خاص- دياب يدعم الرأسمالية بحرمان الشعب من نِعَمِ ربه.. هلا الترك

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, May 20, 2020

هلا الترك
خاص "الكلمة أونلاين"

إن كنت تتسائل إن كان الذهاب إلى المسابح في زمن الكورونا أمرٌ آمن، تفضل عزيزي القارئ وإنضم بتساؤلك إلى نخبة من العلماء… ففيروس كورونا المستجد، المسبب بداء "COVID-19"، الذي تم إكتشافه، منذ 5 أشهر فقط في مدينة ووهان الصينية، لا يزال تاريخه الطبي صغير جداً لوجود إجابة لهذا السؤال. حتى الساعة، وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أي "CDC"، لم تتمكن الدراسات من نفي أو تأكيد سواء كان بمقدور فيروس كورونا المستجد أن ينتقل عبر المياه لعدم وجود أي حالة مشابهة حتى الآن.

ولكن قرار الحكومة يوم أمس كان قاطعاً ومبشراً ببارقة أمل، على عكس بيانات وزارة الصحة. فيبدو أن التنسيق وصل إلى "أعلى مستوياته" بين الوزارات لكي يستغنوا عن التنسيق الهاتفي ويلجأوا لأسلوب "التخاطر" أو ما يُعرف بالـ"Telepathy" الذي يبدو أن موجاته المعاكسة تترنح شمالاً ويميناً. فيوم أمس أعلنت حكومة دياب عن "الإفراج"، فيا لسعدك أيها الشعب اللبناني الذي سُمح لك بالتوجه إلى "المسابح" والترفيه عن نفسك… شرط أن تدفع بدلاً لذلك!! وإن كنت من تلك الطبقة التي لا يراها الحكام، فيؤسفني أن أقول لك أنه كُتب عليك "البقاء في المنزل".فنِعَمِ ربك ستكون بالنسبة لك فقط "للفرجة" حتى إشعار آخر!

إستغرب العديد من اللبنانيين فكرة دياب التي تأمل "حصر" الوباء في مسابح محددة الحجم، فإذا كانت هذه المسابح آمنة بالنسبة للحكومة، فما بالك بالبحر العريض الذي يمتد على طول الساحل اللبناني؟ وهل هي ضربة "عصفورين بحجر واحد" لصالح الرأسمالية على حساب المساواة الوطنية؟ فهل يمكن بحر الشعب الفقير أن يكون عائقاً جديداً بالنسبة له؟ لنتمكن من الإجابة على هذه الأسئلة من الناحية العلمية، كان لموقع "الكلمة أونلاين" مقابلة خاصة مع د. ريجينا جعيتاني الحائزة على شهادة الدكتورة في العلوم الجرثومية.
تشرح د. جعيتاني عن إمكانية إنتقال فيروس كورونا المستجد في المياه قائلة:"لا يوجد أي دليل حتى الساعة يُثبت إمكانية إنتقال الفيروس في المياه، رغم وجود بعض الدراسات التي ترجح إحتمالية بقاء الفيروس على قيد الحياة في المياه لفترة زمنية، إلا أن إمكانية إنتقاله للبشر تبدو ضئيلة الآن لعدم وجود أي حالة مماثلة." وتضيف:" بعض الدراسات ترجح ضعف قدرة الفيروس في المياه على التسبب بداء "COVID-19" إستناداً إلا أنه إذا قام الفرد ببلع المياه سيتوجه الفيروس لجهازه الهضمي، وليس التنفسي، وفي هذه الحالة أصعب ما قد يصيب المريض هو حالة من الإسهال. بالإضافة إلى أن تعرض المياه لأشعة الشمس ما فوق البنفسجية و الحرارة المرتفعة يساهمان في قتل فيروس كورونا المستجد."


كلور "المسابح" لن يحميك من الكورونا إن لم تحمِ نفسك:


أما بالعودة إلى المسابح بشكل خاص فتشدد د. جعيتاني على ضرورة الإلتزام بالمسافة الآمنة حتى أثناء السباحة، وضرورة تعقييم اليديين بإستمرارخلال النهار، وتضيف: "لكن بالنسبة لي الخطرالأكبر يكمن في التجمعات حول المسبح واستخدام الأماكن المشتركة مثل المراحض و الكافيتيريا. فهل فحص حرارة الموظفين والرواد على المدخل هو بأمرٌ كافي؟ هل فعلاً ستخضع هذه المنتجعات السياحية للرقابة، وهل ستستقبل فقط 50% من قدرتها الإستيعابية؟ وهل ستحرص على وجود مسافة آمنة ضمن المسبح الواحد و خارجه؟ والأخطر هل ستكون حريصة على تعقيم وتنظيف فرشات وكراسي المسبح وعلى تعديل نسب الكلور يومياً بحسب التعليمات التي أوصت بها وزارة السياحة؟"

نظراً للأوضاع الإقتصادية المتردية، ليس كل اللبنانيين اليوم قادرين على الذهاب للمنتجعات السياحية .فهل يمكن بعد كل هذه الضغوطات النفسية والإقتصادية أن نطلب من من لا يملك وفرة من المال أن لا يشارك في الموسم الصيفي؟ خاصة أن أسعار بطاقات الدخول في لبنان أخذت مجرى تصاعدي خلال السنوات الأخيرة، والأمر بالطبع لا يقتصر على بطاقات الدخول وحدها، فحتى عبوة المياه في هذه الأماكن تُسعّر بثلاث أضعافها على الأقل. فهل ستكون الظروف الإقتصادية والوباء بصدد المواطن المحدود الدخل؟


المجارير قبل الكورونا!


في هذا الإطار تشرح د. جعيتاني :"تعتبر نسبة إنتقال الفيروس في البحرأقل مما هي في المسبح ذات الحجم المحدد، شرط أن تكون المياه نظيفة. لكن هذا ليس الحال في لبنان، فالمياه ملوّثة جراء رمي مخلفات المستشفيات ومياه الصرف الصحي فيها دون معالجة أو تكرير، وبرأيي التطرق إلى معالجة مياه الصرف الصحي قبل وصولها إلى البحر ذو أهمية قصوى على جميع الأصعدة وليس فقط للوقاية من كورونا".

وشرحت قائلة:"مياه البحر في لبنان تحتوي على نسبة عالية من المخلفات البرازية، وبحسب الدراسات العالمية، إن براز الأشخاص المصابين بCOVID-19"" يحتوي على نسب قد تكون مرتفعة من الفيروس. قد يتم نقد هذه النظرية على إعتبار أن المياه قد تدخل إلى الجهاز الهضمي وليس التنفسي، إنما الخطورة في البحر تكمن بإحتمالية تصادم المياه بالصخور مما ينتج عنها رذاذ قد تحمله الرياح لمسافة معينة."

وتشدد:"على الحكومة أن تبدأ من معالجة مياه الصرف الصحي أولاً قبل البدء بالحديث عن نقل فيروس كورونا في مياه البحر التي أصلاً تحتوي على حوالي الـ1000 فيروس في كل "بلعة". وعلينا ألا ننسى أن إحتمالية إنتقال فيروس كورونا بالمياه ضئيلة وغير مؤكدة ولا نزال نحتاج إلى المزيد من الدراسات لتأكيد أو نفي هذه النظرية." وإستعانت د. جعيتاني بدراسة عالمية أجريت من قبل متخصصين في علوم الجراثيم الموجودة في البحار والمحيطات أكدت:" إن كمية الفيروس المحتملة في البحر لا تساوي ذرة في معادلة نشوء "جائحة كورونية-بحرية."

إستناداً إلى ذلك، لا يعتبر الخطر الأكبر في وجود "الكورونا" في البحر المتوسط، إنما في الإهمال والتلوث المتراكم على مدى الأعوام الأخيرة، فعسى على حكومتنا أن تحوّل المجارير عن بحرنا، وتجد حلاً جديداً لمخلفات المستشفيات و الصرف الصحي قبل البدء بالحديث عن الفيروس. وفي سياق متصل تسائلت قائلة:" إن الحكومة التي تغلق المدراس لفتح المنتجعات السياحية يجدر بنا أن نراجع أولوياتها. فكيف لنا أن نتقدم في بلدنا إذا جمّدنا دراسة جيل المستقبل من جهة وحافظنا على "القطاع الترفيهي-الرأسمالي" من جهة آخرى."

في الختام شددت د. جعيتاني، على أهمية إعادة السماح للمواطنين للتوجه للبحر والحدائق العامة لما فيها من إنعكاسات إيجابية على صحة المواطن النفسية الذي يعاني ليس فقط من الكورونا البيولوجية إنما من الكورونا السياسية بالإضافة إلى ضائقة إقتصادية غير مسبوقة. فالصحة النفسية ليست رفاهية، إنما هي سبب في تعزيز جهاز المناعة عند اللبناني و مساعدته على تفادي العديد من الأمراض النفسية والجسدية التي هو بكامل الغنى عنها!