عبدالله قمح- دياب الجديد يهجم إرتدادياً

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, July 7, 2020

عبدالله قمح
Lebanon Debate

الكلام حول التعديل أو التبديل الحكومي الذي ملء الدنيا وشغل الناس، سقطَ بسحر حزب عمّم إلى كافة فروع الحلفاء بضرورة سحب أي كلام من الوزن أعلاه من التداول "إن وجد"، بعدما بدا لديه أن ثمة "تياراً" أغرق بعض غرف الثامن من آذار بأجواء "ملتبسة ومفبركة"، لا ناقة للحزب فيها ولا جمل، فكفلت تعويم مصطلحات سياسية على الألسن لم تكن الحكومة أو ايٍ من داعميها في وارد سماعها.

ورُبَّ ضارةٍ نافعة، فقد حولت الحكومة والقوى المؤازرة لها، الأجواء الملتسبة والسلبية إلى طاقة إيجابية نهلت منها "قدرات سياسية" تفي في إضفاء التعويم على الحالة الحكومية، التي ظهر في مستويات معينة أنها متهالكة، فكان الهجوم الارتدادي التدريجي أفضل وسيلة للدفاع.



وهكذا، شدّت القوى الداعمة للحكومة أواصرها بالتعاون مع رئيسها حسان دياب الذي تلقّى جرعة دعم مكنّته من استئناف نشاطه فحازَ على ثقة متجددة، من قبيل تأمين الدعم والمؤازرة، بعد أن ظهرت لديه نوايا لاحداث خروقات بالجملة بدأت تتمظهر على جداول أعمال جلسات مجلس الوزراء على شكل بنود إصلاحية، حكماً أن الكهرباء ليست الوحيدة، حيث أن معلومات "ليبانون ديبايت" تفيد أن "الهجوم سيشمل كافة الملفات الحيوية، والكهرباء ليست استثناءً بل إن ملفات الخليوي والدولار والنفط يحوزون على المقدار نفسه من الاهتمام".

ومن نوايا إدراج الإصلاحات على مقصلة التنفيذ يُقرأ كتاب الحكومة الجديد، بعد أن ضربَ رئيسها حسان دياب على صدره بأنه سيسير في الإصلاحات ولو كلّف ذلك ما كلف. ومعنى الإصلاحات هنا فضفاضاً، أي ليس داخلياً فقط أو ذا صلة بالإدارة أو مرتبط بجهة أو جهات محددة، بل إن للورشة الخارجية وتحسين هيكلية لبنان وحضوره على مستوى العلاقات مع الدول حيزاً هاماً.

ودياب دشّنَ توجهه ذا باكراً من خلال المواءمة بين الشرق والغرب لا الاستفراد في طلب الدعم من إتجاهٍ واحد. فبالتوازي مع ورشة "صندوق النقد" الجاري العمل فيها، قرر رئيس الحكومة إفتتاح نوافذ بإتجاه دول شرقية، بعد أن أجرى قراءة خلصت إلى أن إنتشال لبنان من الواقع الذي يرزح في قعره، بحاجة إلى دمج جهود بين الشرق والغرب وما على لبنان سوى إتباع مصالحه للاستفادة من الجهتين، إذ أن صندوق النقد ليس وحده المخول إدارة عملية الانقاذ في لبنان.

ثم إن الدافع لدى دياب في فتح النوافذ شرقاً، يعود لادراكه أن شروط صندوق النقد تعجيزية ومرتفعة وتكاد تُرهق الواقع اللبناني المرهق اصلاً. وقد خلص إلى أن أحد أسباب إرتفاع قيمة تلك الشروط، هو حصر لبنان طلبات المساعدة بإتجاهٍ واحد، أي الصندوق، لذا وفي حال توسيع البيكار بإتجاه أكثر من طرف، قد ننجح في تأمين مكتسبات، منها خفض شروط صندوق النقد ثم رفد البيئة اللبنانية بأصناف أخرى من الدول ذات المصلحة في الانضواء في بنية الانقاذ اللبنانية.

والحكومة التي ترزح تحت قصف الشروط الدولية، لحظت اخيراً أن فتح أبواب تجاه الشرق، مثل الصين أو العراق، وبدء تداول طروحات مثل تبادل إتفاقيات تجارية وفقاً للآلية التي تدرسها بغداد أو توفير عروض بالاستثمار كما تطمح بكين، له قدرة على تخفيف مقادير الحصار الأميركي، ويسمح في تسجيل خروقات على مستوى الإفلات من الضغوطات. وعلى نحوٍ أوسع، ثمة من همس دبلوماسياً في أذن رئاسة مجلس الوزراء، أن في توسيع مروحة التواصل مع دول مختلفة، القدرة على فرض تراجع تكتيكي في تدابير الحصار الأميركي، إذ أن واشنطن لن تقبل فكرة أن يرتمي لبنان في أحضان دول كالصين، لذا ستخضع إجراءاتها إلى "روتشة" تؤدي فعل تخفيف الضغط عن الوضع اللبناني.

وهناك سبب آخر يدفع بدياب إلى المراهنة على دول أخرى لم يكن لبنان يدرجها ضمن قائمة تبادل المصالح، كمثل التعاطي الخليجي السلبي معه، رغم أنه كرئيس لللحكومة سلفهم أكثر من موقف وخطوة إيجابية قبل ان ينفجر "الملق" في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، بعد أن تواتر إليه أن سفيراً خليجياً وأكثر يُمارس "الحرتقة السياسية والدبلوماسية على رئيس الحكومة". ثم إن تعمد بعض دول الخليجية ممارسة "الخداع المالي" مع لبنان له عواقب وخيمة كمثل استبدالها مرحلياً بدول عربية أخرى للبنان مصلحة في رفع مستويات العلاقات معها، وهنا تحسب مصادر سياسية لـ"ليبانون ديبايت" ان بعض الدول الخليجية اخطأت في تقدير مدى سعة صدر دياب حين وعدته عبر وسطاء بتقديم "ودائع وإستثمارات مالية" للمساعدة في ترشيد الوضع اللبناني ثم تراجعت إن بفعل فيتوات أو لوجود نية في إحراجه داخلياً.

والحكومة التي انتقلت الى "الشغل"، ما يعني أن إقامتها في السراي طويلة، لمست أكثر من جهة توافر، رغبات لديها في إجراء عملية التفاف على الأزمة، متسلحة بإجراءات "استثنائية" عُلم أن رئيس الحكومة يلوّح بإعتمادها. مقابل ذلك، رصد وجود لبروباغندا تراهن على تفشيل عمل الحكومة عبر ممارسة الضغط والتهويل عليها.

وقد أثارت زيارة الوفد العراقي للبنان والخلاصات التي تم التفاهم عليها حفيظة بعض المحسوبين على الطرف السياسي المدعوم أميركياً، لذا لوحظ أن أمر عمليات صدر من مكان ما لممارسة الحرتقة على إجراءات الحكومة عبر حقن أجواء سلبية في جسد الصحافة، على نحو أن الصين تفرض شروطاً للتعاون وأنها ليست جدية، ليتبين فيما بعد انها معلومات ملغومة وملفقة وغير صحيحة تهدف إلى ارساء أجواء سلبية تعرقل توجهات الحكومة.