جنسيتي حق لي ولأسرتي توجه نداء إلى الدّول والجهات المانحة

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, May 27, 2020

تضامناً مع عديمي وعديمات الجنسيّة
نداء عاجل إلى الدّول والجهات المانحة وغيرها من الأطراف المعنيّة من أجل تعزيز حقوق الأشخاص عديمي الجنسيّة وحمايتها في استجاباتها لفيروس كورونا المستجدّ كوفيد 19

فيما تتصدّى الحكومات في جميع أنحاء العالم لوباء كوفيد 19، وتواجه قرارات بالغة الصّعوبة بشأن حماية الصحة العامة، وفي الوقت نفسه درء المجاعة والكوارث الاقتصادية، يزداد وضوحاً أنّ الدّول في أوقات الأزمات تعتمد إلى حدّ كبير نهج "المواطنين أوّلاً". أمّا عديمو وعديمات الجنسيّة، فكانوا /كنّ أصلاً مهمّشين/ات قبل هذه الأزمة، مع حرمانهم/هنّ الجنسيّة والحقوق الأساسيّة والرفاه. وها هم/هنّ يواجهون/هنَ اليوم المزيد من التهميش الّذي يهدّد حياتهم/هنّ، مع ما قد يترتّب على ذلك من عواقب وخيمة.

نحن، 84 جهة فاعلة في المجتمع المدني الموقّعة أدناه، نعمل على الحق في الجنسيّة، وعدم التمييز، وانعدام الجنسيّة في جميع أنحاء العالم. نتابع و نستجيب للأثر المدمر لوباء COVID-19 ولكيفية استجابة الدول له ، من أجل من حُرِم من الجنسيّة والانتماء أو أمسَت جنسيّته وانتماؤه في خطر. لاحظنا في الدول الديمقراطية أنّ التدابير المتّخذة، بما في ذلك إغلاق الحدود والقيود المفروضة على الحركة، والمساعدات الصحية، والإغاثة في حالات الطوارئ ورزم التحفيز الاقتصادي، تعطي الأفضليّة للمواطنين/ات ومشاكلهم/هنّ. فيما يتمّ إغفال المهاجرين/ات واللاجئين/ات والسكان المعرّضين لخطر انعدام الجنسية وعديمي/ات الجنسيّة أنفسهم/هنّ. ويكون/تكون أولئك الّذين و اللواتي لا يحملون/ن وثائق تثبت جنسيّتهم/هنّ أو المحرومون/ات من وضع الحماية هم/هنّ الأكثر عرضة للخطر. علاوةً على ذلك، مع تصاعد الاستبداد واستغلال القادة الوباء للتحكّم بسلطة أكبر، وزيادة المراقبة، والخروج عن التزامات حقوق الإنسان في إطار حالات الطوارئ المُعلَنة، يزيد تحويل غير المواطنين/ات والأفراد من الأقليّات - بما في ذلك المقيمين/ات والّذين و اللواتي تحولوا/لن عديمي/ات الجنسيّة في بلادهم/هنّ – إلى أكباش فداء، مذمومين/ات وأهدافاً لخطاب الكراهية، والاحتجاز التعسفيّ وحتى الطّرد.
يعاني معظم الناس والمجتمعات الّذين نعمل معهم جراء التمييز والتهميش والحرمان في ظلّ الظروف "العاديّة". ومع تسبّب الأزمة الوبائيّة بخسائر فادحة، إنّ عديمي/ات الجنسيّة هم/هنّ من بين الذين واللواتي يدفعون/ن الثمن غالياً. يواجه العديد منهم /هنّ زيادةً في العنصريّة وكره الأجانب ويُحرمون/من من الوصول الى الخدمات والمعلومات الصحية الأساسيّة (بلغة يفهمونها/يفهمنَها) بشأن الوقاية والعلاج. كما يخشى عدد كبير منهم/هن من التماس هذه المساعدات، خوفاً من خطر التوقيف والاحتجاز والخضوع لإجراءات الترحيل. ويُستَثنى/تُستَثنى آخرون/أخريات من الإغاثة الطارئة التي هم/هنّ بأمسّ الحاجة إليها –لأنّ الدّول تطلب هويّة أو وثائق رقميّة تثبت الجنسيّة من أجل تقديم الإغاثة. ويساورنا القلق أيضاً لأنّه يبدو أنّ التدابير التي تعطّل الوظائف الحيويّة للدّولة، مثل تسجيل الولادات والقيد المدني، تؤثّر سلباً في حصول المجموعات المهمّشة على الجنسيّة والحماية. إذ يمكن هذه الديناميّات أن تجعل عدداً أكبر من الناس عرضةً لخطر انعدام الجنسيّة ولأسوأ العواقب، حتى عندما تعتمد صحّة الجميع على صحّة كل فرد، بغضّ النّظر عن وضعه القانوني أو غياب هذا الوضع. في ما يلي بعض الأمثلة:
• في جميع القارّات، تواجه اليوم الأقليات والأشخاص المحرومون من الوثائق ومن الجنسيّة، بما في ذلك الدومينيكيّين/ات من أصل هايتيّ، والهنود والهنديّات المشطوبين/ات من السجل الوطني للمواطنين/ات في ولاية آسام، والبدون في الكويت، والماراغولي، والنوبيين/ات، ومجتمعات الشونا والبيمبا في شرق أفريقيا، وغجر أوروبا (روما)، تهديدات إضافيّة لسبل معيشتهم/هن وصحتهم/هن، مع معاناة العديد منهم/هن من جراء تصاعد خطاب الكراهية وعنف الشرطة والتمييز.

• تواجه النساء المحرومات من المساواة في حق منح الجنسيّة للأطفال أو الأزواج خيارات مستحيلة عند فصل أفراد الأسرة من غير المواطنين/ات عنهنّ أو حرمانهم/هنّ من الإغاثة استجابةً لوباء كوفيد 19.

• يتعرض الأشخاص عديمو الجنسيّة المقيمين/ات في اماكن مكتظة بالسكان في المخيّمات ومراكز الاحتجاز والتجمعات السكانية غير النظاميّة، وكذلك الأشخاص الّذين يعيشون في حالات التشرّد والفقر، لخطر الإصابة بدرجة عالية بسبب عدم القدرة على حماية أنفسهم/ن من خلال التباعد الاجتماعي وتدابير العناية الصحيّة الوقائيّة.

• تعاني شعوب الروهينغيا جراء موجات جديدة من خطاب الكراهية في ماليزيا، والاضطهاد المستمرّ في ميانمار، فيما تمّ الإبلاغ عن أولى حالات كوفيد 19 في مخيّمات في بنغلاديش، في حين مُنِعَت القوارب التي تحمل لاجئي(ات) الروهينغيا من النّزول الآمن والميسّر. ومع ترسّخ الأزمة، يتّضح أنّه ما من دولة تتحمّل المسؤولية الكاملة أو توفّر الحماية الكافية لهذه المجموعة، الّتي واجهت اضطهاداً بشكل غير مسبوق.
في حين نشهد بشكل مباشر تكلفة التعامي المؤسسيّ والعام والعنف الهيكليّ ضدّ عديمي/ات الجنسيّة (وأولئك المعرّضين/ات لخطر انعدام الجنسيّة) في إطار استجابة الدّول لكوفيد 19، إنّنا نشعر بقلق بالغ إزاء تأثير ذلك بشكل دائم على ما يُقدَّر بنحو 15 مليون شخص من عديمي/ات الجنسية في العالم، وعشرات الملايين من ذوي/ذوات الجنسيّة المهدّدة. ان عدم الاسراع من جانب الدّول والجهات الفاعلة في المجال الإنسانيّ وحقوق الإنسان والجهات المانحة على حدٍّ سواء في الاهتمام والحماية والتدخّل، يواجه /تواجه عديمو/ات الجنسيّة ضرراً لا يمكن جبره واصلاحه، ما من شأنه تقويض التقدّم الحاصل في معالجة هذه القضيّة الحقوقيّة الملحّة على مدى العقد الماضي.
يسلّط وباء كوفيد 19 الضّوء على هشاشتنا الجماعية والفردية، مع التركيز بشدّة على الأهمية القصوى في الأوقات كلّها لتعزيز حقوق الإنسان العالمية لكلّ انسان وحمايتها وإحقاقها، أين ما كان هذا الانسان وأيّاً كان وضعه. بالإضافة إلى المطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة وفوريّة، تثير الأزمة التفكّر على المدى الطّويل وتُبرِز الحاجة إلى التغيير الهيكليّ لتفكيك القوانين والسياسات والممارسات التمييزيّة والمُهينة الّتي تحرم من الجنسيّة إلى جانب الاستثناء والتهميش والمعاقبة على هذا الأساس.
بينما نعترف بالأمثلة الناشئة على الممارسات الجيّدة ونرحّب بها، إنّنا نحث الأطراف المعنيّة كافّة على اتخاذ الإجراءات العاجلة التالية:
1. بالنسبة إلى الدّول، ينبغي بها عدم التمييز في استجاباتها لكوفيد 19 على أي أساس كان، بما فيه الجنسيّة، الاوراق الثبوتية أو وضع الهجرة؛ إضافة إلى بذل الجهود كافّة للوصول إلى من هم/هنّ في أسوأ حال أوّلاً، بمن في ذلك عديمي/ات الجنسيّة؛ وضمان عدم تقويض حق أي فرد بالجنسيّة نتيجة لتعطيلات في القيد أو لأي سبب آخر.
2. بالنسبة إلى وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك منظّمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، واليونيسيف/ الصندوق العالمي للطفولة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عليها التأكّد من ضمان تحديد استجاباتها لكوفيد 19 لعديمي/ات الجنسيّة وغيرهم/هنّ من الفئات المستضعفة والمُهمَلة والوصول إليهم/هنّ، باعتبارها مسألة ذات أولويّة، وتزويدهم/هنّ بالمعلومات الهامة والرعاية الصحيّة والإغاثة.
3. بالنسبة إلى الجهات الفاعلة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك المفوضية السامية لحقوق الإنسان، يجدر بها إبقاء الضّوء مسلّطاً على مشكلة استمرار التمييز، وتصاعد الاستبداد، وممارسات الدّول المؤذية، مثل وحشيّة الشرطة، في إطار الاستجابة لوباء كوفيد 19؛ إضافة إلى رصد انتهاكات الحقوق الّتي يواجهها /تواجهها عديمو/ات الجنسيّة وذوو/ذوات الحق بالجنسيّة المهدَّد وإبرازها.
4. بالنسبة إلى الجهات الإنسانية الفاعلة، بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي، ينبغي بها تحديد الإغاثة والمساعدة في حالات الطوارئ وتوجيهها إلى عديمو/ات الجنسيّة والمجتمعات المحليّة المستضعَفة الأخرى المستبعَدة من جهود الدّولة للإغاثة، بالتشاور مع من يعمل على هذه القضايا.
5. بالنسبة إلى الجهات الفاعلة في مجال الصحة، بما في ذلك منظّمة الصحة العالميّة ووزارات الصحة، لا بدّ من تعزيز أهمية ضمان الوصول المتساوي والكافي للجميع إلى الرعاية الصحية والمعلومات الصحية العامة، بصرف النظر عن الجنسيّة أو انعدام الجنسيّة، من دون الخوف من التوقيف أو الاحتجاز أو الثأر.
6. بالنسبة إلى الجهات الفاعلة من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، يجدر بها التصرّف بمسؤوليّة، ونشر المعلومات التي تمّ التحقق منها فقط، ومكافحة كره الأجانب وخطاب الكراهية، واتخاذ إجراءات حاسمة بحق أولئك الذين يستغلّون منصّات الوسائل الإعلاميّة لإثارة الكراهية والتعصّب ضدّ عديمي/ات الجنسيّة والمهاجرين/ات والأقليّات وغيرها من الفئات المهمّشة.
7. بالنسبة إلى الجهات المانحة، عليها دعم مجتمعات عديمي/ات الجنسيّة، والعمل الحيويّ للناشطين والناشطات والمجموعات الشعبيّة، وكذلك دعم التتبّع والتنسيق والمناصرة الجارية على الصعيد الوطني والإقليمي والدَّوليّ، لتلبية احتياجات الأشخاص عديمي الجنسية في هذا الوقت ولفت الانتباه إليها.

والأهم من ذلك، إنّنا نذكَّر الأطراف المعنيّة كافّة بضرورة الإصغاء إلى الناشطين والناشطات والمجتمعات الخاصّة بعديمي/ات الجنسية والعمل معهم/هنّ والاسترشاد بهم/بهنّ، إضافة إلى الخضوع للمساءلة من قِبلهم/هنّ عن التدخلات او غيابها، خلال زمن هذه الأزمة وما بعده.

صحيح أنّ الثمن المدفوع هو بالفعل هائل، إلّا أنّنا نأمل أنّه من خلال اتخاذ إجراءات عاجلة ومنسّقة، سنتمكّن معاً من تعزيز استجابةٍ لكوفيد 19 تستند إلى الحقوق، وشاملة وغير تمييزيّة، تقوم على أساس عدم إغفال أي فرد – بمن في ذلك عديم(ة) الجنسيّة. إنّنا على استعداد لمشاركة المعلومات والعمل مع الأطراف المعنيّة كافّة من أجل تحقيق هذا الهدف.