الازمة الاقتصادية وكيفية المساهمة في حلّها... بقلم صونيا ابراهيم عطية
شارك هذا الخبر
Monday, February 24, 2020
كتبت المحامية صونيا ابراهيم عطية مقالا تحت عنوا :"الازمة الاقتصادية وكيفية المساهمة في حلّها"، وقد نشر في جريدة النهار في تاريخ 28 آذار 2002 تحت عنوان : "أيها الاثرياء أقرضوا الدولة"، وجاء فيه :
واني أرى لمعالجة الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان شقين ، شق لبناني وآخر عربي . أولا : في الشق اللبناني وهو ذو وجهين : الاول شأن حكومي : وهو الاساس لكل حلّ ودونه لا أمل بأي حلّ . أن تعمل الحكومة على استعادة ثقة المواطنين والمستثمرين من لبنانيين وأجانب وذلك يُختصر بالعمل على وقف الهدر وقطع دابر الفساد ورفع اليد عن القضاء ،
وان تبادر أولا وقبل ان تفرض الضرائب على المواطنين الى تحصيل ديون الدولة من كهرباء وتعدّيات على الاملاك العمومية البحرية منها والنهرية وما شاكلها ، الى آخر السبحة.
الثاني : شأن المواطنية اللبنانية تجاه الوضع المتأزم كان لا بدّ للدولة ان تلجأ الى الاستقراض . والاستقراض من الخارج يُحتم على الدولة فرض ضرائب جديدة على المواطنين كي تتمكن من الايفاء . والضرائب بمعظمها ضرائب مباشرة تطال الطبقتين المتوسطة والفقيرة اكثر مما تطال اصحاب الثروات،الامر الذي يرهق كاهل المستهلك ، الذي بدوره يصبح في حالة عجز وانكماش تؤثر على قدرته الاستهلاكية وبالتالي على الانتاج بوجه عام فيُشلّ الاقتصاد ، وهكذا دواليك . فالاقتصاد اللبناني اصبح يدور في حلقة مفرغة وعلى حافة الانفجار . هنا لا بدّ أن نلفت الى ان تدهور اقتصاد بلد يؤثر سلبا على قيمة الثروة فيه .
مثلا : إن تفاقم الازمة في لبنان لا بدّ أن يؤول الى انخفاض بدلات الايجار فيه وبالتالي الى انخفاض قيمة الابنية فالى خسارة اصحاب الأملاك جزءا يسيرا من ثرواتهم .
لذا أرى أنه يتوجب على اصحاب الثروات ان يساهموا مساهمة فعالة في حل الازمة الاقتصادية التي تهدد ثرواتهم وتعمل على اذابتها، وما الحل ّ الا بان تفرض الدولة ضريبة املاك نسبية أو تصاعدية أو أن تلجأ الى الاستدانة من اصحاب الثروات لقاء سندات تسدد على أمد طويل ،عشر سنوات مثلا . فاذا ساهم اصحاب الثروات بعشرة بالمئة من ثرواتهم مثلا يبقى لهم منها تسعون بالمئة . اما اذا استمرت الازمة وتفاقمت وانهار الاقتصاد كليا ، وهذا ما نخشاه ، فان المئة التي يملكونها يصبح ثمنها اقل من ثلاثين ، وان عرضت للبيع لا تجد من يشتريها حتى بالثلاثين. فالى اصحاب الثروات أقول : ساهموا بجزء من اموالكم ضريبة للدولة او قرضا لها وأعيدوا الى البلد ازدهاره ، فالازدهار يزيد قيمة ثرواتكم اضعافا وبنسبة تزيد حتما عن الجزء الذي ساهمتم به . وبذلك تحافظون على ثرواتكم وتساهمون في حلّ أزمة بلدكم وتقوا مؤسساته شرّ الافلاس. وأتوجه الى الحكومة فأقول : ان الاقتراض الداخلي هو أفضل الوسائل للخروج من الازمة .
ثانيا : في الشق العربي ان حل ّ الازمة الاقتصادية في لبنان وان يكن همّاً لبنانياً فهو واجب عربي . فعلى الدول العربية ان تساهم ماديا في حلّ الازمة الاقتصادية بمقدار ما تحمّل لبنان عنها من مآس وويلات ، وما تكبد من خسائر مادية ومعنوية في سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية والتصدي للعدوّ الاسرائيلي . ونلفت الى ان الالتزامات العربية التي هي بحدود الملياري دولار لا تفي بالمتوجب والمطلوب. فكون لبنان خط المواجهة الاول ، لا بدّ ان يتعافى كي يتمكن من متابعة الدفاع عن قضية العرب والتصدي للعدوّ الصهيوني المتربص بلبنان وبالدول العربية كافة . اما القول بان المساعدات العربية غير واردة لان دول الخليج تعاني عجزا في موازناتها (والقول للامير الوليد بن طلال ) . ان هذا القول لا يستقيم لان العجز في موازنة اي بلد هو امر عادي ومألوف اذا كان وضع البلد الاقتصادي العام سليماً . اما وجود بلد على حافة الانهيار فأمر آخر . لكل ذلك نرى : - ان الحكومة اللبنانية مطالبة بالقيام بالاجراءات اللازمة لاستعادة الثقة التي فقدتها. - واللبنانيون مطالبون بان يعوا مسؤولياتهم تجاه وطنهم وان يحرصوا على ممتلكاتهم وعلى مقدرات بلدهم . - والدول العربية مطالبة بأن تؤازر بعضها بعضا .
من يقرأ هذا المقال يجد أن الأزمة المالية هي ذاتها مستمرة ومتفاقمة حتى بلغت حدها الأقصى اليوم . لكن الملفت في المقال هو ما اقترحته الكاتبة من سبل لإيفاء الدين والخروج بحلول للأزمة تصب في مصلحة لبنان وفي مصلحة مقرضيه على السواء .