزيارات إثبات وجود يقوم بها من وقت لآخر، واجتماعات "منفوخة" لكتلة "المستقبل" تشمل وزراء ونواب سابقين، أو اجتماع لزوم ما لا يلزم للهيئات الاقتصادية في بيت الوسط...

يؤكد عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" مصطفى علوش لموقع "ليبانون ديبايت" "أن الرئيس الحريري من خلال المؤتمر العام سيعود الى قلب "تيار المستقبل"، مؤكدًا أن "غياب الحريري عن تياره السياسي أدى الى ضعضعة وإضعاف موقعه في رئاسة الحكومة في مرحلة من المراحل، لأن وجوده استند أكثر الى التحالفات والتسويات وليس الى القوة الحزبية الأساسية المنطلق منها".

ويوضح علوش أحد المشاركين الأساسيين في الورشة التنظيمية "هناك ظروف كثيرة أدّت الى ما وصلنا اليه، واليوم سيكون هناك مجلس تأسيسي لنظام داخلي جديد"، قائلًا "أن تجربة المكتب السياسي لم تكن جيدة لأسباب موضوعية لا علاقة لها بأعضاء المكتب، بل بسبب واقع غياب الحريري ودخوله في التسويات ما أدى الى تعطيل المؤسسة السياسية".

وفي شأن التسرّب الحزبي يجزم بأن "جزءًا كبيرًا منه نتحمّل مسؤوليته كتنظيم حزبي فهناك نخب عظيمة ووفية كانت الى جانب رفيق الحريري واستمرت مع تيار المستقبل تمّ إهمالها ولا بدّ من لم ّ الشمل، ومنهم من ابتعد لأسباب خاصة وجزء ثالث مرتبط بمساعدات وظروف معينة وغادر على هذا الأساس".

ويؤكد علوش "الحريري سيكون الآن جزءًا من التنظيم وليس خارجه. في الماضي كان يريد أن ينزع الصفة الحزبية عن واقع رئاسة الحكومة، فاعتبر التنظيم شيء وخياراته السياسية في مكان آخر، وهذا أدى الى إرباك والكثير من الجدل والى تعطيل القرار السياسي بكل معنى الكلمة. والهدف اليوم إعادة سعد الحريري الى قلب القرار السياسي في تيار المستقبل، بحيث يصبح مسؤولًا مباشرًا عن التيار بدل أن يكون هناك مجموعة من الموكلين"، مشيرا الى أن "هناك محاولة لتوحيد الجميع على خيارات حزبية تنطلق من المكتب الرئاسي ويأخذ بها الجميع منعًا لتناقض الاستنتاجات والمواقف بين النواب ومؤسسات الحزب".

ووفق التعديلات التي دخلت الى الهيكلية التنظيمية تمّ حلّ الأمانة العامة والمكتب السياسي لينحصر الأمر بمكتب الرئيس، وعلى رأسه الحريري ويعاونه عدّة نواب له، وللمكتب عدّة فروع منها فرع الشؤون التنظيمية، والقرار اتخذ باعتماد التعيين وليس الانتخاب.

وسيصبح الحريري، كما يقول علوش، "مسوؤلًا مباشرة عما يحدث في التيار بكل تفاصيله من قبل مكتب الرئيس".

وهل الإنصهار بين الحريري وحزبه يعني بشكل آخر أن رئاسة الحكومة باتت بعيدة عن بيت الوسط يجيب علوش "إذا أتت أو لم تأت رئاسة الوزراء هي ثانوية بالنسبة لنا في هذه اللحظة. وإن حصل ذلك، فإن الخيارات موجودة لأن هناك نواب الرئيس"، مؤكدًا "ان الحريري إذا عاد الى موقع المسؤولية لن يكون حزبه، كما فعل ميشال عون وجبران باسيل، في سدّة رئاسة الحكومة بل سيكون رئيس وزراء كل لبنان".

وحول الخلافات القائمة بين أمين عام "تيار المستقبل" ورئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هاشمية، ودور أحمد الحريري بعد حلّ الأمانة العامة يقول علوش "أحمد الحريري خاض ظروفًا صعبة جدًا وتعرّض لانتقادات أخذها بصدره، وفي بعض الاحيان أخذ خيارات بسبب غياب القرار المباشر. واليوم أظنّ سيكون له دور وسيكشف عنه في نهاية المؤتمر".

يضيف "بصراحة لم أتعرّف على أحمد هاشمية، لذلك تنظيميًا ليس لي علاقة به. وإذا أصبح جزءًا من التركيبة المرتبطة بمكتب الرئيس وتحدّدت المسؤوليات، لا أظن سيكون هناك سبب لتضارب المسؤوليات والخيارات مع أحمد الحريري".

وماذا عن بهاء الحريري يجيب علوش "من هو بهاء الحريري أصلًا؟ كحزبي لا يعني لي شيئًا. هو انسان مغترب لا يعرف شيئًا عن لبنان وتيار المستقبل. وإذا قرّر يومًا ما أن ينزل الى الأرض ونراه بين الناس ويطرح مشروعًا سياسيًا وانمائيًا ويملك صفات القيادة عندها يحصل النقاش من خلال تنظيم وقواعد التيار وربما يكون لديه حظ أن يكون في الواجهة".

ويضيف "كونه ابن رفيق الحريري لا يعني أنه قد يكون الوريث الشرعي. فالوريث الشرعي هو تيار المستقبل وليس حتّى رئيسه، بل المنظومة هي الوريثة والأساس وليس أبناء رفيق الحريري. والرئيس الحريري بالنسبة لنا اليوم هو المناسب للقيادة ونعمل الى جانبه".