رفيق خوري- الطريق الى تعدّدية "الأنظمة" الفاشية

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, July 15, 2020

لبنان صار محل شفقة من العالم. وأهل السلطة يقلدون في الواقع نكتة عن الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف ملك "الركود" في بلد الثورة. كان الوضع هناك يشبه قطاراً متوقفاً في محطة الركود. وكانت النصيحة لسائق القطار من بريجنيف هي: لا أمل في التحرك. أسدل الستائر وتصرف كأن القطار يسير. لكن لبنان في وضع يبدو الركود مثالياً بالنسبة اليه. فالقطار مندفع نزولاً في الهاوية، والسائق مشغول بأمور أخرى. والركاب مخطوفون وعاجزون عن الفعل.

ورغم ذلك، فان لبنان ليس في أزمة لا حل لها بل في أزمة لها حل عادي وحلول غير عادية. والمشكلة هي الهرب من الحل العادي، وانتظار الحلول غير العادية.

الحل العادي مكتوب على يافطات الثوار ويقدمه لنا العرب والغرب بالملعقة: الاصلاح الجدي الحقيقي و "النأي بالنفس" عبر حكومة خارج المحاور، مقابل المساعدات التي توقف الانهيار على طريق التعافي. لكن هذا الحل مخيف للمافيا السياسية - المالية - الميليشيوية. فهو يعني وقف النهب والسطو على البلد والمحاصصة، والتوقف عن سياسة المصالح الفئوية والتشاطر عبر تجويف الاصلاح. والحلول غير العادية معروفة من التجارب في تاريخ الشعوب.

ذلك ان طريق الفساد والفقر والبطالة والجوع والانهيار المالي والاقتصادي قاد ويقود الى نهايات معروفة: إما الى نظام فاشي بوليسي، وإما الى نظام شيوعي توتاليتاري. انقلاب عسكري او نظام ثيوقراطي سلطوي. لكن هذه النهايات صعبة في لبنان. فلا طرف يستطيع، ولو اراد، اقامة نظام فاشي. ولا مجال لثورة تقيم نظاماً شيوعياً. لا تركيبة المجتمع، وهي نفسها تركيبة الجيش التي حمت لبنان من تقليد الانقلابات العسكرية في المنطقة وأفشلت كل محاولة انقلابية، تسمح بقيام انقلاب عسكري قابل للبقاء. ولا حزب، مهما يكن قوياً، يستطيع إقامة نظام ثيوقراطي في بلد يضم 18 طائفة. فما البديل؟

تجربة الحرب لا تزال طرية. والمرجح الاخطر هو تعدد الفاشيات الطائفية والمذهبية: انقسام المناطق وخضوع كل منها لسلطة زعيم سلطوي وراءه ميليشيا. وكالعادة تتدخل القوى الخارجية مباشرة وبالواسطة، لتدخل البلاد في دوامة جديدة لا تنتهي من الصراعات. لكن هذا يزيد في الفقر والبطالة والأزمات النقدية المالية والاقتصادية والاجتماعية وكل ما قاد الى تعددية الفاشيات. وليس هناك قوة خارجية قادرة على التحكم وحدها بلبنان وفرض ضمه الى مشروعها.

أليس ما ينطبق على هذا الوضع والمغشوشين بمظاهر السلطة هو ما سماه غوته عقد فاوست مع الشيطان: "سأجعلك عظيماً اذا سمحت لي بأن اتصرف بك كما اريد"؟