موسى فريجي-بين حكومة إنتقالية وحكومة ظلّ ومجلس حاكمي

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, May 26, 2020



منذ بدء الإنتفاضة في 17/10/2019 والمجموعات المختلفة للحراك والتظاهر تتداول وسيلة تكوين هيئة تمثلهم تمثيلاً يعبّر عن معظم المواقف. صحيح أنّ تجمعات عديدة نشأت وكانت ناشطة في إيداء الآراء على وسائل التواصل الإجتماعي. وصحيح أيضاً أنّ اجتماعات عديدة حصلت وضمّت فئات ناشطة في المجتمع أُلقِيت خلالها محاضرات ومواقف وتحليلاً وحتى دراسات. لكن جائحة كورونا حلّت وأبطأت الهِمم وجمّدت التجمعات والإجتماعات، لكنها سنحت الفرصة للتعليقات والمواقف المتبادلة الى درجة أصبحت معها هذه المداولات بمثابة فشّة خِلق أكثر منها توجهات لفعلٍ فاعل ومؤثر.

لكن برزت ثلاث محاولات لخلق هيئة تضمّ إختصاصيين وأصحاب خبرة في الشأن العام والشأن الإقتصادي والشأن المالي كي تواجه الحكومة بشكلٍ أو بآخر.

• المجلس الحاكمي

أعدّت هذا الطرح الدكتورة أوغاريت يونان وحصلت على موافقات خطيّة من عدد من المجموعات الناشطة على مساحة لبنان. يقضي الطرح الى تأليف مجلس مؤلف من متخصّصين يفرضون أنفسهم لحضور كل جلسات مجلس الوزراء ومجلس النواب واللجان النيابية، ويُبدون رأيهم بكل قضية يتمّ طرحها. المعترضون على هذه الفكرة إنطلقوا من إعتبار استحالة قبول المجلسَين واللجان حضور المجلس الحاكِمي كون إجتماعاتها سرّية أو على الأقل غير علنية وبالتالي سوف يرفضون الحضور والمشاركة المقترحة.

• حكومة إنتقالية

إقتراح يستند الى كون مجلس الوزراء الحالي هو مجلس غير شرعي بإعتباره حصل على ثقة مجلس نوّاب غير شرعي. أمّا عدم شرعية مجلس النوّاب فقد ظهرت خلال المظاهرات المليونية التي عمّت كافة المحافظات اللبنانية طيلة أربعة أشهر ونادت بإنتخابات نيابية جديدة على أساس قانون إنتخاب جديد. يتزعم هذا التوجُّه الرئيس حسين الحسيني، وتتبنّاه مجموعة كبيرة ناشطة، ويعتبر أنّ الشعب هو مصدر السلطات والشعب قد نزع الشرعية عن مجلس النواب وبالتالي عن مجلس الوزراء.

يبني أصحاب هذا التوجُّه نظريّة شرعية الحكومة الإنتقالية من مساندة ودعم الجماهير الرافضة للحكومة والمجلس، ولها بذلك حق الإدعاء بتمثيل الشعب في الفترة الإنتقالية ريثما تتولى هكذا حكومة سنّ قانون إنتخاب جديد وإجراء إنتخابات جديدة لمجلس نواب يكون أكثر تمثيلاً للشعب، وتنتهي عندها مهمة الحكومة الإنتقالية.

مشكلة هذا الطرح تكمن في تكوينه وصحة تمثيله للشعب في ظل تشعُّب وتبعثُر منظّمي الحراكات على مساحة الوطن. كما تكمن في صعوبة سقوط مجلس النواب ومجلس الوزراء، وبالتالي صعوبة إستلامه السلطة التنفيذية في المرحلة الإنتقالية.

• حكومة الظلّ

في البلدان العريقة في ممارسة الديمقراطية والتي غالباً ما يكون فيها حزبان رئيسيان يتبادلان الحُكم عن طريق الإنتخابات الشعبيّة فيحكُم الحزب الفائز حكماً. أما الحزب الخاسر، لكنه المتمتع بشعبية قريبة من شعبية الحزب الحاكم، فتراه يؤلّف حكومة ظلّ مهمّتها مراقبة عمل وتصرّفات الحكومة الحاكمة ومقارعتها بكل شاردة وواردة وإعطاء الإقتراحات البديلة وإطلاق الإحتجاجات على قرارات لا تروق لها.

إذاً حكومة الظلّ تعترف بالحكومة القائمة وتراقب وتقترح وغالباً ما تساهم في تصحيح المسار بكل شاردة وواردة في الشؤون المالية والإقتصادية والسياسية المحلّية والعالمية، كما تتزعم المعارضة في مجلس النواب.

إن اعتراف الحكومة القائمة بحكومة الظلّ يصبح في الغالب تلقائياً وبالتالي فالوزراء المشتركون يكونون مرحّب بهم لدى مراجعة أقرانهم. كما أنّ وسائل الإعلام تسلّط الضوء على نشاطاتهم وأفكارهم وإجتماعاتهم ومشاريعهم وتعطيهم حيّزاً مهماً من تغطيتها الإعلامية.

حبّذا لو تجتمع أغلبية المجموعات والتجمّعات على هذا التوجُّه وتخرج بحكومة ظلّ تعترف بالحكومة القائمة وتواكبها لعلّ هذا المخرج يُرضي الأغلبية الثائرة ويدعوها لتسمية وزرائها فتسير عجلة الإصلاح وإخراج لبنان من مآزقه المتعددة وفي مقدّمتها إعداد قانون إنتخاب جديد يُرضي معظم الشرائح ويتمّ بموجبه انتخاب مجلس نواب جديد حتى يكون هذا الإنجاز بمثابة المقدمة التي لا بدّ منها للتغيير والإصلاح.