روي حرب- سنعود بعد قليل...

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, March 25, 2020




"كيف أقفلتم كنائسنا ومساجدنا؟"، "كيف نعيش إن أقفلت متاجرنا؟"، "كيف نحيا بدون ممارسة الرياضة؟"، "لا أستطيع ان أحتمل المنزل، أريد الخروج"... وغيرها الكثير من العبارات التي نسمعها تتردّد كلّ يوم، بلهفة وحرقة وأسى...

ولكن من يردّدها؟ هل هم فعلًا المؤمنون والتجّار والرياضيّون وروّاد المقاهي والملاهي الليليّة؟

هل كانت كنائسنا تغصّ كلّ أحد بالمؤمنين؟ ألم نناشد مرارًا شعبنا للعودة إلى الإيمان كما الإبن الضال؟ هل كانت مساجدنا تغصّ حقًّا بالتقوى، وهل من يؤمّ المصلّين كان مستحقًّا لهذه المهمة؟

هل كانت عجلة الحياة الإقتصاديّة طبيعيّة؟ ألم تكن متاجرنا ومؤسّساتنا مقفلة وإن كانت أبوابها مفتوحة؟ هل كنّا نفرح حقُّا في سهراتنا؟ ألم نشتكي يومًا من التعب والملل؟

أم أنّنا نطبّق مقولة "كل شي ممنوع مرغوب؟" فمتى فُرضت علينا التعبئة العامة والتزام المنازل، أحبَبنا عندها اختراع أوهام الحياة الطبيعيّة التي ما كنّا نعيشها أصلًا؟!

فإن اردنا التفكير بإيجابيّة نجد أنّ نسبة التلوّث قد اضمحلّت بشكل ملحوظ، وأنّ العلاقات الأسريّة توطدت أكثر، والصداقات تعمّقت، وحوادث السير خفّت وتيرتها، والشباب أصبح اكثر نضجًا ومسؤوليّةً والتزامًا بمجتمعه، وربّما اكثر انسانيّة.

وقد رأينا الصليب الأحمر اللبناني في أبهى حلّة مستعدًّا لمواجهة خطر "كورونا" المستجدّ، بطريقة اندفاعيّة ومجّانيّة، وشاهدنا حملات التبرّع عبر شاشات التلفزة دعمًا لهم وللمستشفيات الحكوميّة، وقد تبيّن جليًّا وتظهّر واضحًا بأنّ الشعب اللبناني بات يولي ثقته لأشخاص أثبتوا كفاءتهم المهنيّة ونزاهتهم العمليّة والشخصيّىة أكثر ممّا يوليها إلى القطاع العام، وهذا أمر يدلّ على ضرورة التغيير في الأداء العام كي تستعيد الدولة سطوتها ووقارها، لأنّه مهما علا شأن القطاع الخاص فهو لا يستطيع أن يكون بديلًا لأيّ دولة أو منظومة رسميّة.

شكرًا "كورونا" لقد تعلّمنا منك حسّ التضامن والإنسانيّة، وعرفنا أخطاءنا فعسانا نبدأ بمسيرة التصحيح بعد انتهاء زيارتك "غير المرحّب بها".
إنّها استراحة المراحب في كوننا... سنعود بعد قليل...

#خدوني_ع_قد_عقلاتي (مقال اسبوعي)
روي ج. حرب