الغارديان- في حماية الموتى

  • شارك هذا الخبر
Saturday, March 14, 2020

نشرت الغارديان تقريراً بعنوان "السوريون الذين طاردتهم الحرب، العائلات تتخذ من أرض الأموات ملجأ لها"، كتبه مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط مارتن تشولوف من إدلب، يتساءل فيه هل يمكن للمدنيين الذين هربوا من إدلب أن يتحملوا المزيد، معتبراً أن السوريين الذين تعودوا على أن يصبحوا نازحين على أرضهم، يبدو أنه لم يعد أمامهم سوى الاستسلام للمصير القاسي الذي قد يتربص بهم.

تجول تشولوف في المناطق التي لجأ إليها النازحون من إدلب وريفها عقب التقدم الذي حققته القوات الحكومية السورية المدعومة بالطائرات الحربيىة الروسية.

يقول تشولوف "وسط الشتاء العاصف الذي شهدته المنطقة الشهر الماضي، نصب مهدي البعيج خيمته على حافة مقبرة، آملاً أن يرتاح أخيراً من الحرب التي طاردته هو وعشيرته في جميع أنحاء محافظة إدلب، وطوال ست سنوات لا يمكن تحملها".

ويضيف "كانت مياه الفيضان متجمعة في بركة قريبة والبرد القارس مخيم على السهول في المكان الذي استقرت فيه أسرة مهدي. لقد تعودوا على أن يكونوا منفيين على أرضهم، لكن هدت قواهم بسبب النزوح المتكرر، إنها المرة الخامسة التي يضطرون فيها لترك كل شيء والهرب من القصف ونيران المعارك. وهم يتمنون ألا يضطروا لترك المكان مرة أخرى، حتى وأن كان ذلك يعني أن يدفنوا حيث هم".

يقول تشولوف إن أربعة قبور جديدة تم حفرها في المقبرة، لكن جثث أصحابها لم تصل، وإنما دفنت حيث قتلت، ولكن حتى مع سريان الهدنة، فلا بد سيتم شغل القبور قريباً.

ويتحدث تشولوف عن الأوضاع الكارثية التي يعيشها النازحون القادمون من إدلب وريفها، والكثير منهم تنقلوا عبر أماكن عديدة في سوريا قبل أن ينتهي بهم المطاف محاصرين في البقعة الأخيرة التي تسيطر عليها المعارضة.

فالمحظوظون فقط يعثرون على بقايا دور أو مبان مهجورة يلجأون إليها. أما إيجاد مكان في مخيمات اللاجئين الرسمية، حيث يتوفر قدر من الرعاية الصحية والأغطية والبطانيات أمر بمثابة الحلم، فمعظمها لا يستطيع استيعاب المزيد بعد الحرب التي اجتاحت المدن والبلدات، وأفرغتها من سكانها في أواخر فبراير/شباط، بعد أن دمرت الطائرات الحربية الروسية كل ما حلقت فوقه، ممهدة الأرض للقوات الحكومية السورية للتقدم باتجاه الشمال".

ويصل تشولوف في جولته إلى أريحا ويقول "داخل أريحا، كان المستشفى الرئيسي في البلدة مدمراً، فقد قصفته طائرة حربية قبل أسبوعين. آثار الدم الجاف لا تزال واضحة على أرضية الممرات، والأجهزة الطبية والأدوات أصبحت قطعاً متناثرة وسط أنقاض غرفة العمليات المدمرة".

ويمضي تشولوف قائلاً "في الحقول الموحلة بالقرب من الحدود التركية، توقفت الأحاديث عن الثورة والانتفاضة، منذ فترة طويلة، وأخذ مكانها الواقع الملح في البحث عن سبيل للبقاء والنجاة".

ويتحدث الكاتب عن أجواء اليأس المسيطرة، وينقل عن أن أحد النازحين الذين قابلهم، واسمه صالح بنيشي قوله "عشنا هذا الأمل الزائف لبعض الوقت"، ثم يضيف "هل هو أمر كثير الأمل بأن يطلب العالم من الأسد والروس التوقف؟".

ويتابع تشولوف وصف ما يشاهده في جولته قائلاً "على الطريق الذي يمر أمام مقر مهجور للجهاديين، ومع اقتراب الشتاء القاسي من نهايته، كانت هناك شجرة لوز وحيدة طويلة مغطاة بأزهار بيضاء، قال لي أحمد (أحد النازحين): ربما تكون هذه إشارة لسنة جيدة قادمة، لقد كان أجدادنا يعتبرونها فألاً حسناً".

"لكن إلى الشمال قليلاً"، كما يتبع تشولوف "بالقرب من المقبرة، قال لي شاب اسمه عبد الرحمن، ولا يتجاوز عمره 19 سنة: لم أعد أؤمن شيء. وأشار إلى شواهد القبور، وأضاف: هؤلاء أفضل الناس الذين أعرفهم. لا أحد منهم يزعجنا".