خاص- لبنان بين الانتحار والازدهار

  • شارك هذا الخبر
Thursday, March 5, 2020

خاص- الكلمة أونلاين


ثلاثة أيام تفصلنا عن الموعد الذي ستعلن فيه الحكومة اللبنانية موقفها من ملف استحقاق سندات اليوروبند سواء بالدفع او بالتخلف، وان و المبلغ المتوجب دفعه في استحقاق ٩ آذار المقبل هو مليار ومئتين مليون دولار منهم ما يقارب السبعمائة مليون دولار للخارج والباقي هو للداخل اللبناني اي ما يقارب خمسمئة مليون دولار سواء للبنك المركزي او للمصارف.

أيام قليلة يمكن ان تنقلب الطاولة رأس على عقب، تنتهي فيه صورة لينان الكبير الذي لطالما حافظ على سمعته ومكانته المالية الدولية والتزامه بدفع استحقاقاته.

وبشكل سريع ستتحول صورة لبنان الى صورة اشبه بكوريا الشمالية او فنزويلا او الدول التي تشبههما، وقد يكون اللبنانيون على موعد مع اسوء كابوس في تاريخ حياتهم في حالة تخلفت الدولة عن تسديد استحقاق سندات اليوروبند في ٩ آذار المقبل للأسباب التالية:

أولا :ان النظام المالي الداخلي الخاص بسندات اليوروبند واضح، في حل تخلفت الجهة المستدينة عن السداد في الوقت المحدد، يتوجب على الجهة المستدينة دفع كافة السندات مع الفوائد.

ثانيا: ان اصحاب السندات يحق لهم ومن خلال محاكم نيويورك الحجز على كافة ممتلكات الدولة من الاحتياط في الخارج والمقدر بخمسئة وعشرين مليار دولار، اضافة الى الذهب الموجود في نيويورك وسويسرا واخطر من الحجز انهم يستطيعون التنفيذ والتصرف بعد صدور الحكم، اما الذهب الموجود في لبنان فانه بإمكانهم الحجز عليه ولكن دون التنفيذ، اضافة الى ممتلكات الدولة من شركات طيران وحجز اي باخرة تحمل مواد بترولية او مواد غذائية تقوم بشرائها الدولة، باستثناء ما يتبع للسلك الدبلوماسي في الخارج، والأخطر ان لبنان سيصاب بطاعون مالي، من خلال فقدن الثقة من كافة المستثمرين سواء المغتربين اللبنانيين الذين سيكتفون بإرسال بعض المساعدات البسيطة لاهاليهم، او غيرهم من المستثمرين العرب والأجانب، وفي تقرير نشرته وكالة رويترز ، اعتبرت فيه ان لبنان من بين 5 دول فقط لا تستخدم بنداً قانونياً يتيح لها الحماية من الدائنين خلال التفاوض على إعادة الهيكلة.

محفظة لبنان من اليوروبوندز تقارب الـ 30 مليار دولار، من بينها نحو 15 مليار دولار، تم إصدارها من دون شرط التفاوض الجماعي- أي أكثر من أي بلد آخر، وفقاً لتقرير من صندوق النقد الدولي. ومن هذه الثغرة تدخل صناديق التحوط.

فهذه الصناديق تشتري السندات عندما تنخفض بشكل حاد، بخلاف البنوك والمستثمرين الذين اشتروها بسعر قريب من قيمتها الاسمية. وتبدو مهمتها سهلة الآن في ظل تراجع أسعار السندات اللبنانية الدولارية إلى أقل من نصف قيمتها الاسمية.

وهنا تختلف المصالح، فصناديق التحوط مصلحتها الاستمرار بالنزاع القضائي حتى النهاية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، بينما الآخرون مصلحتهم في الاتفاق على إعادة هيكلة توافقية للحد من الخسائر. وفي هذه الحال تستطيع صناديق التحوط عرقلة التفاوض.

من هنا فانه في حال تم الدفع، فان الأمور ستسير باتجاه مصلحة لبنان من خلال جدولة جديدة للسندات، وهناك ما يقارب العشرة مليار دولار ستعود للبنان، وعشرين مليار يمكن التفاوض عليها مع الدائنين من موقع القوة للأسباب التالية:

أولا : ان ممتلكات لبنان ٢٥ مليار دولار في البنوك الخارجية و١٥ مليار من الذهب، فيصبح المبلغ ٤٠ مليار ، وإذا اعتمد الدولة الخصخصة للعديد من القطاعات مثل معظم الدول التي لديها اقتصاد حر سيزيد الدخل بين ١٠ مليار الى ٢٠ مليار، فصيح المجموع الذي تمتلكه الدولة هو بين ٥٠ مليار الى ٦٠ مليار، ومن هنا فعندما تمتلك الدولة مبلغ ٥٠ مليار وتفاوض على ٢٠ مليار فستستطيع ان تفاوض من منطق القوة مع فوائد قليلة وطويلة الأجل.

وإذا وصلنا الى هذا الوضع فعندئذ يمكن إعداد موازنة متوازنة وكاملة دون عجز حتى مع خدمة الدين، وبصورة خاصة اذا تم إيقاف الهدر والفساد.

حسب معظم المراقبين الدوليين، فان مشكلة لبنان ليست فقط موضوع الفساد الذي هو جزء أساسي من مشكلته إنما الأخطر هو الكيدية السياسية بين الأطراف، والأنانية التي تتحكم بعدد كبير من المسؤولين الذين يضعون مصالحهم الخاصة فوق اي اعتبار، على قاعدة "فلينتحر لبنان وابقى أنا"، او كما يقول المثل "من بعدي الطوفان"، وهذا اصبح واضحا لمعظم المراقبين والمهتمين بالساحة اللبنانية، فعلى سبيل المثال، فهناك من يشن حملة شرسة ضد حاكم المصرف المركزي مستخدما كل الأساليب الشعبوية والتحريضية ظاهرها مصلحة البلد وحقيقتها توظيف احد اشقائه! وآخر يطرد من عمله المصرفي، فيتحول الى عدو يسعى الى تدمير كل القطاع المصرفي، مستغلا عواطف الناس التي لم تعد تستوعب أين هي مسؤولية الدولة واين هي مسؤولية القطاع الخاص، ومعظم المراقبين يؤكدون ان ما تشاهده على الساحة اللبنانية، لجهة المؤيدين لعدم دفع الاستحقاقات المتوجبة ومنها استحقاق اليوروبند في ٩ من الشهر الجاري، هم شخصيات استفادوا كثيرا من قروض كبيرة، وهي تسعى لتدمير القطاع المصرفي بهدف انها الفرصة للتخلص من تسديد ديونهم للمصارف، وأحيانا قد يكون لبعض الشخصيات التي لها حضورها السياسي او الشعبي وهي تعمل مع الشركات الخارجية التي تدفع لبنان اتجاه الإفلاس، من اجل وضع اليد على الاحتياطات مقابل الحصول على أموال من هذه الشركات، ويختم المراقبين انه من المؤسف القول ان المسؤولين في لبنان هم غير قادرين على ادارة الازمة للخروج منها، لانهم لا يتصرفون كرجال دولة، بل كرجال عصابات او مافيات.