خاص- في "مملكة" وزير الإقتصاد الأسعار "منخفضة" وفي أرضنا قعر السلة الغذائية "مفتوح"... هلا الترك

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, June 30, 2020

هلا الترك
خاص موقع "الكلمة أونلاين"


يصرّ وزير الإقتصاد راوول نعمة أن يطلّ علينا كل فترة ليعلمنا عن إنجازات وزارته في مكافحة غلاء الأسعار، لم نعد ندري عن أي بلد يتكلم، فيبدو أن الأسعار في مملكته المسيّجة أقل من الأسعار في أرضنا التي باتت قاحلة - يتيمة دون إنتاج ذاتي..

الشعب لا يُلام ولا حتى نعمة، فهو لم يعمل مسبقاً على إيصال لبنان إلى هذه المرحلة، إنما كان بمثابة "القربان" المقدّم للآلهة (الشعب في هذه الحالة) لتغفر الذنوب كما جرت العادات في بداية البشرية، بمعنى عصري كل هذا كان بهدف ان ينسى الشعب السياسيات الفاشلة التي جرّدت إقتصادنا من إنتاجيته وأغرقته بإغراءات برّاقة لا تدوم لانها تعتمد على عناصر "غير محلية".

خطأ الوزير أنه يعيش في حالة من "النكران" ربما سبب إطلالاته الإعلامية هو أنه يريد إقناع ذاته من كثرة تكرار نفس الكلام "المبشّر" بالإنجازات الخفية. الشهر الماضي صرّح نعمة قائلاُ:" بدأت الوزارة بإتخاذ إجراءات قاسية في حق التجار لمكافحة ارتفاع الأسعار في لبنان، وتم سجن البعض وتسطير محاضر ضبط في حق آخرين." ولكن من وقت صدور هذا التصريح والكل يشهد على الإرتفاع الصارخ في الأسعار.

هل وصلت لـ"مملكة الوزير" الصورة التي صوّرها محمود زيات والتي تظهر برادات اللبنانيين فارغة من الطعام؟ هذه الصورة ليست من مشهد تمثيلي أو صف "فنون التصوير"، هذه الصورة ليست إلا تجسيداً للحقيقة المدويّة لفشل حكومتنا في حمايتنا حتى من الجوع.

الحديث عن الجوع هنا ليس كلاماً شعبوياً بل هو موثّق من خلال تقرير صادر عن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، وجاء فيه أن "معدل انتشار الفقر في لبنان سيرتفع من 37 % عام 2019 إلى 45% عام 2020. ومن المتوقع أن يصيب الفقر المدقع وانعدام الأمن الغذائي ما نسبته 22 % من السكان، مقارنة بـ16 % في عام 2019".
المفارقة ان الوزير اكد في التصريح نفسه منذ شهر أن:" الحكومة اللبنانية تعمل كل جهدها لخفض سعر الصرف على اللبنانيين". يبدو أن الوزير وزملائه لا يعرفون أن هذا الكلام بمثابة أمل للمواطنين .. نعم بات حق العيش أملاً في لبنان.

الوزير: لا يمكننا أن نفعل شيء...

جرعة من الأمل و"صفعة" من الحقيقة ... السبب ليس "بفحش" صاحب المؤسسة وطمعه، في بعض الاحيان، يفسّر الوزير في إحدى مقابلاته قائلا:"لا يمكننا ان نفعل شي إذا إرتفع السعر وبقي هامش الربح على التاجر على حاله." وأوضح الوزير ذلك من خلال مثال:" بعد رفع سعر إحدى مواد التنظيف من 40 ألف ليرة لبنانية إلى 68 ألف ليرة في بعض السوبرماركات والمحال، توجه فريق من مراقبي وزارة الاقتصاد لتقصي الأمر ووجد أن مادة التنظيف المقصودة تتسلَّمها السوبرماركت والمحال من التجار بـ61000 ل.ل، وتبيعها للمستهلك بـ68000 ل.ل وفي هذه الحالة لا يمكننا أن نفعل شيء".

ولكننا ندخل اليوم إلى المحال والسوبرماركات لنشهد الرفوف شبه فارغة.. فلم يعد يقوى التاجر على الإستيراد.. ولا يملك الزبون القدرة الشرائية الكافية.. وكل البضائع الموجودة عادة ما تكون "Stock" أي انها كانت موجودة من قبل الأزمة عندما كان التاجر يحضر كميات ويخزنها، ولكنه هو اليوم يعرضها ولكن على سعر الصرف الجديد؟ كيف للوزارة ان تثبت ذلك هذا إختصاصها لكن بمقدور أي مستهلك لبناني ان يثبت "جنون الأسعار" والتي غالباً ما هي موثقة بالصور وتتناقل عبر وسائل التواصل الإجتماعي عن فرق سعر نفس السلعة بين متجر وآخر.. وكيف يمكن للوزارة ان تحاسب؟ هذا ايضاً ليس من صلاحياتنا ولكن المؤكد أن العديد من التجار يقومون بذلك ليضمنوا قدرتهم على طلب بضاعة جديدة على السعر المرتفع الحالي.

مطلوب متطوعون "للفرجة":

وخلال المقابلة نفسها لفت نعمة إلى أن :" في حال لاحظ مراقبو الوزارة أن بعض التجار يضعون سعراً أعلى بكثير مما يفترض، أو أن هامش الربح لديهم تخطى المعدل الطبيعي الذي كان عليه، عندها نحرّر محضر ضبط بحق التاجر ونرسله إلى القضاء”. ولكن من منا يتذكر جيداً عندما أعلنت وزارة الإقتصاد بحاجة لمراقبين لأن العدد لا يكفي بالقدر المطلوب، وتوجه حينها مجموعة من الشباب للتطوع في الوزارة.. ولكن حينها الوزارة لم تكن مستعدة لإستقبالهم وكانت الأمور على أرض الواقع لا تشبه حالة "الحاجة الملحّة" التي أعلنتها الوزارة عبر وسائل الإعلام. لاحقاً، أعلن الوزير عن تقديم 150 طلب من قبل متطوعين لمساعدة مديرية حماية المستهلك، ولكن لم نعد نسمع عن مرحلة ما بعد تقديم الطلب، ولكن بحسب أشخاص تقدمت بطلبات لم يتم التواصل معها علماً أن مرّ على تقديمها للطلب حوالي 3 أشهر.

هل قعر السلّة الغذائية مفتوح؟

يُشهد للوزير أنه قام بدعم السلة الغذائية اواخر الشهر الماضي، والتي تضمنت أصنافاً عدة تضمن الامن الغذائي للمواطن بكلفة اقل، وخلال مؤتمر إطلاق السلة الغذائية المدعومة قال:" نحن حرصون كل الحرص على تخفيض اسعار هذه السلع." ولكن هذا الكلام لم يُطبق حتى الساعة فأسعار السلع الأساسية ترتفع بين اليوم والآخر وتعلو مثل أسهم البورصة المحظوظة. هذا الكلام ليس نابعاً من "صبحية" إنما هو مدوّن أيضاً وبالأقام على موقع وزارة الإقتصاد التي تقوم بمقارنة أسعار مكونات السلة الغذائية أسبوعياً، وبالنظر إلى آخر أسبوعين (التقرير الإسبوعي لأسعار السلّة الغذائيّة 08-06-2020 والتقرير الإسبوعي لأسعار السلّة الغذائيّة 15-06-2020) نلحظ أن سعر 20 سلعة تم تخفيضها بشكل طفيف من أصل 70 منتج "مدعوم ضمن السلة". ولكن الأرقام المدونة تختلف عن الأرقام الموجودة فعلياً على أرض الواقع مختلفة... عذراً معالي الوزير إما طاقمك يزوّر الأرقام أو ان "السوبرماركات" والمحال الموجودة حول حدود مملكتكم تلتزم بتسعيرة الوزارة فيما يخص السلع المدعومة..

أرقامكم ليسوا لكم.. أرقامكم أرقامٌ خيالة:

في الختام، يبدو أن هناك مشكلة فعلية في موضوع الأرقام في لبنان، وذلك تبين من خلال تفاوت الأرقام حول نفس الموضوع ولكن بحسب الجهة المعلنة للأرقام، كما حصل في فضيحة أرقام الحكومة المقدمة لصندوق النقد الدولي مثلاً، او حتى كما نشهد يومياً ثلاث أسعار لسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية: سعر مصرف لبنان للبنوك، تسعيرة الصراف من فئة "أ" التي حتى الساعة لم نجد من يلتزم فيها، والتسعيرة المعتمدة وهي تسعيرة السوق السوداء".. أرقامكم من محض الخيال.. وهذه دعوة لكم لتتركوا مكاتبكم المكيفة وصفحات "Excel Sheet" وارقامها المفبركة .. وتتعرفوا على الواقع الحقيقي بصدق.. ربما حينها تعترفون بالفشل وتبدأ من هنا مسيرة الإصلاح.



Hala Turk