فورين بوليسي- هل يشفي كورونا ليبيا من حربها الطاحنة؟

  • شارك هذا الخبر
Saturday, April 11, 2020

رأى الباحثان إدوارد جوزيف وولفغانغ بوزتاي أن انتشار جائحة فيروس كورونا ربما تجبر المتحاربين في ليبيا على وقف القتال والتعاون لمكافحة العدو المشترك، الأمر الذي قد ينهي الحرب الأهلية في البلاد بعد سنوات من القتال وفشل التدخل الأجنبي.

وبعدما يتساءل الباحثان في تقرير نشر في مجلة "فورين بوليسي" ماذا يحدث عندما يضرب كورونا حرباً أهلية؟"، يلفتان إلى أن ليبيا على وشك اكتشاف الإجابة التي ربما تكون كارثية، خاصة مع اندلاع القتال حول طرابلس وجنوب مصراتة والذي تسبب في سقوط مئات الضحايا. ووصلت مستويات انعدام الثقة والعداء والانقسام إلى ذروتها.

بيئة مثالية لانتشار كورونا
ونزح قرابة 150 ألف شخص بسبب القتال، ويعيش الكثيرون منهم في ملاجئ جماعية مؤقتة، وهي بيئة مثالية لنشر العدوى بفيروس كورونا المستجد، فضلاً عن آلاف المهاجرين واللاجئين المُحاصرين في مخيمات يرثى لها.
ويتسبب النزاع بحرمان البلاد من المواد والأموال الضرورية لشراء الأدوية والإمدادات الأخرى، وعندما تصل جائحة كورونا إلى المقاتلين الشباب المعزولين نسبياً، ربما يكون الأوان قد فات بالنسبة للغالبية العظمى من المواطنين الليبيين غير المحصنين ضد الفيروس.
ويقول الباحثان: "على الرغم من حاجة الجانبين إلى وقف القتال وبدء التعاون لمكافحة كورونا، إلا أن النداء الإنساني الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة وكذلك طلب سفير الولايات المتحدة في ليبيا لم يلقيا استجابة حتى الآن. ولكن لا يزال الوقت متاحاً لتحفيز الفصائل الليبية على التعاون، شرط أن يضع الدبلوماسيون خطة عاجلة حول المصير المشترك للبلاد وسط الوباء. ويمكن لفيروس كورونا أن يجلب السلام إلى ليبيا بعد سنوات من فشل الدبلوماسية الدولية".

لا وقف لإطلاق النار
ويعتبر التقرير أن السبب الرئيسي لاستمرار القتال يتمثل في أن كل طرف يعتقد أنه على عتبة النصر، ومقتنع تماماً بأن العدو سوف يستغل وقف إطلاق النار لتجديد إمداداته بالأسلحة والذخيرة والمقاتلين.
وترى حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المدعومة من تركيا أنها تستطيع قطع خطوط الإمداد المفرطة لعدوها المشير خليفه حفتر قائد الجيش الوطني الليبي ومن ثم انهياره، وحتى الآن تضغط القوات الموالية لهذه الحكومة باتجاه المحور اللوجستي الرئيسي للجيش الوطني الليبي.
وفي الوقت نفسه، حقق الجيش الوطني الليبي، بفضل تفوقه العسكري وبعض الدعم من السكان المحليين، سلسلة من المكاسب عبر الساحل الغربي لليبيا، وهو على بعد ستة أميال فقط جنوب ساحة الشهداء المركزية في طرابلس.
ويعتقد المشير حفتر أنه إذا استطاع إيقاع أعداد كبيرة من الإصابات في صفوف معارضيه، فسوف تنهار دفاعات حكومة الوفاق الوطني.

تعاون مشترك لمواجهة كورونا
ويبرز الباحثان الحاجة الماسة إلى نهج أكثر واقعية في بلد منقسم إلى حكومتين وبنكين مركزيين وأنظمة صحية منفصلة ومتدهورة، ويقترحان أن يكون المركز الوطني لمكافحة الأمراض في طرابلس نقطة محورية للتعاون في مكافحة كورونا بين غرب ليبيا وشرقها، ونقطة الاتصال بالنسبة للمجتمع الدولي لتوجيه رسائله ودعمه.
وعلى المركز الوطني لمكافحة الأمراض تشكيل لجنة وطنية لأزمة كورونا مدعومة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، تتألف من خبراء ومسؤولين رئيسيين من المناطق الثلاث في ليبيا، من أجل تنسيق جهود مكافحة كورونا وتحديد الحالات الحرجة وتخصيص توزيع الإمدادات، وتحديد اللوائح المتعلقة بالأوبئة مثل حظر التجوال التي فرضت بشكل عشوائي وتحظى بالتزام ضعيف.
ويحض الباحثان كل طرف على اتخاذ مبادرة إنسانية إضافية. فعلى سبيل المثال، على شرق ليبيا أن يسمح بتدفق كمية محدودة ومتفق عليها من النفط من أجل تقديم الدعم المباشر لمكافحة فيروس كورونا. وفي المقابل، يوافق غرب ليبيا على دخول الإيرادات المخصصة من النفط إلى البنك المركزي تحت إشراف صارم من الأمم المتحدة ويتم صرفها وفقاً لتوجيهات المركز الوطني لمكافحة الأمراض على أساس الحاجة والإنصاف.
ويختتم تقرير المجلة الأمريكية قائلاً: "على هذا النحو وبعيداً عن الإدانات الحادة أو المطالب المبالغ فيها، يمكن أن تشهد ليبيا التي مزقتها الحرب تحسناً في مكافحة وباء كورونا، وبمجرد أن يبدأ التعاون، فإن آفاق وقف إطلاق النار سوف تتحسن بشكل ملحوظ. ومع بعض الحظ والنوايا الحسنة، ربما تؤدي الحاجة إلى محاربة عدو فيروسي مشترك إلى توقف صراع داخلي استمر لفترة طويلة جداً".