محمد بلوط- الحكومة خط أحمر وتدابير مالية تتعامل مع سعر السوق.. ماذا يقول الخبراء؟

  • شارك هذا الخبر
Saturday, April 4, 2020

لم يسجل ميزان كورونا في الايام القليلة الماضية تغييراً يذكر، وبقي هذا الوباء مضبوطاً نسبياً. لكن ميزان الازمة الاجتماعية والمعيشية المستفحلة آخذ بالارتفاع بطريقة جنونية ومخيفة تهدد اللبنانيين وتلاحقهم في ظل عجز واضح في التعامل مع تداعيات هذه الازمة التي تضاعفت مع فيروس كورونا.

وبينما انشغلت الحكومة في الساعات الماضية بالترتيبات الخاصة باعادة اللبنانيين من الخارج اعتبارا من يوم غد الاحد، بقي اللبنانيون المقيمون المحجورون في منازلهم عرضة لمخاطر الشح والجوع بسبب الشلل شبه الكامل الذي طاول مرافق الحياة وزاد من الازمة الاقتصادية والمالية وبالتالي من دائرة الحالة الاجتماعية والمعيشية المتردية.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة فإن الحكومة، التي طوت صفحة التعيينات حتى اشعار اخر بسبب تفادي نتائج المحاصصة السياسية، تسعى الى التسريع في انجاز خطّتها الاقتصادية والمالية علها تتمكن من توفير ورقة تستند اليها في محاكاة الهيئات المالية الدولية للحصول على الحد الادنى من المساعدات والدعم المالي في هذه المرحلة.
وتضيف المعلومات ان هذه الخطة تلحظ انفتاح لبنان على التعاطي وطلب المساعدة من هذه الهيئات ومن بينها صندوق النقد الدولي. لكن وفق «شروط مقبولة» تتلاءم مع مصلحة لبنان ومع حماية الفئات محدودة الدخل والفقيرة.
وحسب مصدر وزاري فإن «الشغل ماشي على الخطة» لكن التطورات التي استجدت بعد ازمة وباء كورونا فرضت نفسها وأدت الى نوع من التأخير في انجازها، ويؤمل ان نتمكن في اسرع وقت من انهائها وفق القواعد التي وردت في البيان الوزاري.
من جهة اخرى، ابدت اوساط رئيس الحكومة حسان دياب ارتياحها لردود الفعل على موقفه في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة وسحب ملف التعيينات المالية. واكدت ان هذه الخطوة لا تعني وضع هذا الملف على الرف بل اعادة التعامل معه بعيداً عن المحاصصات السياسية التي نبذتها وتنبذها الحكومة منذ ولادتها.
واملت الاوساط في ان يتعاطى الجميع، من هم في الحكومة وخارجها، مع التعيينات وفق قاعدة وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بعيدا عن الحسابات الفئوية الضيقة.
والمعلوم ان حزب الله لعب دوراً اساسياً في اتخاذ مثل هذه الخطوة التي كادت تحدث اهتزازاً وتهدد بأزمة حكومية.
وقالت مصادر مطلعة في هذا المجال ان الاتصالات التي جرت قبل الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء اسفرت عن تفاهم غير معلن بين كل مكونات الحكومة على وضع هذا الملف جانبا في الوقت الحاضر باعتبار ان لا بد من الحفاظ على الحكومة ووحدتها رغم التباينات والخلافات التي تظهر فيها بين حين وآخر.
واضافت المصادر ان ما جرى في جلسة مجلس الوزراء كان محصلة هذا الموقف الجامع ولم يكن على حساب او موضع رفض او انتقاد من اي طرف فيها بدليل ان نواباً محسوبين على بعض هذه الاطراف رحبوا بالخطوة ورأوا فيها انها كانت في محلها.
ورأت هذه المصادر ان لا مجال للرهان على تفاقم الخلافات بين مكونات الحكومة، باعتبار ان هناك قرارا موحداً بالحفاظ عليها خصوصاً في هذه المرحلة الخطرة والصعبة التي تمر بها البلاد.
واشارت في هذا المجال الى ان ما حصل بقي في اطار التباينات تحت سقف بقاء وديمومة الحكومة، وان سحب ملف التعيينات قطع الطريق على القوى المعارضة المتربصة بها.
وخلصت المصادر الى القول ان اسقاط الحكومة او سقوطها هو خط احمر لا يمكن تجاوزه او المس به خصوصاً في هذا الظرف الخطر والصعب.
والبارز امس التعميمان اللذان اصدرهما مصرف لبنان، الاول يقضي بالسماح لأصحاب الودائع التي تقل عن خمسة ملايين ليرة او 3 الاف دولار او ما يوازيها بالعملة الاجنبية مهما كان نوعها او آجالها بسحبها بالليرة اللبنانية، بسعر الدولار في السوق والذي تحدده المصارف يوميا. ويعمل بالقرار لمدة ثلاثة اشهر.
اما الثاني فيقضي بإنشاء وحدة خاصة في مديرية العمليات النقدية في مصرف لبنان تتولى التداول بالعملات الاجنبية النقدية سيما بالدولار الاميركي وفقاً لسعر السوق، وانشاء منصة الكترونية تشمل كلاً من مصرف لبنان والمصارف ومؤسسات الصرافة، ويتم من خلالها الاعلان عن اسعار التداول بالعملات الاجنبية سيما بالدولار، ويعمل بالقرار لمدة 6 اشهر.
واكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه «ان وحدة التداول بالعملات النقدية الاجنبية الجديدة لدى المركزي ستختار التجار الذين تعمل معهم، وستعمل في اوراق النقد بسعر السوق وستقوم بالشراء والبيع، وسيتم الابقاء على سعر الربط الرسمي اللبناني في تعاملات البنوك والواردات الضرورية.
ووفقاً لخبراء اقتصاديين فإن التعميمين اللذين اصدرهما مصرف لبنان امس يحملان في مضمونهما اعترافاً واقراراً «رسمياً» ضمنياً بسعر الدولار في السوق السوداء، وربما يساهمان في الوقت نفسه في مرحلة ارتفاعه المخيف حيث قارب الثلاثة الالاف ليرة للدولار الواحد اذا ما تيسر في السوق.
وبالنسبة للتعميم الاول المتعلق بالسماح للمودعين الذين لا يتعدى حسابهم الخمسة الملايين ليرة او الثلاثة الالاف دولار بسحب ودائعهم بالليرة بسعر السوق وفق ما تحدده المصارف يومياً فإنه يساعد اصحاب هذه الودائع على تحرير هذا المبلغ الصغير لمواجهة اعباء المعيشة لشهر او شهرين وفي الحد الاقصى لثلاثة اشهر في ازمة وباء الكورونا والشلل الذي تعيشه البلاد. لكنه بطبيعة الحال لا يحل مشكلة تحكم المصارف بالودائع عموماً وبصغار المودعين الاخرين الذين يعتمدون على اموالهم المجمدة في البنوك حتى اشعار آخر. كما ان التعميم المذكور يتجاهل كلياً استمرار مصادرة المصارف لهذه الودائع بطريقة او باخرى ووقف سحب اي مبلغ بالدولار.
ووفقاً للتعميم ايضاً فإن البنوك لا تتحمل فروقات السعر لسحب هذه الودائع الصغيرة موضوع التعميم بين السعر الرسمي وسعر السوق بل يتحملها مصرف لبنان. وهذا يعني بوضوح ان التعميم يمتص نقمة اصحاب هذه الودائع الصغيرة لكنه في الوقت نفسه لا يمس المصارف والارباح التي جنتها وتجنيها.
ويبقى السؤال المطروح : الى متى تبقى المصارف تتحكم بمصير الودائع؟ وكيف يمكن حماية هذه الودائع وحقوق المودعين الصغار قبل الكبار؟
اما بالنسبة للتعميم الثاني المتعلق بانشاء مصرف لبنان وحدة خاصة في مديرية العمليات النقدية تتولى التداول بالعملات الاجنبية النقدية لا سيما بالدولار الاميركي وفقاً لسعر السوق فإن القصد منه تأمين العملات الاجنبية لحاجات الاقتصاد الوطني، لكنه في الوقت نفسه يشكل اعترافاً ضمنياً بسعر سوق السوداء ويحجب هذا الحق عن المودعين بالعملة الاجنبية في المصارف.
وبشأن انشاء منصة الكترونية تشمل كلاً من مصرف لبنان والمصارف ومؤسسات الصرافة للاعلان عن اسعار التداول بالعملات الاجنبية لا سيما الدولار، فان الغاية من ذلك ضبط سعر سوق السوداء من ناحية واشراك هذا الثلاثي المصرفي في العملية المذكورة.
على صعيد آخر، تبدأ غدا عملية اعادة اللبنانيين من الخارج في مرحلتها الاولى من دول خليجية وافريقية وهي السعودية والامارات ونيجيريا وساحل العاج كما اعلن وزير الخارجية ناصـيف حــتي في حديث له امس.
واكد حتي ان فريقاً طبياً سيكون على متن كل طائرة يواكب عودة المغتربين، لافتاً الى انه تم الاتفاق على وجوب اجراء فحص مخبري لكل من يريد الصعود الى الطائرة، يشير الى ان حالته سليمة، وعندما يصل الى بيروت سيخضع لفحص مخبري آخر في مطار بيروت، فاذا ثبتت اصابته ينقل الى المستشفى واذا كان وضعه الصحي سليماً (من الكورونا) ينقل الى الحجر الصحي.
وسجل الاف من المغتربين اسماءهم للعودة الى بيروت، وهناك مشاكل وعقبات تواجه العديد منهم بسبب ارتفاع تذكرة السفر خصوصاً من البلدان البعيدة وعدم توافر الاموال لديهم لتغطية اسعار التذاكر والاقامة في وطنهم في هذه الظروف الصعبة.
واصدرت شركة طيران الشرق الاوسط بياناً اوضحت فيها انها تبيع التذاكر بسعر الكلفة، مشيرة الى ان الطائرة ستذهب الى اي بلد من دون ركاب وستعود بنصف العدد وهذا ما يجعل كلفة التذكرة اربعة اضعاف.