زياد العسل - الديمقراطية التوافقية وحكاية الأول من نيسان

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, March 31, 2020

يوصف النظام السياسي في لبنان بأنه نظام تحاصصي وفقا لاتفاق الطائف الذي نقل لبنان لما يعرف بالديمقراطية التوافقية التي انتهجها ساسة الكيان والتي تقوم على ثقافة تقاسم الجبنة اللبنانية بين هذه التيارات والأحزاب ,من منطلق طائفي مذهبي ومناطقي ,والمضحك المبكي في هذه الثقافة المستجدة في العمل السياسي أنها تتيح لكل تيار أو حزب أن يرمي فشله على الفريق الآخر ,فالجميع على صواب والكل على خطأ ,والكل يريد لبنانه الذي يرى من خلاله بوصلة الخلاص ,وهذا ما يحدث في حالات الخصام السياسي , فاذا توافقوا تقاسموا الحصص والجبنة اللبنانية ,واذا اختلفوا على أي تفصيل وضعوا لبنان أمام الفتن الطائفية والمذهبية وأماكن لا تحمد عقباها.

هذا المفهوم يعيده البعض لضرورة التوافق بين المكونات الطائفية والمذهبية تبعا للنظام اللبناني لقيادة البلاد دون أن يستثنى أحد من اللعبة السياسي وهكذا يستمر التكاذب السياسي ومبدأ (مرقلي تمرقلك ) على المقولة اللبنانية ,وهذا ما أدى الى الحالة الهشة في شتى القطاعات والوضع المزري والإفلاس الكبير الذي يعيشه لبنان واللبنانييون ,نتيجة لغياب الشفافية والمحاسبة وسياسات الترقيع لإرضاء هذا الفريق أو ذاك ,وهكذا دواليك في كل المؤسسات والإدارات ,فلا قيمة لمتعلم ومثقف ومفكر إلا في سياق الإنتماءات الحزبية الضيقة والسياق التحاصصي بين الشركات اللبنانية المساهمة في بناء الدولة,فان بحثت في مفهوم الديمقراطية تدرك أنها مشتقة من كلمة ديموس كراتوس اليونانية أي أن الشعب مصدر السلطة ,فلا يمكن لمقولة كهذه أن تجمع ما بين مصطلح التوافق والديمقراطية، فالبعد بينهما بعد الشرق عن الغرب ,ولكنهما اجتمعا في قاموس السياسة اللبنانية الإعجازية في شتى الميادين والمراحل التارخية

البديل عن هذه المفهوم الإستثنائي في تاريخ السياسة هو أن يكون هناك أكثرية تشكل حكومة وأقلية تمارس فعل النقد والمعارضة , لا التكاذب والمجاملات على حساب مسيرة وطن وشعب , وبدون ذلك لا يمكن لأوطان أن تقوم

ثمة علاقة وطيدة بين الأول من نيسان عيد الكذب كما يسمونه والديمقراطية التوافقية ,وأعتقد أن الإحتفال بهذا المفهوم يجب أن يتم في الأول من نيسان من كل عام , لأنها ذكرى تليق بمفهوم قائم على الدجل السياسي فكيف يمكن لتيارات وأحزاب تختلف في العقيدة والأيديولوجيا والرؤية أن تجتمع وتبتسم على طاولة واحدة ,مع توزيع ابتسامات هنا وهناك وتأكيد على أهمية العيش المشترك والوحدة الوطنية والعمل لبناء الدولة ,فالأجدى والأهم اليوم أن يكرس الأول من نيسان عيدا للديمقراطية التوافقية ,وأن يسجل هذا اليوم كيوم تاريخي باسمها ،كيف لا وهي أجمل الكذبات المنقمة في تاريخنا السياسي ,والتي يجب أن تدرس في كليات العلوم السياسية في العالم ,في فصل الغرائب والعجائب وأن يكتب أسفل تلك الصفحات : صنع في لبنان,في الأول من نيسان!